٠٢‏/٠١‏/٢٠١٧، ١:٥١ م

استاذ دراسات آسيا والشّرق الأوسط في جامعة دوك الأميركيّة

البروفيسور أميد صفي: تواجد الجماعات المتطرفة يعود إلى عوامل جيوسياسية

البروفيسور أميد صفي: تواجد الجماعات المتطرفة يعود إلى عوامل جيوسياسية

اعتبر استاذ الدراسات الآسيويّة والشّرق الأوسط في جامعة دوك الأميركيّة أن التّطرف في منطقة الشّرق الأوسط يعود إلى عوامل جيوسياسيّة مؤكّدًا على وجود علاقة واضحة بين تنظيم "داعش" والفكر الوهابي الّذي تبنته السّعوديّة.

وأجرت وكالة مهر للأنباء حوارا مع الخبير بالشؤون الآسيويّة والشّرق الأوسط في جامعة دوك الأميركيّة البروفيسور أميد صفي شدّد فيه على أن ظهور المجموعات المتطرفة لا يمت بصلة الى الفقر و التهميش  معتبراً أن تشكيل منظمات ارهابية كداعش يعود في الأساس إلى عوامل أخرى جيوسياسيّة وتاريخيّة واشار الى وجود علاقة واضحة بين هذا التنظيم والفكر الوهابي الّذي تتبناه السّعوديّة. وفيما يلي نص الحوار:

ذكرت سابقاً في مقال لك أن التجاذبات في العالم الإسلامي ليست بسبب الصراعات الإيديولوجيّة وانما هي لأسباب أخرى جيوسياسيّة. هل بإمكانك أن توضح وجهة النظر هذه؟

نجد في معظم الدّول الإسلاميّة مختلف أنواع الصراعات المتّصلة بالقضايا الجيوسياسيّة. فنحن نرى تحالفا يجمع ايران وروسيا وسوريا في كفة، وتحالفا آخر يضم تركيا والسعودية والولايات المتحدة في كفة أخرى على الرغم من التقارب التركي الأخير مع روسيا. لذا لا يمكن القول أن هذا الصراع هو مجرد صراع "سني-شيعي"، بل غالبًا ما يستند إلى عناصر جيوسياسية كتلك الموجودة في هذه التحالفات. كنت قد كتبت مقالًا حول هذا الموضوع السّنة الفائتة ويمكن الوصول إليها عبر الرّابط التّالي:

http://www.onbeing.org/blog/omid-safi-ten-ways-on-how-not-to-think-about-the-iransaudi-conflict/8315   

هل تعتقد ان ظهور مجموعات متطرفة مثل "داعش" يدعم نظريّة عالم علم الاجتماع، ماكس فيبر، الّتي تتحدث عن توسّع الإسلام عبر السّيف لتحصيل منافع دنيويّة؟ أو ربّما يجب أن نأخذ في عين الإعتبار بعض الانقسامات الداخلية في الإسلام واعتبار هؤلات الجماعات مجرد استثناءات؟

لا، أنا أعتقد أن هذه الجماعات هي جماعات أكثر تعقيدًا. هي تنتمي في الواقع إلى المجموعات التي تعتقد بالديانة العدميّة خلافًا للمسلمين الاوائل الذين سعوا إلى تشكيل دولة إسلاميّة. هم يهدفون في الحقيقة إلى مجرد القتل والدّمار دون أي مسار واضح لبناء دولة حقيقية. لا أرى أنهم يعتقدون بدين يهتم بامر دنيوي قصده ماكس فيبر، وبالتالي لا تهمهم الجوانب الاخروية للدين. في الحقيقة ما يجري هو نتيجة افراغ الدين من الرحمة والرأفة والفكر.

هل ترى أنّ نشأة المجموعات الإرهابية هي بسبب الفقر و تهميش الفئات المسلمة في المجتمعات الحديثة؟ هل يكون ذلك ردة فعل على رسملة وتسويق كل شيء في العالم؟

كلا على الإطلاق. لقد أصبح من المؤكّد عدم وجود علاقة مباشرة بين الفقر والتّطرّف الديني. أنا أفضل أن أرجعها إلى عوامل تاريخيّة وسياسيّة: فالمجموعات المتطرفة مثل داعش متأثرة بشكل واضح بالفكر الوهابي الذي تبنته السّعوديّة، وعلى مقلب آخر هناك فئة أخرى من الجهاديين يتم تسليحهم وتغذيتهم من قبل القوى العظمى التي تمتلك ترسانة هائلة من الاسلحة. وهناك اتهامات أخرى تُوَجَّه الى الأنظمة الغربيّة في هذا السّياق. فعندما غزت الولايات المتحدة العراق وأسقطت النظام البائد لصدّام حسين، احتلوا العراق دون أن يعيدوا إعمارها أو مجرّد أن يفهموا ولو بشكل بدائي مقومات البلد الّذي احتلوه. فقد طردوا الآلاف من الضباط والجنود البعثيين من الجيش والّذين لم يمتلكوا أي مخطط او أمل ليعثروا على وظائف، فتم تجميع هؤلاء العسكريين تحت رعاية تنظيم داعش. على هذا الأساس فأنت ترى بشكل واضح أنه لا يكفي إلقاء اللوم على الفقر أو على عوامل من جنس واحد. يجب الأخذ بعين الإعتبار مختلف انواع العوامل والظروف التّاريخيّة.

هل تعتقد أنه يمكن للمسلمين أن يتوحدوا؟ وهل يمكن أن تتم الوحدة على الرّغم من الإختلافات المذهبيّة بينهم؟

بالتأكيد. القوميّة تشكل تحدّيًا أساسيًّا، خصوصًا إذا جمعت إليها المصالح الجيوسياسيّة، والسياسة الغربيّة القائمة على مبدأ "فرق تسد". آمل أن تتم الوحدة وليس بمعنى التماهي، فتنوع المذاهب والآراء واختلاف القراءات عن الدين ليس امراً سلبيًّا بحد ذاته ، فلدينا الكثير الكثير ما نقدمه لبعضنا البعض لطالما رفضنا بعض السياسات الدّاخليّة وأغلب السياسات الخارجية التي تنادي بتفرق المسلمين.

في كلمة أخيرة بماذا تستطيع أن تصف رسالة النبي محمد إلى المسلمين والعالم؟

الرّحمة. فالرحمة فوق كل شيء. فالناس عندما تقتل آخرين الذين هم فعلاً ينتمون لأمة محمد، ويحبّون أهل بيته وأصحابه، هم في الواقع ينسون أن رسالة النبي في الواقع هي الرّحمة ليس لعالمنا هذا، بل لكل العوالم الموجودة والتي يمكن أن توجد في المستقبل وهذا ما تجسده الآية:"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين". فالنبي محمد هو نبي الرحمة والّذي يجسّد الصّفات الإلهيّة كالرحمة والرأفة. علينا أن نبدأ من هنا، وأن نراجع كل أفعالنا وأقوالنا ونطابقها مع مفهوم الرحمة والمحبة والرأفة والعدالة الّتي جاء بها النبي ونحاسب اعمالنا لنى انها تنطبق مع تعاليم الرسول أم لا. علّنا نستطيع أن نحمل هذه الصّفات لنبويّة العطرة ،ان شاءالله./انتهی/

أجرى الحوار: محمد مظهري

رمز الخبر 1868385

سمات

تعليقك

You are replying to: .
  • captcha