دعا رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية محمود احمدي نجاد الى محاكمة المسؤولين عن الاحتلال الاميركي للعراق عام 2003 وتعويض الشعب العراقي عن الخسائر الكبيرة التي تسبب بها هذا الغزو.

وأفادت وكالة مهر للأنباء أن الرئيس احمدي نجاد قال في لقاء مع قناة العالم الاربعاء "انهم (الامريكيين) لم يقولوا بانهم يريدون الانسحاب من العراق، لقد أعلنوا بقاء 50 الف جندي كما يريدون استبدال القوات المنسحبة بعشرات الالاف من عناصر الشركات الامنية التي يعتبر تكاليف وجودها عشرات اضعاف القوات العسكرية، انهم لم يعلنوا نيتهم على انهاء تواجدهم" في هذا البلد.
ورغم ان الرئيس الايراني اعتبر تقليص قوات الاحتلال في العراق خطوة ايجابية، الا انه اكد انها غير كافية ما لم تتراجع التدخلات الاميركية في شؤون هذا البلد، مشددا على ضرورة ان يتم ادارة العراق بايدي العراقيين.
وقال "اذا ذهب الاميركيون وخلفوا وراءهم جماعة تتدخل في شؤون العراق فهذا امر غير صحيح، ان خروج القوات سيكون مفيدا عندما يترافق مع اعلان الاحترام لاستقلال العراق وحكومته ونظامه السياسي والتعهد بعدم التدخل في شؤونه الداخلية".
واضاف "ان عملية خروج القوات امر جيد ونأمل ان يترافق هذا الخروج مع التعهد بعدم التدخل في شؤون العراق ليصبح امرا ايجابيا".
وتابع الرئيس الايراني "ان البعض يعتقد ان الاميركيين يريدون الخروج من العراق ومن ثم احداث اضطراب امني في هذا البلد ليقولوا ان وجودهم كان افضل، واذا كان كذلك فان الامر سيكون سلبيا".
وتساءل "ما الذي تم انجازه خلال 7 سنوات من احتلال الاميركيين للعراق؟ وكم كانت التكلفة ؟ هل ان الحالة الامنية والاستقرار تحسن في منطقتنا ؟ هل تحسن الاقتصاد وتم اجتثاث الارهاب؟ هل تم اكتشاف اسلحة دمار شامل؟ ان شعوب العالم والشعب الاميركي يجب ان يسأل مثل هذه الاسئلة".
وأضاف احمدي نجاد "هم انفسهم لا يعتقدون بذلك، ماذا كان الهدف من هذا الغزو ونتيجته ؟ كم عدد القتلى؟ من الذي يجب ان يجيب على هذه الاسئلة؟ هل دخول العراق كان خطأ؟ لنفترض ان دخول العراق كان صحيحا، هل ان استمرار البقاء في العراق بعد اسقاط صدام كان صحيحا ام لا ؟ اذا كان هناك من يعتقد بان هذا الامر كان صحيحا فيجب ان يجيب بشأن تداعيات ذلك".
وقال "ان كان هناك من يعتقد بان استمرار البقاء في العراق كان صحيحا فلماذا يخرجون الان؟ هذا يدل على ان الامر كان خطأ".
ودعا الرئيس الايراني الى محاكمة المسؤولين عن الدماء التي اُريقت والدمار الواقع في العراق جراء هذا الاحتلال الاميركي وقال "من الذي يجب معاقبته ؟ هل هو جورج بوش ام القادة العسكريين ام الحكومة الاميركية ام الكونغرس؟ يجب ان يكون هناك من يتحمل المسؤولية ويعوض عن الاضرار ويتعهد بعدم تكرار مثل هذا الخطا الفادح. يجب معاقبة من اتخذ مثل هذا القرار الخاطئ الذي تسبب بمقتل مئات الاف الاشخاص وتشريد الملايين وضاعف حجم الارهاب في المنطقة".
