واكد السفير محمد فتحعلي في تصريح خاص لوكالة مهر للانباء حول الثورة الاسلامية واثرها على الشعب الايراني ان هذه الثورة المجيدة التي قادها الإمام الخميني الراحل (رض) عززت وعي الشعب الإيراني وإدراكه السياسي ومكّنته من تحديد المخاطر الحقيقية التي يواجهها ومن تمييز المؤامرات التي تحاك ضده من الخارج بهدف اخضاعه وتطويع سياساته وإمكاناته.
واضاف : نحن نعتقد أن إقتدار الشعب الإيراني وحكمة القائد الإمام السيد علي الخامنئي والقيادات السياسية والعسكرية الإيرانية كفيلان في إفشال مكائد الأعداء ومخططاتهم.
وتابع قائلا: ترون ان الإيرانيين اليوم يسيرون بخطى ثابتة نحو تحقيق المزيد من الإنجازات الداخلية النوعية والتطور التكنولوجي والنووي في موازاة سياسة اليد المدودة التي ينتهجونها تجاه دول الجوار وسائر الدول الإقليمية والدولية الراغبة بتعزيز العلاقات ورفع مستوى التعاون على قاعدة المساواة والإحترام المبادل.
ولفت ان الرئيس روحاني سبق ابدى في غير مناسبة عزمه لتقريب العلاقات مع دول الجوار من أجل توفير السلام والإستقرار والأمن في المنطقة.
وفي معرض رده على سؤال حول الثوابت الإيرانية في السياسة الخارجية قال فتحعلي: تقاربت الجمهورية الإسلامية الإيرانية الى مختلف القضايا والملفات الخارجية من زاوية تداعياتها المحتملة على القضية الفلسطينية، ونحن نرى أن فلسطين كانت ويجب أن تبقى هي البوصلة والقضية المركزية التي تشخص باتجاهها أنظار كافة حكومات وشعوب المنطقة، لاسيما في ظل ما تتعرض له في هذه الأوقات من حملات إجرامية صهيونية حاقدة تستهدف المسجد الأقصى وقضم ما تبقى من أراض فلسطينيية عبر توسيع دائرة الإستيطان تحت مرآى من المجتمع الدولي.
واكد أن الأخطار الداهمة التي يشكلها كلا من "داعش" والكيان الصهيوني على كل دول هذه المنطقة وشعوبها وثروتها ومستقبلها ومصيرها"، تستعدي بالضرورة "التضامن بين كافة دول هذه المنطقة وتوفير الإدارة الحكيمة والسليمة لهذا الصراع لتفويت الفرصة على اسرائيل كي لا تحقق أطماعها في المنطقة".
وبخصوص بعض الانتقادات الموجهة الى ايران في جلوسها مع الولايات المتحدة الامريكية خلال المفاوضات النووية قال السفير الايراني: أن الامر الاساسي الذي طبع سياسات الجمهورية الاسلامية الايرانية هو أنّها تمكنت طوال الفترة الماضية من الحفاظ على استقلالية قراراتها والصمود امام جميع انواع الابتزازات الغربية التي تمارَس ضدّها.
واضاف: إحدى هذه الإبتزازت تمثلت بفرض بعض الاطراف نوعاً من الحصار الظالم والغاشم ضد الشعب الإيراني، يتناول أبسط المتطلّبات الضرورية للحياة الانسانية على الرغم من ان القوانين الدولية لا تجيز ذلك.
وشدد فتحعلي: انّ الولايات المتحدة الاميركية إذا جلست الى طاولة المفاوضات مع الجمهورية الاسلامية الايرانية ملتزمةً مبدأ الاحترام المتبادل، فإنّ ايران ستنحو هذا النحو ايضاً، ولكنّنا حتى هذه اللحظة نرى انّها ليست في هذا الوارد وانّها لم تستفق بعد من نشوة الغطرسة التي تعتريها دوماً بينما التطورات التي تجري على المستويين الدولي والاقليمي، لابدّ وان تؤدّي في نهاية المطاف الى عودة الولايات المتحدة الاميركية الى رشدها، لاسيما وأن شعوب المنطقة بدأت تستعيد مكانتها الطبيعية التي تستحقّها.
