واضاف ميري في تصريح لوكالة مهر للانباء ان الحكومة النيجرية لم تتصد لجماعة بوكو حرام المتطرفة منذ بداية نشوئها، ان البعض كان يعتقد قبل هجمات ۱۱ سبتمبر ان "بوكو حرام" فرقة وهابية لا تشكل اي خطر جاد ، وانها ترفض النظام التعليمي وتعليم البنات وكانت تطلب من الآباء ان لا يسمحوا بذهاب ابنائهم الى المدارس ، وكانت نشاطاتهم ذات طابع دعائي، في حين ان الخطر الرئيسي هو الفكر الوهابي الذي يشكل عقبة كبيرة امام فهم الدين بشكل عصري وارساء تجربة الحداثة.
واشار الى ان السلفيين يقللون الحداثة الى مستوى التغرب وعندها يضخمون اساليبه ، ومن ثم يزعمون ان من يقبل ذلك فهو يقبل بحكم وولاية الكافر على المسلم، وكل من يكون ضدنا فيجب محاربته وكذلك الحكومة لانها تروج للنزعة الغربية.
وحول مصير مؤسس بوكو حرام ، قال الباحث جواد ميري ، ان محمد يوسف كان واعظا في احد مساجد مدينة ميداقوري حيث كان يبلغ للوهابية ، ومن ثم حكم عليه بالسجن بتهمة الوعظ بدون تصريح ، ومن ثم أسس جماعة واصدر فتوى ضد لقاح شلل الاطفال ، وفي عام ۲۰۰۹ قتل في اشتباك مع قوات الامن النيجيرية، ومن ثم تسلم شخص يدعى ابو بكر شيكاو قيادة الجماعة، وشيكاو من قرية تقع بجوار الحدود مع النيجر ، ودرس في كلية الدراسات القانونية والاسلامية في "بورنو استيت" وهو يجيد عدة لغات فهو يتكلم لغات الهوسه وفولاني وكنوري والعربية , لكنه لا يتكلم الانجليزية متعمدا ، وهو في العقد الخامس من عمره ، وقد اصيب عدة مرات بجراح اثناء المواجهات وكان على وشك ان يلقى حتفه.
وحول دلائل انضمام بعض المسلمين في نيجيريا الى جماعة بوكو حرام ، رأى الباحث جواد ميري ، ان العديد من المحللين الاوروبيين سعوا الى اظهار ان هذه الجماعة ليست لها قاعدة شعبية وانها جماعة تكفيرية لديها افكار متزمتة لكنهم لا يشرحون سبب اقبال الشباب الى هذه النوع من الجماعات، مشيرا الى المشكلة التي تواجه معظم دول العالم الثالث يكمن في الفساد المستشري وعدم التوزيع العادل للثروة وعدم شفافية البنى السياسية والاجتماعية والثقافية في هذه الدول ومن بينها نيجيريا مما ادى الى تهيئة الارضية لتذمر الشعب ، فنيجيريا احد الدول الغنية في العالم بسبب عوائدها النفطية الهائلة ، الا ان الفقر موجود في المجتمع فضلا عن التمييز الطبقي والفوارق الاجتماعية ، مما ادى الى ظهور افراد مثل محمد يوسف وابو بكر شيكاو استطاعوا استغلال الاوضاع الراهنة لتحقيق اهدافهم.
ولفت الى ان الحكومة والمؤسسات في السعودية تسعى الى تقوية الجماعات التكفيرية في المنطقة والعالم الاسلامي بدلا من انفاق ثروتها لخدمة الاسلام ومعالجة مشاكل العالم الاسلامي.
كما اشار ميري الى ان احد اسباب نمو الجماعات التكفيرية في القارة الافريقية هو وجود منافسة قوية بين الجماعات التبشيرية المسيحية والاسلام ، اي ان الجماعات التبشيرية التي تعمل كمؤسسة تبليغية مسيحية تتنافس مع جماعات التبليغ الاسلامي مما زاد من حدة المنافسة والاصطفاف بينهما.
وحول الصلة بين الاستعمار والتطرف ، اوضح الباحث الايراني ان هناك صلة وثيقة بين ظهور التطرف والاستعمار القديم والحديث ، فالاستعمار القديم نشأ بواسطة الامبراطوريات لكن الاستعمار الحديث نشأ بواسطة الشركات المتعددة الجنسيات ، فعلى سبيل المثال نرى ان عمليات بوكو حرام توسعت مع سقوط نظام معمر القذافي في ليبيا , فعندما انهار نظام القذافي استطاعت القاعدة وبقية الجماعات المتطرفة من السيطرة على المدن النفطية في ليبيا ، واقامت الشركات الفرنسية والبريطانية والالمانية وحتى الامريكية صلات وثيقة مع هذه الجماعات المتطرفة التي بدأت ببيع النفط والحصول على عوائده.
وتابع: الآن يحدث ذلك ايضا في نيجيريا ، اي اذا استطاعت جماعة بوكو حرام ان تقضي او تضعف النظام السياسي في نيجيريا. ويبدو ان مافيا الشركات المتعددة الجنسيات زادت من ارتباطاتها في قطاع الطاقة ، وهو ما نراه حاليا في العراق واجزاء من سوريا وحتى في افغانستان ، حيث شاهدت بنفسي ان الشركات البريطانية المتعددة الجنسيات كانت تستخرج الاحجار الكريمة في منطقة بدخشان من خلال روابطها مع زعماء طالبان بدون التنسيق مع الحكومة المركزية.
واكد ميري وجود صلات وثيقة بين ظهور المتعددة الجنسيات واضعاف المؤسسات التي تنظم العلاقة بين الحكومة والشعب في منطقة الشرق الاوسط ومناطق مختلفة من افريقيا ودول العالم الثالث ، بحيث نرى نشوء شكل آخر من الاستعمار الحديث في هذه المناطق.
وخلص الباحث الايراني قائلا ، ان الجماعات التكفيرية في نيجيريا من الناحية الفكرية تعمل على تحقيق اهداف الوهابية والسلفية، ومن الناحية المادية فانها تعتمد كثيرا على السعودية، واذا لم تكن مرتبطة بشكل مباشر مع الحكومة السعودية فانهم يتلقون دعما من امراء سعوديين من النواحي المالية والعسكرية والتدريبية./انتهى/