واعتبر ان الرئيس الاميركي باراك اوباما "اذا كان يريد القيام بعمل مفيد فانه يجب اولا ان يتعهد بعدم التدخل في شؤون العراق ويخرج قواته ويعترف باستقلال هذا البلد ويحاسب المجرمين والمسؤولين عن هذه الحرب ويعاقبهم".
وقال "اذا تمت محاسبة المجرم فان حالة عدم الامان ستزول ويتم القضاء على الارهابيين. الارهابيون يتذرعون بتواجد القوات الاميركية وجرائم الاميركيين واذا لم تكن هناك جرائم فان هؤلاء لا يملكون ذريعة للاستمرار في تطرفهم وارهابهم".
ودعا الرئيس الايرني الى تشكيل محكمة عالمية عادلة تعاقب المسؤولين عن احتلال العراق على غرار المحكمة التي تشكلت بعد الحرب العالمية الثانية وعاقبت المجرمين بغض النظر عن مدى عدالة تلك المحكمة.
وقال "نحن الان نتكلم عن الوقت الحالي، ان الشخص المسؤول عن عمليات القتل الواسعة هذه وكذلك دعم صدام في السابق يجب ان يعاقب، لكن مجرد القول اننا ذهبنا الى مكان وجربنا الهزيمة والان نريد الخروج فلا اعتقد ان هذا تغيير بالفعل".
وفي الشأن الفلسطيني، اعتبر الرئيس الايراني موضوع القدس من أهم القضايا العالمية ويمكن الوصول الى هذه النتيجة من خلال الاصطفافات الموجودة في العالم حاليا حول مسألة القدس والاهمية التي تبديها كل الدول والقوى العالمية لهذه القضية.
وقال "ان قضية القدس ليست قضية جغرافية أو قضية فلسطينية فقط بل ان هذه القضية تتجاوز اليوم حتى المسلمين بل هي قضية على مستوى كل البشرية وهي قضية احتلال بلد بالقوة وعبر التزوير".
واضاف "ان من احتلوا فلسطين يهددون كل دول المنطقة وهم لديهم السلاح النووي ويمارسون القتل ويهاجمون دول المنطقة متى شاؤوا، لذا فان اي انسان حر يعيش في اي نقطة في العالم مهتم بقضية القدس".
واعتبر الرئيس الايراني "ان الصهاينة هم حزب سياسي معقد للغاية وهم عنيفون للغاية ولا يتمتعون بالثقافة ويريدون السيطرة على كل العالم والسيطرة على الاقتصاد والسياسة العالميين، والقاعدة الرئيسية للصهاينة في الوقت الحالي هو كيان الاحتلال الاسرائيلي، كما يعتقد البعض ان حكومة الولايات المتحدة اصبحت بشكل ما قاعدة للصهاينة، وهناك اختلاف على ان حكومة الولايات المتحدة مسيطرة على الصهاينة ام ان الصهاينة مسيطرون على الحكومة الاميركية".
وقال "لان قضية القدس قضية عالمية فان يوم القدس (آخر جمعة من شهر رمضان المبارك) قد اصبح يوما عالميا وهو نقطة التقاء بين كل الامم على قضية انسانية هامة. فهذا اليوم هو يوم الاعلان عن دعم الشعب الفلسطيني المظلوم".
وحول رؤية ايران لحل القضية الفلسطينية اكد احمدي نجاد "ان حل قضية فلسطين والقدس موجود في ميثاق الامم المتحدة وهو حق تقرير المصير، فالشعب الفلسطيني شعب له وجود وتاريخ وارض وهوية ولم يكن شعبا مشردا من الاساس بل تم تشريده والان يريدون محوه من سطح الارض. فكما لجميع الشعوب حق تقرير المصير فان الشعب الفسطيني يجب ان يقرر مصيره بنفسه".