وتعليقا على المفاوضات النووية الجارية بين ايران والدول الست قال فتحعلي: تتحلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مفاوضاتها النووية بمنطق علمي وقانوني سليم، يستند الى المواثيق والأعراف الدولية، وهي تالياً استطاعت ان تستمر وأن تمضي قدما في شرح وجهة نظرها التي تنطبق مع القانون الدولي أمام الطرف الآخر".
وحول الدبلوماسية الانفتاحية الايرانية في حكومة الرئيس روحاني قال السفير الايراني في بيروت: إن هذه المبادرة الدبلوماسية الإنفتاحية للحكومة والتي نولي أهمية خاصة لنشاطاتها خلال هذه المرحلة، تجري بالتوازي مع تمسكنا بحقوق الشعب الإيراني بحيازة التنكنولوجيا النووية السلمية والمضي بتقدمنا العلمي في شتى المجالات.
واكد أن الدول الغربية باتت مقتنعة تماماً انّ إيران لا تتوخّى من ملفها النووي إلّا الاستثمار السلمي لهذه الطاقة، وهم يدركون تماماً القيمة المعنوية للفتوى الشرعية التي اطلقها المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في هذا الاطار، أي الفتوى التي تحرّم انتاج واستخدام ايّ نوع من انواع الطاقة النووية في المجالات غير السلمية.
واوضح ان المشكلة هي في انّ الاطراف الاخرى تسعى لان تقايض على هامش المفاوضات النووية في مواضيع أخرى في حين اعلنَ المسؤولون الايرانيون مراراً، وخصوصا وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، انّ ايران تريد حصر مفاوضاتها مع الطرف الآخر في ملفّها النووي السلمي لا غير.
ولفت السفير الى كلام الرئيس روحاني حول الموضوع النووي الايراني والذي قال:"ان التقنية والعلم والبحث من أهم هذه الأبعاد ويتابعه علمائنا وخبرائنا في البلاد وان البُعد السياسي والقانوني من أبعاد هذا الملف الأخري وان الحكومة ستدافع عن حقوق الشعب الايراني بالقوة".
وردا على سؤال حول أسباب الجمود والخلاف بين طهران والرياض وتوقعات بخصوص تقارب بين البلدين قال: ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية تهتم بالمحادثات الدبلوماسية مع دول المنطقة وترحب بتعزيز الحوار والتعاون مع جميع الدول بما فيها السعودية من أجل المساهمة في استتباب الأمن والإستقرار في المنطقة.
و تابع انه من الواضح أن هناك تبايناً في وجهات النظر بين إيران وبعض دول الخليج الفارسي حيال النظر إلى بعض الملفات العالقة، وتسعى الجمهورية الاسلامية دائماً إلى عدم تعميق هذه الملفات الخلافية، على رغم من انّ هناك مجالس وتحالفات نشأت من اجل تعميق هذه الخلافات.
و شدد انه في جميع الأحوال ينبغي أن تكون هناك علاقات أخوية وطبيعية بين كافة دول هذه المنطقة، معتقدا أنّ أيّ تدخّل خارجي في شأن ايّ دولة في المنطقة لا يمكن ان يخدم الامن والاستقرار فيها، وأن باستطاعة دول المنطقة التعاون والتنسيق لإدارة منطقتهم بمعزل عن أي إرادات أو إملاءات خارجية.
وفيما يتعلق بعلاقات ايران مع السعودية قال فتحعلي: ان العلاقات الثنائية مستمرة وكانت لمسؤولينا العديد من المحطات التشاورية ونحن نسعى دوماً إلى معالجة أي تفاوت أو تباين في وجهات النظر، وأن ننظر سوية إلى مستقبل هذه المنطقة لأن أي شقاق بين دول هذه المنطقة وبين شعوبها لاشك أنه يصب في نهاية المطاف في خدمة الكيان الصهيوني".
واستطرد السفير الايراني الى ما يسمى بالتحالف الدولي لمكافحة الارهاب وقال ان الجميع يدرك أن التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن لقتال "داعش" غير جاد وأنه قد تأخّر كثيراً، وهو أشبه ببروباغندا سياسية لتشويه إرادة الشعوب التي تريد محاربة الإرهاب ووقف تقدّمه.
