كتب الاعلامي الاردني هشام الهبيشان مقالا تطرق فيه الى التفجيرات الاخيرة في بيروت مشيرا الى ان المعارضة السورية قررت بعد الانتكاسات المتلاحقة التي لحقت بها في  حلب والهزائم في الميدان العسكري وفي لحظة يأس أن تصب جام غضبها على حزب الله.

في هذه المرحلة المفصلية التي تعيشها قوى المقاومة اللبنانية بعد تفجيرات الضاحية الجنوبية الاخيرة، وفي ظلّ هذه الهجمة الشرسة من قبل بعض الكيانات الوظيفية في المنطقة، بدعم من مشغليها على قوى المقاومة، بات واضحاً ومن دون أدنى شك أنّ هناك قوى داخلية في لبنان وخارجه تسعى إلى ضرب حزب الله، بمساعدة إقليمية ـ دولية، في محاولة للوصول إلى قرار إقليمي ـ دولي يسعى إلى ضرب منظومة المقاومة واستغلال الوضع اللبناني الداخلي وما يحمله من أزمات متراكمة وملفات معقدة سهلة الحلّ، إن وجد قرار وطني لبناني حر، ولكن لكثرة وتعدّد المرجعيات الإقليمية والدولية نرى اليوم هذه الملفات تتحول تدريجياً إلى ازمات قد تعصف بالدولة اللبنانية في أي وقت، وفي الاتجاه نفسه تدعي هذه القوى الداخلية اللبنانية والخارجية إقليمياً ودولياً أنّ مشاركة الحزب في معارك شمال سوريا اخيراً هي سبب استهداف حزب الله في لبنان.

مما لا شكّ فيه أنّ حزب الله كان يدرك حجم الانتقادات والتهم التي سوف تنهال عليه من كلّ حدب وصوب عندما اتخذ قراره بالتدخل المباشر في معارك الشمال السوري الاخيرة ، ومع كلّ هذا وذاك كانت للحزب حساباته السياسية والأمنية والأخلاقية التي يؤمن بها ويراها أكبر من كلّ الانتقادات التي وجهت إليه، لأنّ الحزب استشعر، كغيره، حجم الخطورة التي ستفرزها الأيام المقبلة على كلّ من سوريا ولبنان، في حال بقاء هذه المجموعات المسلحة المتطرفة تتحرك في شكل علني في سوريا.

اليوم وبعد الكمّ الهائل من الانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري في حلب ، بدعم من المقاومة، من الطبيعي تنشأ حالة من الهستيريا والجنون لدى الكثير من قوى التيار الآخر المعادي للدولة السورية ولقوى المقاومة في المنطقة، فقد قرروا بعد الانتكاسات المتلاحقة التي لحقت بهم في  حلب والهزائم في الميدان العسكري وجملة انتصارات الدولة السورية في الميدان العسكري والسياسي، في لحظة يأس أن يصبّوا جام غضبهم على حزب الله، وبذلك وجد الحزب نفسه من جديد ضمن معادلة مركبة الأهداف والعناوين، فهو اليوم مستهدف داخلياً وخارجياً.

اليوم من الواضح أنّ هناك بعض القوى اللبنانية، وبدعم من بعض القوى الإقليمية والدولية تسعى إلى شرعنة وجود المجموعات الارهابية المسلحة على في سوريا وبعض مناطق لبنان، والدليل هنا أنّ سلسلة الأحداث في بلدة عرسال اللبنانية تمت شرعنتها وأصبح الإرهاب العابر للقارات والمحيطات والدول إرهاباً شرعياً، بل أصبح وجوده الآن ضرورة عند بعض الأطراف في لبنان، كأداة ضغط على حزب الله وقوى المقاومة لجلبها إلى ميزان التسويات في المنطقة.

يعرف حزب الله، بدوره، مسار هذه المؤامرة الكبرى التي تستهدفه داخلياً وإقليمياً ودولياً، فالحزب يعي اليوم وأكثر من أي وقت مضى أنّ لبنان أصبح ساحة مفتوحة لكلّ الاحتمالات من اغتيالات وتفجيرات وانتشار للجماعات الإرهابية، فالمناخ العام للقوى المعادية له بدأ يشير بوضوح إلى أنّ حزب الله بات هدفاً لهذه القوى، وهنا حاول الحزب، قدر الإمكان، تقديم مبرّرات ومعادلات الأمن الذاتي والمبادئ الأخلاقية والحسابات المستقبلية لتوسع نفوذ وقواعد الجماعات الإرهابية التي نشرت قواعدها بالقرب من الحدود اللبنانية ـ السورية، كسبب منطقي لدخوله بقوة إلى ساحة المعركة في سورية ،وفعلاً اتضح، مع مرور الوقت، أنّ الحزب كان محقاً في طرح مبرراته تلك وقد كانت كلّ المخاوف الموجودة عند الحزب محقة، فالجماعات المتطرفة المسلحة أصبحت لها قواعد داخل الجغرافيا اللبنانية في شكل واضح لا يقبل التشكيك، وهنا قدم الحزب كلّ المبرارت لهذا التدخل، مع العلم إنّ تدخل الحزب في معارك الشمال السوري لا يخرجه عن خطه السياسي والنضالي كحركة مقاومة مسلحة وطنية لبنانية، وقد استطاع أن يبرّر دفاعه ووقوفه إلى جانب الدولة السورية ضمن مفهوم العلاقة الاستراتيجية والأمنية بينهما نظراً إلى ما تمثله الدولة السورية من حماية لظهر المقاومة اللبنانية والفلسطينية، والعراقية سابقاً.

ختاماً، لقد سار الحزب في سوريا في  الطريق الذي يراه منسجماً مع مواقفه ومبادئه السياسية والأخلاقية، فاليوم وبعد حسم الجيش العربي السوري بإسناد حزب الله وقوى المقاومة الأخرى مجموعة من الأهداف الاستراتيجية في شمال سوريا،وقد أعادت هذه الانتصارات في الميدان العسكري السوري خلط الأوراق على الأرض السورية، وهذا يعني كسراً مرحلياً لكلّ رهانات مشروع اسقاط سوريا عسكرياً،ومن هنا فإنّ الحسم العسكري السريع لمعارك الشمال السوري، ستكون له تداعيات على عموم ملفات المنطقة، وخصوصاً على ملفات الداخل اللبناني، وفي المحصلة، يمكن القول إنّ المرحلة صعبة وتأكيد ما سيجري من عمليات قيصرية في المنطقة في المرحلة المقبلة ما زال مجرد تحليلات وتكهنات لأنه لم يعد يأخذ منحى عابراً كما يتحدث البعض، وما وراء الكواليس هناك تكهنات بل يمكن القول أنها تأكيدات حول تطورات دراماتيكية سيعيشها لبنان، كجزء من حالة الاستقطاب في المنطقة والتي ستتأثر إلى حدّ ما بمسار حسم معركة الشمال السوري./انتهى/