وأضاف "هناك عشرة ملايين فلسطيني يجب تقرير مصيرهم عبر استفتاء حر، فالمسلمون والمسيحيون واليهود الذين كانوا قسما من الشعب الفلسطيني يمكن أن يقرروا مصيرهم، هذا حل انساني وتكلفته قليلة ويجب ان يقبل به الجميع".
وبشان المفاوضات المباشرة بين السلطة االفلسطينية والجانب الاسرائيلي والتي ترعاها الولايات المتحدة، قال الرئيس الايراني "لقد مضى على المفاوضات مع الاحتلال الاسرائيلي اكثر من 30 عاما وقد تم طرح عشرات الطرق للحل لكنها فشلت جميعها".
واعتبر احمدي نجاد ان المشكلة الفلسطينية لا تحل عبر التفاوض بين شخصين (محمود عباس وبنيامين نتنياهو) وانما يجب التطرق الى المسائل الرئيسية وتشخيص جذور المشكلة وحلها.
واضاف "كما يجب تحديد الجهة التي ستمثل عشرة ملايين فلسطيني وتتحدث نيابة عنهم، فلا يحق للكيان الصهيوني ان يحدد الجهة التي يريد التفاوض معها؟ كيف يمكن ان نسمي ذلك مفاوضات؟".
وأكد "ان الشعب الفلسطيني هو المعني بهذه المفاوضات فيجب الاتيان بمن يمثله" معتبرا "ان حكومة حماس المنتخبة هي الجهة الاكثر شرعية لتمثيل الشعب الفلسطيني لان الشعب قد منحها صوته".
وأوضح انه "يجب أيضا تحديد المواضيع التي يتم مناقشتها في المفاوضات"، متسائلا "هل أن مصير الشعب الفلسطيني او قضية ارض فلسطين هو موضوع النقاش؟ هل الحوار يدور حول رفع الظلم والتمييز والاحتلال وعودة المحتلين الى اوطانهم الاصلية ؟".
ودعا الرئيس الايراني الى ان يكون هناك راع نزيه لمثل هذه المفاوضات وقال "ان التجربة اثبتت ان اميركا تدعم الكيان الصهيوني واعتداءاته واحتلاله بشكل مطلق، فكيف يمكن لهم التوسط ورعاية المفاوضات؟" وتسائل : "الى اين تصل مثل هذه المفاوضات؟ من المؤكد ان لا تأثير لها".
واكد "ان توقيع اتفاقيات من قبل اية جهة لا يمنح الشرعية للكيان الصهيوني، هذا الكيان بغيض ولا يريده احد في هذا العالم الا الحزب الصهيوني في اوروبا واميركا".
واعتبر احمدي نجاد ان المفاوضات المباشرة ترتبط اكثر من اي شيء بمسألة الانتخابات الداخلية في أميركا لكسب اصوات الشعب الاميركي.
وشدد "ان القضية الفلسطينية يجب ان تحل بيد الشعب الفلسطيني عبر الاعتراف بشرعية الحقوق الاساسية لهذا الشعب.
وأضاف: "يجب ان يعطوا الحق الاساس للشعب الفلسطيني، ولا يحتاج الى 30 جولة من المفاوضات، اذا ارجع الامر الى الشعب الفلسطيني فهو من سيحل المسألة".
وفي جانب آخر من حديثه مع قناة العالم، دعا الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى بناء علاقات ترتكز على الصداقة والتعاون خاصة بين دول المنطقة والدول الاسلامية.
واضاف "اذا كان هناك تباعد ما بين ايران وبعض الدول العربية فان ذلك مرده الى تدخلات الجهات المعادية.
واعتبر احمدي نجاد ان التعاون بين دول المنطقة والدول الاسلامية من شانه ان يرفع مظلومية الشعب الفلسطيني والعراقي والافغاني ويحل مشاكل المنطقة، كما يعود بالنفع على العالم الاسلامي وكل البشرية لان الشرق الاوسط نقطة التقاء رئيسية في العالم وان شرقا اوسط آمنا يفيد كل العالم.
