واضاف السيد علي فضل الله خلال خطبتي صلاة الجمعة في جامع الامامين الحسنين في حارة حريك بضاحية بيروت ان ان اميركا في نفس الوقت تترك الأبواب مشرَّعةً أمام كيان العدوّ لمواصلة حصار غزَّة والعدوان على أهلها، والتّواطؤ مع أكثر من محور إقليميّ ودوليّ لمنع دخول سفن الناشطين الدّوليّين إليها، في الوقت عينه الّذي تتواصل فيه حملات الاعتقال الصهيونيّة والاعتداء على الفلسطينيّين في الضفّة والقدس..
واكد خطيب صلاة الجمعة في بيروت انه من المضحك والمبكي في آنٍ، أنَّ رئيس الكيان الصّهيونيّ شيمون بيريز، الّذي ارتكب أبشع المجازر في قانا، والّذي يحمل تاريخاً أسود من المجازر المرتكبة بحقّ العرب واللّبنانيّين والفلسطينيّين، يصف أحد المسؤولين العرب بالسفَّاح، وينصّب نفسه كمدافع عن حقوق الشّعوب العربيّة، وهو الّذي أحرق الحجر والبشر، واحتلّ الأرض، وشارك في دفن المئات من العرب وهم أحياء، بينما تمتلئ سجون كيانه بآلاف الفلسطينيّين الّذين لا يتحدَّث ما يسمّى بالمجتمع الدّوليّ عن مأساتهم ومعاناتهم المستمرّة.
واضاف إنّنا في الوقت الّذي نتطلّع باعتزاز إلى صحوة الشّعوب العربيّة، وسعيها للتخلّص من جلاديها ومن الدّيكتاتوريّات المدعومة غربيّاً وأمريكيّاً، والّتي كانت السّبب في استكمال العدوّ لمخطّطاته داخل فلسطين المحتلّة وعلى مستوى المنطقة، ندعوها مجدّداً لفهم اللّعبة الّتي تريد إجهاض ثوراتها، وقطع الطّريق على محاولة تشويه حركتها باعتماد أوصياء دوليّين أو إقليميّين كانوا هم السبب في مأساتها ومعاناتها قبل غيرهم.
وفي موازاة ذلك، لا بدَّ للمسلمين والعرب من الالتفات إلى حجم الهجمة الكبرى الّتي لا تستهدف كياناتهم وثرواتهم فحسب، بل تستهدف إسلامهم وانتماءهم الدّينيّ وجالياتهم وانتشارهم العالميّ، وليست الجريمة الوحشيَّة الّتي ارتكبت في النَّروج وذهب ضحيَّتها العشرات، والّتي أعلن مرتكبها أنَّه يستهدف الإسلام والمسلمين ومن يدافع عنهم، إلا صورةً من هذه الصّور الّتي يُراد لها أن تتعمَّق في الوجدان الغربيّ وفي الموقف العام من المسلمين.
واضاف :مع أنّ هذا السّفّاح الّذي ارتكب هذه الجريمة، يعلن صراحةً عن ولائه للصّهيونيّة وعشقه لكيان العدوّ، ويتحدّث عن "وحشيّة الإسلام وأحقيّة الحرب الصليبيّة"، إلا أنّنا نرى إصراراً من الإدارات الغربيّة على عدم معالجة هذه الظّاهرة، وإدارة للظهر للحالات المتفشية في المجتمعات الغربيّة التي تعتمد فيها سياسة التّمييز العنصريّ ضدّ المسلمين..
إنَّنا نعتقد أنَّ الحرب الّتي أعلنت في دوائر الغرب على الإسلام، واتّهامه بالإرهاب، والإساءة إلى رموزه الأساسيّة، ولا سيّما ما تعرّض له رسول الإسلام(ص) من تشويه صورته.
إنَّ هذه الحرب يُروّج لها الإعلام الغربيّ، عبر تصوير الكيان الصّهيونيّ بأنّه ضحيّة الإرهاب العربيّ والإسلامي.
