قال الخبير الاستراتيجي اللبناني الدكتور امين محمد حطيط ان تنامي الحجم الاستراتيجي لمنافسي السعودية متزامنا مع تراجع دورها في المنطقة من اسباب شن الهجوم على اليمن بهدف اعادة دورها الاقليمي السابق.

وقال امين حطيط في تصريح لوكالة مهر للانباء حول دوافع السعودية في تشكيل تحالف عربي لشن الحرب على اليمن واسباب عدم تشكيل هذا التحالف في مواقف أخرى: نعتقد أن الدوافع التي حركت السعودية في عدوانها هي خمسة تتعلق بها بالإضافة إلى ما تريده أميركا وإسرائيل من العدوان وهي: اولا محاوله ترميم الفضاء الاستراتيجي السعودي بعد التآكل والضمور الذي لحق به خلال العقد الأخير وبخاصة خلال سنوات الحريق العربي الأربع حيث خسرت السعودية خلال تلك الفترة مقعد "الرعاية الأبوية والهيمنة" على القرار العربي والإسلامي، وبات فضاءها الاستراتيجي محصورا تقريبا بمجلس التعاون الخليج الفارسي مع بعض النتوءات، وببعض النفوذ الذي تشتريه بمال النفط في هذه الدولة أو تلك وهو نفوذ من طبيعية تأجيريه غير دائمة ينقطع عندما ينقطع الدفع. وتظن السعودية أن ترميم هذا الفضاء يستوجب شهر السيف بدءا باليمن لحفظها كحديقة خلفية لها.
واضاف ان الدافع الثاني هو خشية السعودية من تراجع موقعها لدى أميركا وتسرب الوهن للعلاقة التاريخية معها بعد المتغيرات الجديدة في المنطقة التي تعتبر انقلابا على حقبة ال 70 سنة الماضية لافتا الى ان السعودية تريد من عدوانها ومن التحالف الذي أنشأته أن تثبت لأميركا قدرتها على ممارسة دور وظيفي ميداني يخدم في نهاية المطاف المصلحة الأميركية والصهيونية ما يجعل أميركا أكثر حرصا عليها.
وتابع ان ادافع الثالث هو  الانشقاق في صفوف الوهابية التي منحت الشرعية أصلا لحكم آل سعود وقيام وهابية جديدة تعتمد القوة الميدانية وتملك السيطرة في بعض مناطق سورية والعراق وتهدد السعودية بعد أن أسقطت عنها شرعية الحكم حيث نرى ما يسمى "دولة إسلامية في العراق والشام “(داعش) والتي تعتنق الوهابية الجديدة لا تعترف بشرعية حكم آل سعود وتعلن بانها بصدد التمدد إلى الحجاز وامتلاك السيطرة على مكة والمدينة وشطب عنوان خادم الحرمين الشرفين من عائلة آل سعود وكذلك أرادت المملكة أن تثبت لداعش أنها قوية أيضا وأنها تملك "الجرأة والحزم " لاستعمال القوة دفاعا عن كيانها وفضائها.
واشار الى  التنازع ضمن الأسرة الحاكمة والكيد المتبادل بين أمرائها وحاجة المملكة لإيجاد عدو خارجي يفرض الصمت على معارضي حكم السديرين ويشد عصب العائلة باعتباره الدافع الرابع، موضحا انه خلال العدوان الذي يتوقع له أن يطول يكون سلمان وأبناء أشفائه وبعيدا عن أخوته وأبنائهم قد رسخ الوضع العائلي وأعاد الاستقرار إلى قصور الأمراء.
كما وقال ان الدافع الخامس للعدوان السعودي على اليمن هو  تنامي الحجم الاستراتيجي لتركيا في العالم الإسلامي السني وخشية السعودية من الدور التركي المستند أيضا إلى الإخوان المسلمين، وهنا ترى المملكة أن إعادة ترميم فضائها الاستراتيجي انطلاقا من اليمن وباستعمال القوة سيحجب إخفاقها في سورية والعراق وسيمكنها من استعادة دور الطليعة الإسلامية حاجبة تركيا وتاليا مصر عن هذا الشأن وبالتالي رات السعودية أن فكرة تحالف بقيادتها يخدم هذا الأمر ويرسخ زعامتها وبما ان هذه الدوافع لم تكن قائمة في امكنه أخرى فان السعودية لم تحاول ذلك وبهذا الشكل فالسعوديه الآن وفقا لما هو قائم ترى أنها تلعب لعبة حياة أو موت لجهة نفوذها الإقليمي وفضائها الاستراتيجي.