وأشار الى أن الاعداء لا يريدون أن تتطور العلاقات بين ايران والسعودية وبين ايران ومصر وقال "نحن نبذل دائما جهودنا (لبناء علاقات جيدة) واعتقد ان الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز يرغب بأن تكون مثل هذه العلاقات.
وعبر الرئيس الايراني عن أمله بان تتحسن العلاقات مع المملكة العربية السعودية، وقال "لا اعتقد ان الاوضاع الحالية ستستمر".
وحول العلاقة مع مصر قال أحمدي نجاد "ليست لدينا مشكلة مع مصر، هناك بعض الامور الهامشية جدا لا يمكنها التأثير على علاقات دولتين كبيرتين ونأمل حل هذه المسائل".
وفيما يتعلق بالموقف الايراني من الحوار مع الولايات المتحدة وإعلانه مؤخرا استعداده لمناظرة الرئيس الاميركي باراك اوباما على هامش أعمال الجمعية العامة للامم المتحدة المرتقب في نيويورك، قال الرئيس الايراني "كما قلت سابقا فأنا مستعد للمناظرة واعلنت في السابق استعدادي للمشاركة في مناظرة مع (الرئيس الاميركي السابق) جورج بوش ايضا امام وسائل الاعلام، الان يجب عليهم ان يجيبوا على هذا الامر. اننا نمتلك منطقا وهذا المنطق يمكننا طرحه امام اي مرجع دولي".
وفيما يتعلق بقرب تشغيل مفاعل بوشهر النووي في جنوب ايران والضجة التي اثارتها بعض الجهات حول احتمال حدوث تلوث اشعاعي في المنطقة قال احمدي نجاد "هناك 400 مفاعل نووي في العالم، هل ان هذه المفاعلات تتسبب بالتلوث؟ لماذا يعتقدون ان 399 مفاعلا هي استثناء؟ اذا كانت هذه المفاعلات لا تتسبب بالتلوث، فان مفاعل بوشهر ايضا لا يتسبب بالتلوث".
واكد ان "مفاعل بوشهر هو تحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية وان العمل فيه يتم حسب المعايير الدولية، وروسيا بلد اوروبي وهي تقوم ببناء هذا المفاعل وتراعي المعايير في عملها. لا يوجد هناك تلوث، الحديث عن التلوث المزعوم هو كلام نابع عن الغضب وعدم الارتياح للانجاز الايراني".
واوضح احمدي نجاد "ان هذا هو اول مفاعل يتم بناؤه في منطقتنا ونحن نأمل الا يكون الاخير، نحن نعتقد ان جميع دول المنطقة يجب ان يتمكنوا من الاستفادة من المفاعلات النووية ويتم خفض الاستفادة من مصادر الطاقة الاحفورية، فالطاقة النووية طاقة نظيفة ولا يجب ان نحرق النفط دائما لانتاج الكهرباء".
واضاف "ان جميع الدول يمكنها ان تمتلك المفاعلات النووية فهذا حق ولايمكن عرقلة ذلك" مبديا "استعداد ايران لنقل تجاربها الى جميع دول المنطقة".
وقال الرئيس الايراني "ان مفاعل بوشهر لم يدشن حتى الان بل ان ما تم حتى الان هو نقل الوقود الى داخل المبنى الرئيسي للمفاعل ويجب ان يتم وضع الوقود في مكانه المخصص وخلال مدة تتراوح بين شهرين وثلاثة اشهر سيتم تدشين المفاعل"
واعتبر أحمدي عملية نقل الوقود بانها "كانت خطوة مهمة" وقال "في الحقيقة ان اعمال البناء والانشاء قد انتهت وتم وضع الاجهزة واختبارها واقول ان الامر يشبه الانتهاء من صنع سيارة ويبقى تزويدها بالوقود لكي تعمل" معربا عن امله "ان يتم تدشين المفاعل في الوقت المحدد كما قال الجانب الروسي"./انتهى/