دخلت الانتخابات العراقية المقرر ان تجري في 30 من يناير / كانون الثاني الحالي مرحلة جديدة بعد قيام تحالفات بين القوى السياسية وانسحاب بعض الاحزاب من العملية الانتخابية.

فالحزب الاسلامي العراقي بزعامة "محسن عبد الحميد" اعلن عدم مشاركته في الانتخابات العراقية بعد التهديدات المتكررة لعصابة الارهابي الاردني "ابو مصعب الزرقاوي" وزعماء الاقلية المستأثرة بالحكم سابقا.
فقد تعرض الحزب الاسلامي العراقي الذي يعد حزبا معتدلا , الى هجمة من قبل الجماعات المتشددة في اوساط الاقلية بسبب مواقف قادته المعتدلة.
وفي هذا السياق ما زال قادة الاحزاب الكردية العراقية مثل "جلال الطالباني" زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني و"مسعود البارزاني" زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني يصرون على اجراء الانتخابات في موعدها المقرر بالرغم من وجود خلافات حول اجراء الانتخابات المحلية في مدينة "كركوك".
ولو انه بقي اقل من شهر واحد على تنظيم الانتخابات ولكن الضغوط التي تمارسها الاقلية المستأثرة لارباك قواعد اللعبة السياسية وايجاد عقبات امام مسيرة ارساء الديمقراطية في العراق ما زالت تتصاعد.
فالقوى المحلية والاقليمية والدولية بالرغم من اختلاف وجهات نظرهم حول موعد اقامة الانتخابات العراقية ولكن الجميع يتفق على وجهة نظر واحدة وهي الحيلولة دون انتصار اغلبية الشعب العراقي في هذه الانتخابات.
فالقوى المحلية التي كانت حتى قبل سقوط صدام تشكل الذراع الضاربة للنظام البعثي المقبور , تحاول الحصول على حصة اكبر في النظام السياسي الجديد وتعارض التوزيع العادل للسلطة على اساس التركيبة السكانية.
ومن الطبيعي ان تحاول هذه الاقلية الى عرقلة اجراء الانتخابات عن طريق التهديد بمقاطعة الانتخابات والهجوم على المراكز الانتخابية.
كما ان الدول المجاورة للعراق التي تعارض بشدة من الاساس ارساء الديمقراطية في العراق , تشجع بشكل مباشر وغير مباشر الاقلية المستأثرة والعناصر الارهابية على عرقلة العملية الانتخابية رغم ان الديموقراطية اصلا مبنية على حكم الاغلبية للاقلية .
من جانبها فان قوات الاحتلال تحاول اجراء الانتخابات في 30 يناير الجاري لتثبت انها انتصرت في حربها ضد الارهابيين , ولكن نتائج الانتخابات التي ستكون بالتاكيد لصالح الاكثرية قد اقلقت المحتلين. 
ولكن في مواجهة الضغوط المحلية والخارجية فان غالبية الشعب العراقي الذي يعتبر عملية ارساء الديمقراطية في البلاد عاملا لاستتباب الامن والاستقرار في العراق والمنطقة , يتحرك في اطار ائتلاف منطقي مع جميع القوى الاسلامية وغير الاسلامية باتجاه اقامة انتخابات حرة ونزيهة.
ولكن بغض النظر عن التباين في وجهات النظر فان المسالة التي تحظى بالاهمية هو حجم المشاركة , فلو ان الاقلية المستأثرة التي لا تتعدى نسبتها 15 بالمائة من السكان قاطعت هذه الانتخابات فانه لن يؤدي الى اي تأثير على صحة الانتخابات.
ففي عرف الديمقراطية الغربية وكذلك الاسلامية فان اقلية حجمها لا يتجاوز 15 بالمائة وتعتبر قوة معارضة هو امر لا بد منه , حتى ان هذا الامر يساعد في المسيرة الديمقراطية.
ومن هذا المنطلق فان عدم مشاركة اقلية حجمها 15 بالمائة في هذه الانتخابات هو امر طبيعي ولا يقلل من شرعية الحكومة المقبلة في العراق والنظام السياسي في هذا البلد.
وعلى هذا الاساس فان على اغلبية الشعب العراقي ان تتحلى باليقظة التامة في تقديم برنامج عملي لمواجهة تهديدات القوى المحلية المحتكرة للسلطة في النظام السابق حتى لا تعيق اقامة هذه الانتخابات المصيرية.
ومن المؤكد ان هذه الانتخابات ستترك تأثيرا كبيرا على مستقبل العراق والمنطقة , وسيؤدي انتصار الاكثرية التي حرمت من حقوقها الطبيعية وهمشت على مدى سنين مديدة بسبب الانطباعات الخاطئة للدول العربية , الى ضمان وحدة العراق وسلامة اراضيه.
ومن الطبيعي اذا ارادت القوى الاقليمية والدولية ان تعيق اجراء هذه الانتخابات وتتلاعب بنتائجها وتتجاهل التركيبة السكانية , فان العراق سيتجه بشكل قاطع نحو حرب اهلية ستطال عواقبها جميع دول المنطقة./انتهى/
             حسن هاني زاده - خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء