تاريخ النشر: ٢٤ أبريل ٢٠٠٥ - ١٦:٢٤

بالرغم من مرور عدة اسابيع على تكليف ابراهيم الجعفري بتشكيل الحكومة العراقية المنبثقة عن انتخابات الجمعية الوطنية , الا انه من المؤسف فان هذه الحكومة لم تبصر النور لحد الآن بسبب مطالب الاقلية المستاثرة بالحكم سابقا.

فهذه الاقلية التي قاطعت الانتخابات العامة قد تسببت في ايجاد فراغ امني خطير في العراق مما سمح للارهابيين العرب ان يستغلوا هذا الفراغ ويصعدوا من عملياتهم الارهابية ضد اكثرية الشعب العراقي.
فتفجير مساجد الشيعة في بغداد والنجف الاشرف وعمليات القتل الجماعي للشيعة في بلدة المدائن جنوب العاصمة جاءت نتيجة الفراغ الامني في العراق, ومن المحتمل ان تتصاعد وتيرة هذه الممارسات الاجرامية في الايام المقبلة في حالة فشل تشكيل الحكومة الجديدة.
فالاقلية السنية ومن اجل عرقلة تشكيل الحكومة القادمة برئاسة الجعفري , طالبت في خطوة غير عملية تنم عن الطمع باعطائها سبع وزارات منها وزارة سيادية اضافة الى منصب احد نواب رئيس الوزراء. 
لقد جاء تغيير موقف الاقلية ومطلبهم المفاجئ بالمشاركة الفعالة في حكومة ابراهيم الجعفري بعد الزيارة المريبة التي قام بها وزير الدفاع الامريكي دونالد رامسفيلد الى بغداد بداية الشهر الجاري.
ويبدو ان وزير الدفاع الامريكي زار العراق بغية الحؤول دون حصول الاغلبية الشيعية على حقوقهم المشروعة وتشكيل حكومة منتخبة ترأسها شخصية منتخبة ومعتدلة كابراهيم الجعفري.
ومن ان الاقلية السنية قاطعت الانتخابات لكن رئيس الوزراء المكلف دعاهم الى المشاركة في الحكومة من اجل الحفاظ على الوحدة الوطنية وتفادي وقوع شقاق بين مكونات الشعب العراقي.
ومن جهة اخرى فان بعض الاطراف الاخرى التي حصلت على اعلى نسبة من مقاعد الجمعية الوطنية بعد الائتلاف العراقي الموحد لا تاخذ بنظر الاعتبار الظروف الحساسة التي يمر بها العراق حاليا حيث لم تساعد ابراهيم الجعفري على الخروج من الازمة الراهنة.
فهذان السببان اي مطالب الاقلية السنية وعدم تعاون بعض القوى السياسية مع حكومة الجعفري يعزز من التكهنات من الادارة الامريكية تمارس ضغوطا من اجل تهميش اغلبية الشعب العراقي.
ومع ان الشيعة حصلوا على اكثر من نصف مقاعد الجمعية الوطنية في اول انتخابات ديمقراطية في العراق وبامكانهم تشكيل الحكومة وفقا للقواعد الديمقراطية , الا ان النهج السلمي لقادة الاغلبية قد شجع الاقلية على المطالبة بحصة اكبر للمشاركة في الحكومة المقبلة.
ومن هذا المنطلق فان الهدف النهائي لهذه الضغوط والعراقيل وكذلك المذابح التي ترتكب ضد الشيعة , هو ارغامهم على اتخاذ اساليب عنيفة وهذاالعنف والعنف المضاد سيؤدي قطعا الى تقسيم العراق.
ومن المؤكد ان الاغلبية في العراق لا تريد التقسيم ولن تقوم باي اجراء يقود الى تقسيم البلاد الى ثلاث كيانات كردية وشيعية وسنية , ولكن امريكا تحاول تنفيذ مخطط خبيث  من اجل تقسيم العراق الى ثلاثة كيانات.
وعلى هذا الاساس ستحاول واشنطن قريبا تسليم مقاليد الحكم الى العلمانيين , وفي حالة اصرار الاغلبية لنيل حقوقهم , فان امريكا ستعمل على تصفية الزعماء السياسيين للاكثرية الشيعية.
وهذا المخطط المشؤوم والخطير سيؤدي بالتاكيد الى دفع العراق باتجاه حرب اهلية وبالتالي تقسيمه وهو جزء من المشروع الامريكي حول الشرق الاوسط الكبير.
وعلى اي حال فان العراق بدون تضامن واتفاق جميع القوى السياسية سواء من الاكراد او الشيعة او السنة , ينتظره مستقبل غامض ومظلم , واستمرار هذا الوضع اي عدم الاسراع بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية سيصب بمصلحة الارهابيين العرب الذين تسللوا الى العراق من دول الجوار.
وفي حالة عدم قبول امريكا بالحقائق الموجودة وعرقلتها لتشكيل حكومة وطنية قائمة على اساس اصوات الاغلبية , فان الازمة الراهنة في العراق ستتفاقم بالتاكيد ويتسع نطاقها لتشمل باقي دول المنطقة ايضا./انتهى/
             حسن هاني زاده - خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء