شهد العراق يوم الجمعة الماضي يوما داميا اذ نفذ الارهابيون الجبناء سلسلة من العمليات الانتحارية ضد المصلين في بلدة " بلدروز" واخري ضد مخبز في حي الامين شرق العاصمة بغداد راح ضحيتها اكثر من عشرين شيعيا وجرح ثلاثون آخرون.

وتاتي هذه العمليات بعد ظهور النتائج الاولية للانتخابات العامة والتي تشير الى فوز الاغلبية الشيعية .

ويبدو ان الارهابيين في العراق بزعامة الارهابي الاردني " ابو مصعب الزرقاوي" ومعهم من عناصر البعثيين والسلفيين ايضا قد غيروا تكتيكهم بعد ان فشلوا في منع الشعب العراقي من الادلاء بصوته في الانتخابات.

ومن المتوقع ان تكون الايام القادمة حبلي بالاحداث الدامية سيما خلال شهر محرم الحرام الذي تقام فيه مراسم عزاء ذكري استشهاد ابي الاحرار الامام الحسين بن علي عليهما السلام في المدن المقدسة .

وينوي الارهابيون الجبناء المختبئون في المدن ذات الاغلبية السنية شن هجمات انتحارية ضد المواكب الحسينية سيما في النجف و كربلاء واغتيال قادة الشيعة الذين فازوا في الانتخابات العامة .

وهناك خطط واستراتيجية مرسومة ومدعومة داخليا واقليميا وعربيا تهدف الي تصفية القيادة الشيعية والسياسيين منهم لمنع تشكيل المجلس الوطني و سن الدستور العراقي الجديد الذي من شأنه ضمان حقوق الاغلبية الشيعية الي حد ما.

 والايام القادمة ربما ستكون اكثر خطورة علي الاغلبية الشيعية لان التكتيك الذي سيتبعه الارهابيون يستهدف الشخصيات الشيعية بالذات وهذا الامر يتطلب وضع خطة امنية لمنع الارهابيين من تنفيذ مؤامراتهم الخبيثة .

وحتي الآن كانت القيادة الشيعية في العراق والمراجع الشيعية خصوصا قد تحلت بالصبر ازاء ما يجري في العراق لرص الصفوف والابتعاد عن الطائفية والحفاظ علي الوحدة الوطنية بمعني الكلمة والحيلولة دون الوقوع في فخ الاعداء .

ولكن الي متي هذا الصمت والي متي يتجاهل الآخرون هذا الواقع المأساوي ؟ .

لقد بلغ السيل الزبي وانتهى زمن المجاملات وحان الوقت لاتخاذ اجراءات عملية ومؤثرة لاستئصال الارهابيين في بلد المقدسات بعيدا عن اي تحفظات قد تؤول آخر المطاف الى تصفية كل قادة الشيعة علي يد البعثيين الجبناء وحلفائهم السلفيين . 

 القرار الآن بيد المراجع الاجلاء والقيادة السياسية الشيعية ليقولوا كلمتهم الاخيرة بعيدا عن الاعتبارات السياسية حفاظا علي ارواح الناس الابرياء .

 وليس خافيا ان للارهابيين قاعدة سياسية ولوجستية في داخل العراق وفي الدول العربية المجاورة ويتمتعون بدعم مالي واعلامي ولوجستي لمنع قيام نظام ديمقراطي في العراق مبني علي التعددية الحزبية والحرية واحترام الرأي الآخر اذ انهم يدركون جيدا ان مثل هذا النظام سيتحول الى كابوس يقض مضاجع الانظمة العربية الجاهلية الطاغية كما حدث في لبنان في العقد السابع من القرن الماضي .

فلقد كان لبنان البلد العربي الوحيد الذي يتمتع بدستور يكفل الحرية الفردية ويضمن حقوق الاقليات الامر الذي جعل الانظمة القمعية العربية التي تخشي اصلا الديموقراطية والحرية ان تحيك مؤامرات خبيثة لضرب وحدة هذا البلد و فعلا نجحت هذه الخطة وغرق الشعب اللبناني في دوامة من العنف استغرقت خمسة عشر عاما وراح ضحيتها عشرات الآلاف من ابناء هذا الشعب.

واليوم في العراق الجريح يتكرر نفس السيناريو بعد ان جرت فيه انتخابات حرة ونزيهة ولكن رغم ذلك فان بعض الاوساط العربية تشكك بنزاهة هذه الانتخابات بذريعة انها جرت في ظل الاحتلال الاميركي .

والسؤال المطروح لدي المحللين واصحاب الرأي هو ما الفرق بين انتخابات افغانستان وفلسطين وانتخابات العراق؟ .

أ لم تجري انتخابات افغانستان في ظل الاحتلال؟ لماذا يصبح حامد كرزاي شخصية منتخبة ومقبولة شرعيا ودوليا وهو اليوم يتنقل في العالم بصفته رئيس دولة انتخب بشكل ديمقراطي ويحترمه جميع قادة العالم ؟

وهذا محمود عباس (ابو مازن) تم اختياره كرئيس للسلطة الفلسطينية عبر انتخابات جرت في فلسطين تحت الاحتلال الاسرائيلي واصبح قائدا قانونيا ودوليا ولا نجد احد يطعن بنزاهة هذه الانتخابات .

لماذا يصبح حامد كرزاي ومحمود عباس رئيسين مقبولين شرعيا ودوليا وقانونيا ولكن حينما يتعلق الامر بالاغلبية الشيعية في العراق تقوم القيامة بذريعة ان الانتخابات جرت في ظل الاحتلال الاميركي فيما يعلم العالم برمته ان الدول العربية واقعة تحت الاحتلال الاميركي بشكل او بآخر.

 اذن هناك نوايا مبيتة ضد الاغلبية في العراق تهدف الى اعادة عقارب الساعة الي الوراء وتريد ان يحكم العراق طائفة واحدة غير الطائفتين الشيعية والكردية لانهما (الشيعة و الاكراد) من وجهة نظر هذه الاطراف ليسا عربيين . 

وعلي هذا الاساس لا يبقي سوي حل واحد الا وهو تشكيل ذراع عسكري تتكون نواته من الشيعة والاكراد كميليشات شعبية للحفاظ علي الاماكن المقدسة و الشخصيات السياسية ريثما تتشكل حكومة قوية ذات سيادة وطنية قادرة على دحر الارهابيين و طردهم من بلاد الرافدين .

والاّ ستكون الاغلبية (التي لا حول لها ولا قوة في الظروف الراهنة) عرضة لهجمات الارهابيين و حينها لا يمكن في ظل هذا الفراغ الامني تشكيل مجلس وطني وصياغة دستور للبلاد  اذ ان الارهابيين سيقتلون مرشحي الشعب واحد تلوالآخر بعد فرز الاصوات واعلان النتائج.

واخيرا فانه لم يعد هناك  بعد اليوم مجال  للمجاملات والتعاطي سلميا مع الارهابيين لان هذه الحثالات لا تعرف لغة الحوار ولا تفهم مدلولات الديمقراطية ولا تدرك معنى الانسانية ولا تنفع معهم سوى لغة القوة وضرب رؤوسهم  الخاوية  بيد من حديد بتشكيل مليشات شعبية بقيادة علماء الدين والوطنيين في العراق .

                       حسن هاني زاده  - خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء