اكد السيد ياسر عباس الموسوي نجل الشهيد عباس الموسوي على ان والده كان يهتم بالقضية الفلسطينية منذ شبابه وتحمل صعوبات كثيرة في سبيل النضال وتدريب المجاهدين.

وقال السيد ياسر عباس الموسوي في مقابلة مع وكالة مهر للانباء حول نشأة الشهيد موضحا ان السيد عباس الموسوي ولد في بلدة النبي شيت(ع) في بيئة متواضعة أقرب للفقر،وفي كنف أسرة طيبة مؤمنة،وعاش طفولته الأولى في بلدته ثم انتقل الى بيروت وبالتحديد الى الشياح حيث تلقى علومه الاولى، كما وانتقلت عائلته لفترة الى الكويت بداعي عمله ثم مالبثت ان عادت الى بيروت حيث تابع دراسته وقد ظهر تميزه في تلك الفترة في مادة الرياضيات.
وتابع السيد ياسران ولع الشهيد موسوي بالقضية الفلسطينية ظهر في سن الخامسة عشرة وقد تابع تفاصيلها عبر الصحف وكانت المنظمة الفلسطينية الوحيدة آنذاك هي منظمة فتح وكانت تدرب من ينتسب اليها عسكريا" فعمل السيد على الالتحاق بهذه المنظمة والخضوع للتدريب العسكري في صفوفها في منطقة الزبداني في سوريا بعد أن قطع مسافة الحدود سيرا" على الأقدام.
وبخصوص الظروف التي دفعت السيد عباس الى تحصيل الدراسة الحوزية وكيفية بروز دور الأسرة في هذا المجال قال السيد ياسر انه بعد عودة عباس الموسوي من الزبداني تعرف بالسيد موسى الصدر الذى كان يتردد على بيوت المقربين منه فى الأوزاعي ،وكان للسيد صدر معهد لدراسة العلوم الدينية في صور فأعرب للسيد الصدر عن رغبته بالألتحاق بالحوزة وقد شجعه الامام الصدر على ذلك بعدما لمس منه مقومات تؤهله لتحصيل هذه الدراسة ،  ونتيجة إجتهاده وجده نصحه الإمام بالتوجه الى النجف الأشرف وفيه المعقل الأساسى للحوزات ، وتوجه اليها بكتاب توصية خاص الى السيد محمد الباقر الصدر الذى كان للسيد عباس الأب وسرعان ما غدا من المقربين والمؤمنين وكان يحمل الرسائل السرية الى السيد موسى الصدر، مضيفا بان تلك المرحلة شهدت نهضة إسلامية على الرغم من حساسية المرحلة وهيمنة نظام صدام وقوة نظام البعث.
وتابع نجل الشهيد: عاد والدي الى لبنان وعقد قرانه على والدتي واصطحبها الى النجف وهناك حصلت أحداث كبيرة وأصبح الوالد ملاحقاً من قبل النظام نتيجة علاقته بالسيد محمد باقر الصدر مما دفعه للعودة إلى لبنان بشكل نهائي،فتوجه إلى مدينة بعلبك وأنشأ حوزة علمية للرجال،وكانت متواضعة وبسيطة في بداية الأمر وتطورت فيما بعد لتصبح صرحاً علميّاً كبيراً،وسُميت بحوزة الإمام المنتظر (عج)،وقد جمعت كل من عاد من النجف الأشرف.
واوضح : كان الوالد يتابع الطلبة بشكل تفصيلي ودقيق ويُخضع كل مُنتسب لامتحان على قدر من الأهمية.وفي ذلك الوقت تمّ افتتاح حوزة علمية للأخوات بإيعاز من الوالد وتحت إشراف الحاجة أم زهراء زوجة الشيخ محمد خاتون والوالدة التي تتلمذت على يد بنت الهدى في النجف وعلى أيدي ثلة من العلماء في بعلبك،وقد شجع جدّاي والدي في مسيرته الحوزويّة بعد ما لمسا منه تميزاً وجدّية وقناعة في هذا الإطار.
وردا على سؤال حول انعكاس التحصيل الحوزوي على عمل الشهيد الموسوي الإجتماعي والسياسي والإنساني قال ياسر الموسوي : في هذه المرحلة لمعت شرارة الثورة الإسلامية في إيران ،فتوجه الوالد إلى الجمهورية الاسلامية وهو الذي لطالما ردّد على أسماع الطلبة في الحوزة "إني أرى هذه الثورة منتصرة  وفي القريب العاجل،وكأني أراه بأمّ العين."
واضاف: هناك حصل اللقاء الأول مع الإمام الخميني (قده) وبعدها عاد الوالد بمعنويات مختلفة وانطلقت فكرة مواجهة العدو وعندما جاء الحرس الثوري إلى لبنان كان السيد عباس أول من خضع للدورات العسكرية في جنتا،ولم ينأى بنفسه عن أي عمل ولم يعرف الراحة،إذ كانت منطقة البقاع تعاني من الحرمان على كافة الصعد،والناس يفتقدون إلى الثقافة الدينية والفقهية، فعمل السيد على توزيع الأخوة العلماء على المناطق في أيام الصيف تحديدا" لنشرعملية التبليغ كما وكان ابرز المؤسسين لمشروع المقاومة التي انطلقت من البقاع لتصل الى بيروت والجنوب وتلك المرحلة كانت مفصلية وهامة على الرغم من الفكرة السائدة "العين لا تقاوم المخرز".
واستطرد نجل الشهيد الموسوي الى قضية المقاومة قائلا: كان السيد عباس الموسوي معنيا بالتشكيلات الأولى للمجاهدين لذلك كان مضطرا للتغيب الذى كان يطول ليصبح شهراً كاملاً احياناً .ومع ذلك فقد اهتم منذ كان طالباً فى النجف بوضع والدتي الثقافي حيث حرص على أن تكون إنسانة مثقفة ومبلغة وليست ربة منزل وامّاً فقد وكان إلى جانبها في إدارة حوزة الأخوات ومشجعاً ومسانداً لها وقد حثني وكنت الأكبر بين إخوتي على الإلتحاق بالدورات العسكرية وعندما كان يتغيب لفترات كانت الوالدة تهتم برعايتنا وتقوم بالدور الأبرز،فقد كانت مسؤولة عن ستة أولاد وتتابع موضوع التبليغ وتستقبل الضيوف الذين يتوافدون بشكل دائم إلى منزلنا وفي نفس الوقت كانت تتابع أدقّ  التفاصيل في حياتنا وتقوم بدور الأب والأم معاً وكما قيل "وراء كل رجل عظيم امرأة".
وفي معرض رده على سؤال حول الأثر الذي تركه السيد عباس الموسوي في شخصيته قال نجله ياسر: لا أغالي إن قلت إن السيد عباس كان أنموذجاً فريداً جداً بعلمه وجهده وتواضعه وجهاده ولعل الأثر الأبرز الذي تركه فينا هو تعلقه الشديد بالناس وحبه اللافت لخدمتهم وهو صاحب الشعار المعوف "سنخدمكم يأشفار عيوننا" وكان معروفاً بصاحب يوم الخميس الذي خصصه لمراجعات الناس _قبل وبعد أن أصبح أميناً عاماً لحزب الله_يستقبل الجميع مهما كان عددهم ،لم يسأل يوماً عن طائفة أو مذهب أحد، فالجميع عنده سواسية يستمع إليهم وينظر في أمورهم ومشكلاتهم.
ولفت السيد ياسر الى موضوع استشهاد والده قائلا: كان أمراً متوقعاً في أي لحظة،فالوالد كان دائم الحديث عن الشهادة والشهداء،وبحكم عمله في الجنوب وعلاقته المباشرة بالمجاهدين الذين يودعهم قبل العمليات،ويستقبل السالمين منهم بعد عودتهم،كان يقصّ على أسماعنا بطولات هؤلاء،وبسالة من قضوا شهداء في سبيل الحق،والتحقوا بموكب الإمام الحسين (ع)،ويحثنا لنكون من الشهداء،وكان يتمنى ان يكون من عوائل الشهداء ويكون أحد أبنائه شهيداً،لأنه يخجل عند دخوله إلى عائلة أي شهيد،وكان قد أوصى أختي بتول أن تصلي ركعتي شكر لله إن سمعت بخبر شهادته يوماً.
وتابع: لكنه عندما تلقينا خبر شهادته وأمي وأخي حسين،شعرنا بصدمة كبيرة لأننا افتقدناهم في وقت واحد ،وبعملية مؤثرة ومؤلمة ولكن الصبر كان ولاذنا الوحيد، مشيرا الى "ما من مصيبة أعظم وأقسى من مصيبة الإمام الحسين (ع)،وهذا ما تعلمناه من السيد عباس والوالدة الحاجة أم ياسر،وما استقيناه من مدرسة عاشوراء"
وبخصوص اهمية احياء ذكرى استشهاد سيد الشهداء عباس الموسوي(قده) صرح نجله: كان السيد الوالد رحمه الله يردد دوماً "الأمة التى لا تحيي ذكرى الشهداء هي أمة ميتة لا وجود لها فإحياء ذكرى الشهداء أمر مهم جداً، ونحن المستفيدون عمليًّا من إحياء هذه المناسبات،فالشهداء حصلوا على ما أرادوا وتمنوا ونحن من نحتاج الى استلهام الدروس والعبر من سير وعطاءات هؤلاء العظماء الذين جادوا بالروح والدم والولد ولم يبالوا.
وفيما يتعلق بالخطوات الإعلامية المتخذة  لتفعيل حضور هذه الشخصية في العقول والقلوب والسلوك قال ياسر الموسوي:  نحن بصدد العمل على جمع مادة عالمية غير مسبوقة لكل ما يتعلق بمحاضرات ونشاطات وسيرة السيد عبر أشرطة الفيديو إضافة إلى جمع المادة المكتوبة من الصحف والمجلات ليصار إلى إصدارها سنويًّا على دفعات وثائقية مدروسة وممنهجة ليتسنى للأجيال التعرف على سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي الذي كان وسيبقى لأجيال رمز التضحية والفداء ومدرسة يتخرج منها الأبطال والمجاهدون والشهداء./انتهي/