 وبشأن بعض الاصوات التي تتحدث عن وقوع السعودية في فخ امريكي ما سيؤدي الى استنزاف قوتها في اليمن قال الخبير العسكري اللبناني ان من وجهة النظر السعودية هذا الهجوم هو دفاع عن الموقع الإقليمي الاستراتيجي لكنه في الوقت ذاته يبدو انه بمثابة الفخ الأميركي الذي نصب للسعودية على غرار الفخ الذي نصب لصدام حسين في الكويت في العام 1991 واعتقد أن السعودية لن تخرج من هذا الفخ إلا مهشمة مستنزفة بشكل يعطي أميركا فرصة إعادة رسم خريطة نفوذها في المنطقة دون أن تزعجها السعودية أثناء ذلك.
  وحول تأثير الاتفاق النووي الايراني مع الدول الكبرى على القرار السعودي في شن الهجوم على اليمن قال الاستاذ الجامعي في الشؤون الاستراتيجية ان السعودية في حال رعب مما ستكون عليه المنطقة بعد تحرر إيران من العقوبات المفروضة عليها ذات الصلة بالملف النووي الإيراني وتخشى من العودة المكثفة للعلاقات الإيرانية الغربية ما يجعلها هي في صفوف خلفية مع حذاقة إيران في إرساء علاقاتها الدولية لذلك تريد مسبقا أن تثبت أنها تملك القوة والحزم لاثبات الوجود وللمحافظة على الموقع الإقليمي وتجميع أو تحشيد عدد كبير من الدول خلفها من العرب والمسلمين بمعنى أنها تقدم نفسها للغرب دولة قوية لا يمكن أن يستغنى عن خدماتها فيما نرى أن المسعى السعودي سيقود صاحبه إلى عكس ما أراد بعد أن يهزم أو يستنزف في اليمن لان إمكانية الانتصار السعودي في اليمن تكاد تكون شبه معدومة.
وردا على سؤال حول احتمالات الرد اليمني على العدوان السعودي قال حطيط : إذا استمر العدوان بالقصف الجوي فقط فلن يكون لدى اليمنيين الشيء الكثير الذي يردون به على السعودية سوى إمكانية اشتباك حدودي قد يتطور إلى تغلغل في عمق محدود وقصف بعض المراكز السعودية الجنوبية أما إذا تطور العدوان إلى المرحلة البرية هنا ستكون فرصة اليمن لسحق من يدخل اليها وتكون الخسائر السعودية عالية ومؤلمة أما التفكير بأعمال ضد المصالح السعودية في الخارج من النوع الذي قد يصنف إرهابا فاني لا أتصور في المدى المنظور أن يقدم اليمنيون عليها لأكثر من اعتبار.
كما واشار الى الدور الإيراني في الساحة السياسية الإقليمية خاصة في اليمن في ختام حديثه مؤكدا على ان إيران في سياستها الخارجية انها دولة عميقة حريصة على امن المنطقة ووحدة المسلمين وأنها قادرة على قراءة ما وراء السطور ولأنها تعرف ذلك فإنها تعرف أن عدوانا بهذا الحجم تقوم به السعودية وينتهك قواعد القانون الدولي ويعرض صاحبه للمساءلة والملاحقة هو عدوان لا يمكن أن يحصل لو لم يكن له تغطية من أميركا تحديدا.
واردف: لذلك فان تحميل أميركا المسؤولية المباشرة عن العدوان هو امر في محله الصحيح من الفهم العميق لمجريات الأمور وعلى هذا الأساس تجنبت إيران الانزلاق إلى الفخ الأميركي الثاني الكبير الذي نصب لها بعد البحرين وامتنعت عن المواجهة المباشرة مع السعودية وفقا لما تريده أميركا وتسعى اليه لاستنزاف الدولتين وإذكاء صراع سني شيعي أو عربي فارسي كما أنها دعت إلى حوار وحل سلمي في اليمن وهذا هو سلوك العقلاء الحريصين على الدماء بخلاف السعودية مشددا على إيجابية عالية لهذا الدور الإيراني الواعي والحريص على المنطقة والإسلام والمسلمين./انتهي

اجري الحوار - محمد مظهري