واضاف: تعتري مشاركة العديد من القوى التي لا تنتمي الى نسيج المنطقة في عمليات التحالف، فضلا عن بعض الدول التي دعمت "داعش" وساندتها منذ البداية ولاتزال، شوائب تدعو الى الشك والريبة في الأهداف الحقيقية التي وجد من أجلها هذا التحالف.
ولفت الى ان غياب بعض الدول الفاعلة والمؤثرة في مجال مكافحة الارهاب ومواجهته كإيران عن هذا التحالف لاشك وأنه حدّ من فاعليته وإمكاناته في هذا المجال والتي تقتصر اليوم على ضربات جوية محدودة لا تغيّر في واقع الأوضاع على الأرض.
واكد على ان عدم حضور الجمهورية الاسلامية الايرانية او مشاركتها في هذا التحالف يضعف فعالية تأثيره في مكافحة الارهاب ومواجهته لاسيما وأنها كانت سباقة في مواجهته في الأعوام الماضية.
واوضح السفير الايراني ان قضية مكافحة الإرهاب ليست معقدة بشكل كبير وليست شيئاً صعباً، لكن أميركا والغرب غير صادقين في مكافحته لأنهم هم من أوجدوه وهم يشعرون اليوم أنهم لا يستطيعون التحكم به. وإذا بادرَت الاطراف التي تقدّم الدعم المالي والسياسي واللوجستي لداعش وغيرها الى تجفيف هذا الدعم فسيؤدّي ذلك الى الغرض المطلوب.
واعتبر محمد فتحعلي أنّ تنظيم داعش يشكّل خطراً داهماً وحقيقياً على الامن في كافة أرجاء هذه المنطقة مضيفا ان الاوضاع في الشرق الاوسط ستنعكس تلقائيا على الاوضاع العامة في شتى أنحاء العالم حيث الكثير ممن ينخرطون في «داعش» وفي اعمالها الارهابية يحملون جنسيات اوروبية وغربية، وهذا الامر هو تماماً ما توقّعته الجمهورية الاسلامية الايرانية وتنبّأت به منذ اللحظة الاولى لبدء الازمة في سوريا.
وحول الهبة الإيرانية التي اثارت سجالا واسعاً بين الأوساط السياسية اللبنانية قال السفير فتحعلي ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية تولي إهتماما خاصاً للبنان بموجب روابط الصداقة والأخوة التي تجمع البلدين، وتعتبر أن واجبها يملي عليها الوقوف الى جانبه في ظل الظروف الصعبة التي يمر فيها لبنان في مواجهة الخطر التكفيري الذي لا يتهدّد الصيغة اللبنانية المتنوعة بجميع مكوناتها، فضلاً عن الخطر الصهيوني الجاسم على مقربة من حدوده الجنوبية.
واضاف : من هنا تأتي أهمية الهبة العسكرية التسليحية للجيش اللبناني التي في ما لو تحققت فإنه بإمكانها أن تكون "فاتحة خير" ومنطلقاً لمزيد من التعاون الثنائي الأخوي البنّاء مع الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني الباسل في المستقبل".
وشدد السفير الايراني: لقد أثبتنا جدّيتنا وحسن نيّتنا في تقديم هذه الهبة وأكدنا في العديد من المناسبات أنها جاهزة ليصار لتحميلها من المخازن، ونأمل أن تتمكن الحكومة اللبنانية من تذليل كل العقبات القانونية التي يجري الحديث عنها، والتي تحول دون تسلمها هذه الهبة.
و قال في ختام هذه المقابلة: نحن على ثقة تامة أن لبنان العزيز من خلال جيشه البطل ومقاومته الشريفة تجاه العدو الصهيوني سيكون قادراً على دحر الأطماع التكفيرية وربيبتها الإسرائيلية التي تتهدّد أراضيه، وهو يثبت قدرته في هذا المجال يومياُ رغم إمكاناته المتواضعة.
حاوره : فادي بودية
تاريخ النشر: ٧ ديسمبر ٢٠١٤ - ١٦:٠٦
اكد السفير الايرانى في لبنان محمد فتحعلي ان التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن لقتال "داعش" غير جاد وأنه قد تأخّر كثيراً، وهو أشبه ببروباغندا سياسية لتشويه إرادة الشعوب.