بعد ما نشرت "جبهة النصرة" في سوريا شريط فيديو تؤكد فيه قيامها هذا الأسبوع بخطف مقاتلين سوريين مدربين ضمن البرنامج الأمريكي، متهمة إياهم "بالتعاون مع الغرب"، فوض الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" القوات المسلحة الأمريكية شن ضربات جوية، ضد أي مجموعة تهدد المقاتلين الذين أشرفت واشنطن على تدريبهم في تركيا، حسبما أفاد به مسؤولون أميركيون .فلماذا أقدمت "النصرة" على هذا العمل؟

مجد عيسى*- دربت الولايات المتحدة الفرقة 30 مشاة، في تركيا لمحاربة "داعش" في سوريا، والمتخرجون منها نحو 56 عنصراً، لكن عديدها الفعلي بعد اكتمال الدورات التدريبية قد يصل إلى 3 الاف شخص.

وخلال عودة قائد الفرقة العقيد المنشق (عام 2012) نديم الحسن ونائبه وبرفقتهما 16 مقاتلاً للتنسيق لعمل عسكري، وبعد عبورهما معبر باب السلامة حيث كان ينتظرهم قياديون من الفرقة، كان ملثمو "جبهة النصرة" مستعدين لتنفيذ كمينهم الذي نصبوه على الطريق خلال توجه عناصر الفرقة إلى المالكية في الطرف الغربي من أعزاز، وهناك بدأ اطلاق النار واقتيدت المجموعة إلى جبل برصايا، وفشلت كل محاولات حل الأزمة الراهنة بين المجموعات المعارضة، خصوصاً بعدما سارعت أمريكا إلى الرد بغارة قصفت فيها تجمعات لعناصر من "النصرة" في أعزاز، ومحاصرة الأخيرة معسكرات الفرقة.

قامت "جبهة النصرة" بعمل يحمل أهداف تنظيم "القاعدة" في سوريا وتمثلَ بقتل وخطف عناصر من "الفرقة 30 مشاة" التي دربتها أميركا في تركيا، موجهة بذلك ضربة قاسية للمخطط الأميركي في تدريب مقاتلين سوريين وادخالهم إلى سوريا لمقاتلة تنظيم "الدولة الاسلامية"، وهي خطوة أظهرت فشل الادارة الأميركية في برنامجها للتصدي للارهاب في سوريا، لم يكسبْ منها سوى "داعش" بعدما باتت النصرة" حصنه الأول.

"النصرة" اعتمدت في هجومها على معلومات تتهم عناصر الفرقة بالتخطيط لمقاتلتها، بناءً على نظرية أن هؤلاء هدفهم مقاتلة التنظيمات الارهابية وبما أن "النصرة" تعتبر ارهابية بنظر أميركا فإنهم سيقاتلونها أيضاً، فإن الأخيرة كانت تعتزم التنسيق مع النصرة لتوجيه ضربة إلى "داعش" لكن الأمور اتخذت منحى آخر. وهذا ما ذكرته أيضاً صحيفة "نيويورك تايمز" في 31 تموز، حين أشارت إلى التعويل الأميركي للتنسيق مع النصرة.

واقدمت "جبهة النصرة" على فعلتها متسلحة بفكرة أن الفرقة هي الذراع الأميركي في سوريا ويجب قطعه، لكن هنا يطرح السؤال نفسه: أليست جبهة النصرةذراع "القاعدة" في سوريا؟ لماذا لم يتم قطع الذراع الداعشية مع بداية ظهورها؟ هل كانت حينها البوصلة مركزة على النظام السوري واليوم يمكن تجاوز القاعدة بضرب المعتدلين؟ في المقابل، سخر ناشطون من عديد الفرقة 30 والبرنامج الأميركي، متسائلين: هل يكفي 50 مقاتلاً لانهاء وجود "داعش" في سوريا؟ أما المراقبون العسكريون فسألوا: أين كانت الطائرات الأميركية خلال دخول عناصر الفرقة إلى سوريا لماذا لم يتم تغطيتهم بعدما بات معروفاً أن أميركا هدف بالنسبة إلى "النصرة"؟
ويعتبر موقف "حركة أحرار الشام" لافتاً مما جرى، فهي حليفة "النصرة" في مكوّن "جيش الفتح" في إدلب، إذ أكدت مصادر قيادية في الحركة  أن "معركتنا الأصلية مع النظام"، مشددة على أن "اغراق الساحة في معارك أخرى يضر بالثورة السورية وهذا ما تفعله جبهة النصرة بتأليب الأعداء وتكثير الخصوم ولا يعود على الثورة السورية إلا بالضرر".
ليست المرة الأولى التي تصطدم فيها "النصرة" مع ما يسمى بالمعتدلين، لكن ربما هي الأولى التي تواجه فيها أميركا بطريقة مباشرة.

 ويلخص أبرز الانتهاكات التي قامت بها "النصرة بالأتي:

- في الشهر العاشر من العام 2014، بدأت "النصرة" بمهاجمة الفصائل، باستهدافها "جبهة ثوار سوريا". قضت عليها وسيطرت على معسكر يتبع لحركة "حزم" في ريف ادلب، حيث قتلت أشخاصاً من "ثوار سوريا" اعتقلت عدداً منهم ومن "حزم".

- بعد حوالي شهر ونصف الشهر، هاجمت النصرة ألوية "الأنصار" في ريف ادلب الجنوبي وجبهة الحق في ريف حماة الشمالي وبعد معارك دامت قرابة شهر تمكنت من القضاء عليها وقتلت حوالي 15 عنصراً واعتقلت العشرات منهم.

- في بداية سنة 2015 شنت "النصرة" هجوماً على الفوج 46 في ريف حلب وهو معسكر "حركة حزم" الرئيسي، وبعد معارك دامت لفترة تمكنت من القضاء عليها وقتل 30 عنصراً وإصابة قرابة 100 مقاتل من حزم واعتقال آخرين. وفي كل هجوم شنته "النصرة" خسرت عناصر وسقط لها قتلى وجرحى.

- بعد الهجوم على "حزم" داهمت "النصرة" اللواء السابع في قرية عين لاروز في جبل الزاوية واعتقلت قائده وصادرت الأسلحة.

- وأخيراً شنت "النصرة" معركة على "الفرقة 30"، في منطقة اعزاز، حيث قتلت منهم خمسة عناصر وأصيب 20، وسقط أيضاً "للنصرة" عشرات القتلى، وكان السبب أن الأخيرة ادعت أن "الفرقة ذراع أميركا في المنطقة".
أما في شأن الغارات التي استهدفت "النصرة" فغالبيتها كانت تندرج ضمن أعمال التحالف الدولي لمكافحة الارهاب، باستثناء الأخيرة التي كان هدفها الدفاع عن المقاتلين الذين تدربهم أميركا ومنها غارة غرب سرمدا استهدفت امريكا خلالها سيارة على الطريق كان داخلها قياديان اثنان من النصرة وغارة في حارم والأخيرة في أعزاز.

اما جبهة النصرة وعبر ذلك الإجراء قامت بإعلان الحرب على الولايات المتحدة فللنتظر لنرى كيف ستكون السياسات الامريكية الجديدة في سوريا...

* كاتب سوري