تاريخ النشر: ٢٥ أغسطس ٢٠٠٤ - ١٦:٣٥

شنت القوات الامريكية والعراقية منذ يومين هجوما مشتركا على مواقع الميلشيات المسلحة في النجف الاشرف استطاعت من خلاله التقدم باتجاه مرقد الامام علي (ع).

وكان وزير الدفاع في الحكومة العراقية المؤقتة حازم الشعلان قد اعلن ان الايام المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة لمدينة النجف لان امام افراد الميليشيات خياران اما الاستسلام او الموت.
وفي القوت ذاته اعلن افراد الميليشيات في النجف انهم على استعداد للتفاوض مع الحكومة المؤقتة لانهاء المواجهات المسلحة في مدينة النجف.
ومع ذلك فان الطرفين مصممان على حسم قضية النجف عبر اللجوء الى الاسلوب العسكري لان الحكومة العراقية المؤقتة رفضت بشكل قاطع اقتراح التفاوض.
ان ازمة مدينة النجف لها ابعاد اجتماعية واقتصادية وسياسية قبل ان يضاف اليها البعد العسكري , ولذلك فان الحكومة العراقية لايمكنها ان تحل هذه الازمة بشكل جذري عن طريق استخدام القوة العسكرية.
ان مدينة النجف الاشرف هي بلا ترديد احد المراكز السياسية الدينية للعالم الشيعي والتي تعرضت الى الهجوم عدة مرات ابان حكم نظام صدام البعثي المقبور.
فالعديد من علماء الشيعة المقيمين في مدينة النجف سعوا على مدى القرن الماضي الى الحفاظ على الدور المحوري للنجف بصفتها مركز الجهاد ضد القوى الاستعمارية والانظمة الدكتاتورية.   
ولهذا السبب فان القوى الاستعمارية حاولت القضاء على الدور السياسي والديني لمدينة النجف لوقوفها عقبة امام تحقيق مآربهم الاستعمارية.
ان زعزعة الاوضاع الامنية في مدينة النجف والذي دفع بعض الشخصيات الشيعية البارزة الى مغادرة المدينة , تندرج في اطار القضاء على مكانة هذه المدينة المقدسة.
فقصف المرقد الطاهر للامام علي (ع) كانت احد الاجراءات التي قامت بها قوات الاحتلال دون الالتفات الى النتائج الوخيمة لمثل هذه الممارسات.
ولكن هل مغادرة عناصر الميليشيات المسلحة من مدينة النجف سينهي الازمة المعقدة في هذه المدينة؟.
من المؤكد ان قوات الاحتلال والحكومة العراقية المؤقتة بامكانهما اخراج المسلحين من مدينة النجف ولكن نطاق الاضطرابات سيتوسع في نهاية المطاف ليشمل باقي المدن الشيعية في العراق مثل كربلاء والحلة والبصرة والعمارة والناصرية.
ان ازمة النجف ليست قضية بسيطة بالتاكيد لانه بعد مرور 17 شهر من احتلال العراق كان اداء قوات الاحتلال بشكل شعر فيه الشيعة بانهم معرضون للظلم والاضطهاد مرة اخرى.
ومن هذا المنطلق فان الشيعة رجحوا ان تكون لهم ذراعا مسلحه على شكل ميليشيات النجف لمواجهة المؤامرات التي من المحتمل ان يواجههوها في المستقبل.
ان شيعة العراق ومع انهم اناس مسالمين ولايميلون الى النزاع الا ان خوفهم من المستقبل الغامض ساقهم باتجاه النشاطات العسكرية.
ومع انه من الممكن ان تحل ازمة النجف بشكل مؤقت خلال الايام المقبلة عن طريق شن هجوم عسكري واحتلال الصحن الحيدري ولكن من المؤكد ان مستقبل العراق ينذر باحداث عديدة ستبرز على شكل تزايد العمليات الارهابية واتساع موجة الاغتيالات.
وفي هذه الحالة فان الاسلوب الوحيد للسيطرة على هذه الاحداث هو اجراء انتخابات حرة وتشكيل حكومة دائمة منبثقة عن ارادة غالبية الشعب العراقي , لان عدم الثقة بالمستقبل جعلت معظم الشعب العراقي ينتابه الخوف والاضطراب./انتهى/
                           حسن هاني زاده - خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء