وقال وزير الخارجية محمد جواد ظريف في حديثه مع جريدة "السفير" اللبنانية أن هناك مخاطر جدية تتهدد منطقتنا بكاملها ولا تقتصر على سوريا وحدها مستبعداً أن يخرج المؤتمر المزمع انعقاده اليوم (السبت) في فيينا حول سوريا بنتائج جدية، مشدداً على أن «الأصدقاء لا يدركون المخاطر التي تتهدد منطقتنا بدولها جميعاً، خصوصاً أن الأميركيين غير جادين وغير موضوعيين بدليل دعمهم المفتوح والدائم للكيان الصهيوني».
وحول المفاوضات الايرانية-الامريكية بفيينا اكد وزير الخارجية ان "مباحثاتنا مع الأميركيين كانت تقتصر، في الواقع، على الملف النووي فقط، ولو أن الأميركيين كانوا مستعدين ويرغبون ـ عملياً ـ لإدخال القضايا الإقليمية في المباحثات، ولكننا لم نكن مستعدين وجاهزين، لسببين: الأول أننا لا نثق بالأميركيين ولا نعتبرهم جادين في ما يتصل بقضايا منطقتنا بسبب دعمهم للكيان الصهيوني، كما أنهم ليسوا موضوعيين. والسبب الثاني، يتعلق بأننا نحبذ بحث القضايا والمواضيع الإقليمية مع أصدقائنا في المنطقة، لأننا نعتقد انه يجب تسوية قضايا منطقتنا بواسطة دولها.
أما بخصوص مستقبل العلاقات مع أميركا، قال ظريف: فإن هذا الأمر يعتمد على كيفية تنفيذ الأميركيين للاتفاق النووي. يجب أن نرى إذا كان هناك إمكان لتخفيف عدم الثقة لدى الأميركيين بإمكان تنفيذ الاتفاق النووي أم لا. لكن حتى اليوم رأينا أن الأميركيين، برغم الجهود التي بذلوها، لا زالوا تحت تصرف الكيان الصهيوني.
أما في ما يتعلق بالدول الأوروبية، اشار ظريف الى ان الأوروبيين كانوا شركاءنا الأساسيين في التجارة، وكانت هناك علاقات سياسية واسعة جدا بيننا وبينهم، لكن هناك أيضاً خلافات بيننا. نحن الآن نشعر أن الأوروبيين حريصون في الواقع على التعاون معنا في القضايا الاقتصادية وكذلك القضايا الإقليمية، ونحن مستعدون لان نتعاون مع الأوروبيين في إطار مبادئنا.
وفي ما يتعلق بروسيا، لفت الوزير الايراني الى تقارب المواقف بين طهران وموسكو بشكل عام، "لأن وجهات النظر مع روسيا ومواقفها تجاه القضايا في منطقة الشرق الأوسط عموماً كانت أكثر مبدئية وجدية من المواقف الأميركية والأوروبية".
وأضاف ظريف: نحن لا نزال نعتقد أن أهم قضية في منطقتنا هي قضية فلسطين. إن المشاكل التي أوجدت، للأسف، بين دول هذه المنطقة هي هدية للكيان الصهيوني. وعلى هذا الأساس فإن كل المسائل التي نبذلها تتجه إلى داخل المنطقة.
ورأى ان السياسات الأميركية تجاه المنطقة جميعاً تمر عبر إسرائيل والعلاقة بين أميركا والكيان الصهيوني قديمة ومميزة، لكن الموقف العربي ضعيف والإسلامي عموماً صار أضعف، وهذا ما سمح لأميركا بأن تظهر هذه العلاقة من دون أي خوف من ردة فعل عربية.
وبخصوص سياسات ايران تجاه القضية الفلسطينية نوه الى ان "مسألة الكيان الصهيوني في المنطقة والجرائم التي يرتكبها هذا الكيان ضد الشعب الفلسطيني موضوع محوري ويؤثر علينا. يمكن أن يكون الوضع قد تغير بالنسبة إلى إخوتنا العرب، لكن بالنسبة لنا لم يتغير شيء"موضحا : في حياتنا السياسية مبادئ، وبعض هذه المبادئ نص عليها الدستور الإيراني، ومن هذه المبادئ دعم الشعب الفلسطيني، وهو أمر لم يتغير. بالنسبة لنا فإننا نرى أن الولايات المتحدة تمارس سياسات خاطئة في الواقع، وهذه السياسات الخاطئة أدت إلى تنمية التطرف والإرهاب في هذه المنطقة، والى مزيد من الاستمرار في جرائم الكيان الصهيوني، فلا بد من تغيير هذه السياسات. إننا نشعر انه لا بد للأميركيين أيضاً أن يغيّروا في مواقفهم، وهم سيضطرون في نهاية الأمر لتغيير هذه المواقف والسياسات، عاجلاً أم آجلاً.
واستطرد رئيس الجهاز الدبلوماسي الى اتهام ايران بالتدخل في المنطقة من جانب بعض الجهات الاقليمية قائلا: نحن لا نسعى وراء ملء فجوة في العالم العربي. نحن نشعر أننا جزء من المنطقة وأمن المنطقة، في الواقع، هو أمننا، فلا يمكننا أن نهتم بالماضي فقط، فقد كان هناك ماض مرير لنا مع بعض العرب، وكانت هناك حرب مدمرة لمدة ثماني سنوات، والجميع كانوا يدافعون ويدعمون من هجم علينا. لكننا تجاهلنا الماضي ووضعناه جانباً. ولكنّ هناك ظروفاً الآن تهدد كل الشعوب والحكومات في المنطقة، ولا تقتصر هذه التهديدات فقط على سوريا والعراق واليمن، ولا يوجد أي حل عسكري لها، حتى ضد الإرهاب والتطرف.
وجواباً على سؤال حول «داعش» والتهديد الجديد الذي يشكله على أمن المنطقة عموماً، قال وزير خارجية إيران: إن بعض دول المنطقة تفترض أن «داعش» لعبة في يدها، وهناك جهات ترعى هذا التنظيم الإرهابي وتموله وفي هذا السياق يكفي أن نسأل: من يشتري النفط «الداعشي»؟ ومن يسلح «جبهة النصرة» و»أحرار الشام»؟
وحول ما يثار حول احتمالات الحرب بين السنة والشيعة قال ظريف: نحن لا نريد ولا نحاول أن ندعم الشيعة ضد السنة. وعلينا أن نتذكر دائماً أن ملك الأردن عبد الله بن الحسين كان أول من استخدم تعبير «الهلال الشيعي»./انتهى/