واكد خطيب صلاة الجمعة في بيروت : إلى جانب توجيه الأنظار إلى خطر الجاليات الإسلاميَّة على الواقع الدّيمغرافي للغرب وعلى مستقبله على المستوى الدّيني، إنّ كلّ هذا يهدف إلى التغطية على ظاهرة التطرّف اليميني في الغرب، وتحديداً في النروج.
إنّنا ندعو دوائر الغرب ومواقعه السياسيّة والإعلاميّة، إلى إعادة النّظر في سياساتها، وتبيان الفارق ما بين الإسلام والإرهاب، كما بين الإرهاب ومقاومة العدوّ الصّهيونيّ، فمقاومة الشّعب الفلسطينيّ للكيان الغاصب أرضه، ليست اعتداءً على الكيان الصهيونيّ، بل هي مقاومة لاستعادة الحقوق المغتصبة، كذلك ندعو إلى اعتبار وجود الجاليات العربيّة والإسلاميّة في الغرب مظهراً لتنوّعٍ إيجابيّ لا سلبي، وخصوصاً أنَّ الدّور الّذي تقوم به هذه الجاليات، يقدّم خدمات كبيرة للمجتمع الغربي، بالقدر نفسه الّذي يخدمون به أنفسهم.
واضاف السيد علي فضل الله :إنّنا وأمام هذا الحدث الخطير الّذي بدأ يترك آثاره على أمن الدّول الغربيّة، ندعو علماء المسلمين ومسؤولي الجاليات الإسلاميّة في الغرب، إلى التداعي لدراسة الأسلوب الأمثل لمواجهة هذه الظّاهرة، من خلال مشاركتهم بإزالة التّشويه الّذي يطال فكرهم ووجودهم، وذلك باعتماد الطّرق والأساليب الحكيمة والواعية الّتي تحفظ المسلمين في حقوقهم، وتحترم الآخرين ولا تعتدي عليهم.
كما نؤكّد على الجاليات الإسلاميّة أن يكون لها دورها الكبير في مواقع تواجدها ليكونوا شركاء حقيقيّين في تلك البلاد، لا ضيوفاً طارئين عليها، وأن يقدّموا من خلال سلوكهم وتعاملهم صورة الإسلام وقيمه وأخلاقه في مقابل كلّ الصّورة السلبيّة الّتي رسمت في أذهان الغربيين.
وتطرق سماحته الي الاوضاع في القرن الافريقي قائلا :إلى جانب ذلك، نطلّ على المأساة الكبرى المتمثّلة في المجاعة التي تطال القرن الأفريقي، وخصوصاً الصّومال، والتي تتهدّد أرواح الملايين بفعل الجفاف والأسباب الطبيعيّة من جهة، ومن خلال سياسة الهيمنة الدّوليّة التي عملت على إفقار هذه الشّعوب ونهب ثرواتها من جهة ثانية.
إنّنا نستغرب صمت العالم الإسلاميّ والدّول الإسلاميّة والعربيّة الّتي تدفع مئات المليارات من الدّولارات للإدارات الغربيّة في صفقات السّلاح الكبرى وغيرها، بينما لا تتحمّل هذه الدول مسؤوليّاتها أمام النتائج المؤلمة التي تتسبّب فيها هذه المجاعة، والتي يسقط فيها الناس يوميّاً، دونما التفاتة إلى كلام رسول الله: "من لم يهتمّ بأمور المسلمين فليس بمسلم"، "ليس منّا من بات شبعان وجاره جائع".
ونحن نتساءل: لو لم يكن هؤلاء من المسلمين ومن مستضعفي العالم الثّالث، فهل كانت النّظرة إليهم هي هذه، أو أنّ العالم كان سيتداعى لتوفير كلّ سبل الحماية لهم؟./انتهي
تاريخ النشر: ٢٩ يوليو ٢٠١١ - ١٧:٣٢
اكد خطيب صلاة الجمعة في بيروت السيد علي فضل الله ان الادارة الاميركية لا تزال تتلمَّس السَّبيل للانقضاض على التحرّكات والثَّورات العربية واحتوائهابشتي الطرق وتوجيهها وفق مصالحها السياسيَّة،