اكد السفير الايراني السابق لدى بغداد، ان انسحاب القوات الامريكية من العراق لا يعني نهاية التدخل الامريكي في هذا البلد.

وقال حسن كاظمي قمي في حوار اجراه معه مراسل وكالة مهر للانباء على خلفية الانسحاب الامريكي من العراق: ان الامريكيين لا زالوا يترصدون للتدخل في العراق وسائر الدول، وبالتالي فان انسحاب القوات العسكرية الامريكية من العراق لا يعني ان الامريكيين ليسوا بصدد مواصلة تدخلاتهم، وهذا امر واضح بأن امريكا لن تترك العراق. الا ان امريكا واجهت مشكلة امام إبقاء قواتها في العراق، وهي ان قانون الولايات المتحدة لا يسمح للادارة الامريكية بإبقاء حتى جندي واحد خارج البلاد دون حصانة قضائية.
وخلال المحادثات التي اجراها الامريكيون مع الحكومة العراقية والشخصيات والتيارات السياسية في العراق، كانت النتيجة بأن الجانب العراقي اعلن ان الحكومة العراقية غير قادرة على منح الحصانة القضائية للجنود الامريكيين الذين تريد امريكا إبقاءهم في العراق، وهذا اول تحدي تواجهه امريكا مع هذا القانون؛ فهي لا يمكنها ان تغير القانون. والنقطة الثانية هي ان العراقيين، لديهم هذه العقيدة، وهي صحيحة، انهم يمكنهم توفير الامن داخل بلادهم دون الحاجة الى تواجد القوات الاجنبية، واليوم العراقيون ليس لديهم مخاوف جادة بشأن تهديدات خارجية. وبالتالي فأن تجارب السنوات الماضية ووجود الاتحاد بين الشعب والحكومة وخاصة في الملف الامني، والتجارب الجيدة التي اكتسبها الجهاز الامني والعراقيون في مواجهة الارهابيين، هذه كلها ضمانات لتحسين الامن داخل العراق، وقدرة الحكومة العراقية على التفوق على المشكلات الامنية.
وقد ادى هذا التحدي الى ان لا يتمكن الامريكيون من البقاء في العراق بشكل وحدات عسكرية، لذلك طرحوا موضوع تدريب القوات العراقية وتوفير الامن لبعثتهم الدبلوماسية.
وتوقع كاظمي قمي ان تتحسن الاوضاع الامنية في العراق بعد انسحاب القوات الامريكية، لأن التجربة اثبتت ان المناطق التي تسلم القوات العراقية ملفها الامني، اصبحت اكثر امنا وانحسرت فيها العمليات الارهابية.
واستدرك بأنه لعل بعض الممارسات الايذائية تحصل في العراق بين حين وآخر، وهذا امر طبيعي، سواء على الصعيد الامني او السياسي، الا ان هذه لا تمثل الا موجات سرعان ما تهدأ. وبالتالي فان انسحاب القوات الامريكية لا يوجد فراغا امنيا، كما انه ليس من المقرر ان تملأ دول الجوار هذا الخلأ الامني المزعوم، فالعراق ليس بحاجة الى ذلك، الا انه من الطبيعي ان يكون العراق وحاله حال سائر الدول، بحاجة الى التعاون مع الدول الاخرى من اجل بناء قواته الدفاعية والامنية وترميمها وإكمالها وتجهيزها، سواء على الصعيد التدريبي او شراء المعدات والاسلحة، ويحق للعراق القيام بذلك في اطار العلاقات الثنائية. لكن فكرة ان تنسحب امريكا لتحل محلها قوة اخرى، فهذا امر نفسي اثاره الامريكيون انفسهم لبث الهلع بين العراقيين.
وبشأن المخاوف من وقوع انقلاب في العراق بدعم بعض الاطراف الاقليمية، اوضح كاظمي قمي ان بعض دول المنطقة لا ترتاح للعملية السياسية في العراق، لأنها قلقة من ان تصل اليها هذه الموجة (موجة سيادة الشعب على مصيره) لذلك يطرح بعض قادة هذه الدول ادعاءات بشأن العراق، من قبيل ان الاغلبية الشيعية هي التي تحكم العراق، وهذا طبيعي ففي النظام الديمقراطي تحكم الاغلبية مراعاة حقوق الاقلية، في حين ان العراق تحكم فيه السيادة الشعبية وتساهم كل المكونات في الحكومة.
واكد على ان العراق يتحول بالتدريج الى وحدة سياسية ناشطة في المنطقة، وهو بصدد ارسال رسائل ودية الى الجميع، بان عهد صدام قد ولى، ولم تعد بغداد بصدد اثارة العداء مع الدول، فالعراق الجديد عازم على ترميم علاقاته مع الدول المجاورة، ورغم الازمة الامنية شاهدنا وتيرة متنامية في تعاون في المجالات الثقافية والاقتصادية، وعزما عراقيا على تشكيل نظامه السياسي، ومع كل ذلك كان العراق مهتما بقضايا حدوده مع ايران، واليوم نشاهد ان اكثر الحدود العراقية امنا هي حدوده مع الجمهورية الاسلامية الايرانية./انتهى/