تاريخ النشر: ١٥ سبتمبر ٢٠١٥ - ١٠:٥١

حسين شعيتو*- تعتبر الانتخابات الأمريكية كما هو سائد الأكثر تعقيدا وتناقضا بين أنظمة العالم أجمع بحيث يبلغ عدد سكان الولايات المتحدة اليوم 322 مليون نسمة بينما يتم انتخاب الرئيس من هيئة ناخبين مؤلفة من 538 شخصا بحسب ما تنص المادة الثانية من الدستور الامريكي الموضوع عام 1789.

وبالتالي يكون كل شخص في الهيئة يصوت بالنيابة عن مليون ونصف المليون شخص من الشعب. وقد وضع هذا القانون حينها كحل وسط بين الاقتراع المباشر وقيام الكونغرس بانتخاب الرئيس بعد المشكلات التي واجهها النظام آنذاك فالأول كان تعسفي غالبا ما يهمش العرق الأسود والثاني ينتهك مبدأ الفصل بين القوى التنفيذية و التشريعية والقضائية .

وكما جرت العادة تبدأ الحملات الاعلامية والحديث عن الانتخابات الامريكية قبل فترة طويلة من انتخاب الرئيس و تقسم الى مرحلتين: الأولى تكون على مستوى الشعب والثانية وهي تجري عادة في النصف الاول من شهر ديسمبر ويتم فيها انتخاب الرئيس عبر هيئة الناخبين. ومنذ الاتفاق على هذه الصيغة تقوم الانتخابات على مبدئين اساسيين ايضا : مبدأ التناسب اي لكل ولاية عدد من الناخبين يساوي ممثليها في مجلس النواب ومبدأ المساواة وهو عدد ممثلي كل ولاية في الكونغرس بالاضافة الى ثلاثة أعضاء آخرين. من هنا يتبين التناقض في بنية هذه الانتخابات فكم من رئيس احتفل بفوزه في مرحلة انتخاب الشعب ليخيب ظنه عندما يخسر اصواته في مرحلة هيئة الناخبين كما جرى في انتخابات عام 2000 عندما احتفل منافس جورج بوش الابن بالفوز بفارق نصف مليون صوت من الشعب ولكنه خسر المنافسة في المرحلة الثانية لأن بوش حصل على اصوات معظم الناخبين.

اما بعد فيمكن تشبيه الانتخابات الامريكية اليوم ببعض الشركات العابرة للحدود التي تروج للمنتج قبل اطلاقه بسنة او اثنين وهذا هو الحال مع المرشحين ولهذا تكتسب الانتخابات التمهيدية (المرحلة الاولى) أهمية كبرى نظرا للدور الذي تلعبه في كشف الستار عن المرشحين فهلاري كلينتون مثلا تقدمت بترشيحها في ابريل هذا العام وهي من المرشحين الاقوياء نظرا لخبرتها في السياسات الخارجية التي تعيرها امريكا اليوم أهمية كبرى.

تبلغ المرحلة التمهيدية ذروتها في الفترة ما بين يناير و يوليو قبل الانتخابات العامة في نوفمبر وتعلن الاحزاب عن مرشحيها عبر مؤتمر وطني خاص يعقده الحزب قبل هذه المرحلة مع العلم ان الحزبين الجمهوري والديمقراطي هم الاكبر والأوسع نفوذا الا أن العملية الانتخابية لا تخلو من بعض الاحزاب الصغيرة الأخرى وبعض المرشحين الاخرين.

يتوقع ان تبدأ الانتخابات التمهيدية للحزبين الجمهوري و الديمقراطي في فبراير 2016 و تتميز هذه النسخة بالعدد الوفير من المرشحين فبالاضافة الى كلينتون تقدم كل من: جيب بوش ,دونالد ترمب ,سكوت ووكر ,ماركو روبيو ,بن كارسن ,مايك هاكابي ,تيد كروز ,راند بول ,ريك بيري ,كارلي فيورينا ,ريك سانتوروم ,ليندسي جراهام ,كريس كرستي ,بوبي جندال ,جورج باتاكي ,جون كاسيتش ,برني ساندريز ,مارتن اومالي ,لينكولين تشافي وجيم ويب بترشيحهم وهم فعاليات وحكام و مدراء سابقين في مختلف الولايات الأمريكية تتراوح اعمارهم بين ال40 و 75 عاما .

على الرغم من القوانين المتناقضة الراسخة في الكونغرس والتي يعتبرها البعض غير عادلة و معقدة في اختيار الرئيس يشهد الشارع الامريكي احتداما في الصراع على الرئاسة في ظل العدد الكبير من المرشحين الذين يتمتعون بشعبية كبيرة ومؤهلات كثيرة للتربع على عرش الولايات المتحدة فمن سيكون الرئيس المرتقب للبلاد الامريكية والذي تنتظره رهانات صعبة ومعقدة في ظل التغيرات الاقليمية والدولية الحاصلة اليوم ؟؟

*كاتب لبناني

سمات