وتدل هذه التصريحات على ان امريكا بصدد تطبيق سيناريو في العراق مماثل للذي حدث في الجزائر في عقد التسعينيات من القرن الماضي.
فما هو الهدف ؟ لماذا تصر امريكا على اقامة الانتخابات في العراق؟ فهل تريد امريكا حقيقة ان ترسي الديمقراطية في العراق؟.
وللاجابة على هذه التساؤلات لا بد من الاشارة الى الاحداث التي وقعت خلال الاشهر التسعة عشر الماضية بعد الاحتلال الانجلوامريكي للعراق.
فبعد سقوط دكتاتور بغداد حاولت امريكا اختبار التوجهات الدينية للشعب العراقي ومدى شعبية وتاثير الشخصيات المطروحة على الساحة العراقية من خلال تشكيل مجلس الحكم.
فالاستقبال الشعبي الذي قام به ملايين من شيعة العراق للشهيد آية الله سيد محمد باقر الحكيم لدى عودته من ايران الى النجف الاشرف والمسيرات الشيعية باتجاه كربلاء المقدسة بمناسبة الاربعين الحسيني والتي ضمت اكثر من خمسة ملايين شخص ادت ان يكون واضعو الاساتراتيجية الاميركيه معرفة دقيقة عن حجم القدرة التنظيمية للمراجع الدينية في تعبئة الشيعة.
ومن الطبيعي من وجهة النظر الامريكية ان يؤدي الحضور الفعال لعلماء الشيعة على الاصعدة السياسية والاجتماعية في العراق الى تهديد المصالح الامريكية البعيدة المدى في المنطقة مستقبلا.
فبعض الدول العربية المحيطة بالعراق تتناغم مواقفها مع المواقف الامريكية بهذا الخصوص لان تشكيل حكومة مستقلة نابعة عن ارادة غالبية الشعب العراقي تعتبرها خطرا كامنا على انظمتها.
ولهذا السبب فان امريكا تحاول من جهة اعادة الكوادر غير القيادية في حزب البعث العراقي الى اجهزة الدولة ودعم الاقلية السنية في العراق , ومن جهة اخرى لم تتخذ اجراءات جادة لمنع تسلل انصار تنظيمي القاعدة وابو مصعب الزرقاوي.
فهذان التنظيمان اللذان يناصبان العداء ويكنان حقدا دفينا على شيعة العراق اقدما بعد التسلل الى العراق على اغتيال القادة العراقيين البارزين من امثال آية الله سيد محمد باقر الحكيم الرئيس السابق لمجلس الاعلى للثورة الاسلامية وعز الدين سليم رئيس مجلس الحكم والسيده عقيله الهاشمي عضو هذا المجلس وعشرات آخرين من مسؤولي الاحزاب الشيعية العراقية.
ومع ان تنظيمي القاعدة والزرقاوي لايلتقيان مطلقا مع الاهداف السياسية والمصالح الامريكية الا انهما يتفقان مع واشنطن في موضوع واحد الا وهو الحيلولة دون استلام الشيعة لمقاليد الحكم.
فامريكا كان بامكانها منع دخول تنظيمي القاعدة والزرقاوي الى العراق ولكنها يبدو تريد استخدام وجود هؤلاء الارهابيين المجرمين لتحقيق مآربها على المدى البعيد.
ومن جهة اخرى فان السيطرة على المنطقة المعروفة ب "مثلث الموت" لاتبدو انها مشكلة عسيرة , ولكن امريكا فسحت المجال للعصابات الاجرامية الموجودة في هذه المنطقة والمدعومة من قبل فلول حزب البعث لتصفية العناصر الشيعية المؤثرة.
واما الانتخابات المقبلة في العراق, فان من المؤكد ان امريكا تحاول اقامة هذه الانتخابات في موعدها المقرر من اجل تقييم الاوضاع بشكل نهائي.
فلو فازت في هذا الانتخابات الشخصيات التي تحظى بشعبية لدى غالبية الشعب العراقي من امثال آية الله السيدعبد العزيز الحكيم وموفق الربيعي والدكتور ابراهيم الجعفري وحامد البياتي وبيان جبر وسيد حسين الصدر والعلامة سيد محمد بحر العلوم وعبد الكريم المحمداوي في الانتخابات المقبلة في العراق , فان امريكا ستفسح المجال لمجموعة المثلث السني وعناصر حزب البعث بالعمل على اغتيال هذه الشخصيات.
وتبعا لذلك وبعد افراغ المجتمع الشيعي في العراقي من زعمائه البارزين , ستسعى امريكا الى فرض العناصر التي تريدها والتي لديها توجهات قومية عربية على الشعب العراقي.
وعلى هذا الاساس فانه يتعين على القادة الدينيين في العراق في ظل الظروف الحساسة الراهنة ان يتجنبوا كشف كل اوراقهم دفعة واحدة وعدم المجازفة , وان يتحلوا باليقظة للحيلولة دون تنفيذ المؤامرات الامريكية المشؤومة في اثارة الفتن الطائفية ونشوب حرب بين الشيعة والسنة في العراق./انتهى/
حسن هاني زاده - خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء
تاريخ النشر: ٢٢ نوفمبر ٢٠٠٤ - ١٧:١٠
توقع رئيس هيئة اركان الجيش الامريكي الجنرال ريتشارد مايرز ان العراق سيتجه بعد انتخابات يناير 2005 نحو حرب اهلية.