بينما تتوجه الانظار الى كل ايران ومصر عشية اجراء الانتخابات الرئاسية فان المراقبين السياسيين اعربوا عن دهشتهم لوجود بعض التناقضات والمفارقات في مجال ممارسة الديمقراطية في هذين البلدين.

فهذان البلدان يتميزان بخصوصيتهما من الناحية الجغرافية والتركيبة السكانية اضافة الى اختلافهما الواضح في مجال الممارسات الديمقراطية والسيادة الشعبية.
ففي ايران سجل اكثر من الف شخص اسماءهم بحرية للترشيح لانتخابات رئاسة الجمهورية في حين ان شخصا واحدا يحتكر المنافسة لانتخابات رئاسة الجمهورية في مصر.
وقد اضطرت الحكومة المصرية خلال العام الماضي وتحت ضغوط الراي العام العالمي ومنظمات الدفاع عن حقوق الانسان الى تعديل المادة 76 من قانون انتخابات رئاسة الجمهورية والذي كان يسمح بترشيح شخص واحد , ولكنها وضعت شروطا مسبقة لمرشحي الانتخابات مما اغلق الباب عمليا امام دخول الاحزاب المصرية للمعترك الانتخابي.
ومن بين هذه الشروط وجوب حصول المرشحين لمنافسة الرئيس الحالي حسني مبارك "78 عاما" على موافقة اغلبية نواب البرلمان المصري.
ان وضع هذا الشرط يعني ان اعضاء البرلمان المصري الذي تتشكل غالبيته من اعضاء الحزب الحاكم بزعامة حسني مبارك , لم يسمحوا للشخص المقبول من قبل المجتمع المصري لإ بمنافسة الرئيس الحالي في الانتخابات الرئاسية المقبلة. 
وادى هذا الامر الى اثارة احتجاج القضاة المصريين بحيث هددوا بانه في حالة عدم الغاء هذا الشرط فانهم سيقاطعون انتخابات رئاسة الجمهورية.
ويعتقد العديد من المثقفين المصريين ان حالة الطوارئ التي اعلنت عقب اغتيال الرئيس السابق محمد انور السادات قبل قرابة ربع قرن باتت امرا غير ضروري في الوقت الحاضر ويجب اعادة العمل بالقوانين المدنية بشكل تدريجي.
ولكن في ايران فان اكثر من الف شخص قدموا طلبات الترشيح لانتخابات رئاسة الجمهورية مما يدل على حيوية ونشاط المجتمع الايراني والذي يلمس الديمقراطية بمفهومها الحقيقي.
وبالرغم من استشهاد رئيس الجمهورية الشهيد محمد علي رجائي ورئيس الوزراء الشهيد محمد جواد باهنر وكذلك هروب الرئيس الاسبق ابو الحسن بني صدر من ايران الى باريس  واستشهاد اكثر من اثنين وسبعين شخصا من رجال الحكم ونواب المجلس في مطلع الثمانينات , وثمان سنوات من الحرب الصدامية البعثية ضد الجمهورية الاسلامية فان ايران لم تعلن ابدا حالة الطوارئ والاحكام العرفية وظلت القوانين المدنية هي المعمول بها في البلاد.
فمن بين خمسة وعشرين انتخابات رئاسية وبرلمانية اقيمت في ايران كانت منها ثمانية انتخابات اجريت خلال سنوات الحرب الصدامية المفروضة , وكانت صناديق الاقتراع تحمل الى الخطوط الاماميه في جبهات القتال لان احترام اصوات الشعب جزء من القيم الدينية والوطنية التي تحظى باهتمام بالغ في ايران.
وبما ان العالم يسرع الخطى باتجاه ارساء الديمقراطية فان وضع قيود على العملية الديمقراطية لا يليق بمصر فقط بل سيؤدي الى فرض عزلة عالمية عليها.
فينبغي على مصر بعد ربع قرن من حكومة الحزب الواحد والقيود الدستورية وقمع قوى المعارضة , ان تتحرك باتجاه الديمقراطية والسيادة الشعبية لتصبح انموذجا للدول العربية التي لم تمارس العملية الديمقراطية في حياتها مطلقا.
من جهة اخرى فان تجربة العراق الناجحة في مجال اقامة انتخابات حرة وتمهيد الارضية لاقامة نظام ديمقراطي بامكانه ان يكون انموذجا للعديد من الدول العربية في المنطقة التي لم تشهد تجربة ديمقراطية لحد الآن.
فالانتخابات العراقية التي كانت تجربة فريدة من نوعها في تاريخ العالم العربي فقط اظهرت اجمل شكل من اشكال التضامن الوطني من اجل اقامة المؤسسات الديمقراطية وهذا الامر يدل ان على الدول العربية وبالاخص مصر ان تقتدي بالعراق للعمل من اجل حكومة المجتمع المدني./انتهى/
            حسن هاني زاده - خبير الشؤون الدولية بوكالة مهر للانباء