واعتبر ماهر الخطيب في تصريح لوكالة مهر للأنباء أن هذه الرسالة تحظى بأهمية كبيرة، لا سيما على مستوى التوقيت، في ظل المرحلة الحساسة التي يمر بها العالم، وبعد التهديدات الإرهابية وإنتشار الأفكار المتطرفة، الأمر الذي يترك تداعيات خطيرة على مستوى النظرة إلى الدين الإسلامي.
واضاف: من هذا المنطلق، كانت رسالة قائد الثورة بمثابة تأكيد على القيم الإسلامية الأساسية، التي تنص على أن الرسالة جاءت رحمة للعالمين وليس فقط المسلمين، وبالتالي ما يراه العالم اليوم لا يمت بأي صلة إلى الإسلام، وكان من الواضح أن السيد علي الخامنئي يريد أن يتوجه إلى فئة الشباب من أجل أن يلعبوا دوراً فاعلاً في بناء العلاقات الإنسانية.
وفي معرض اشارته الى توجيه الرسالة الى الشباب الغربي بدلاً عن كبار الساسة في الغرب قال الخطيب :من اللافت أن السيد خامنئي لم يتوجه إلى الحكومات الغربية، على إعتبار أنها مشاركة بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالأزمة القائمة، فالجميع بات يعلم بأن هناك منها من دعم الجماعات الإرهابية أو على الأقل غض النظر عنها من أجل الإستفادة منها على المستوى السياسي، وهو ذكر بشكل أساس بدور الولايات المتحدة في دعم حركة "طالبان" خلال الحرب الأفغانية، وبالتالي على هؤلاء الشباب أن يدركوا أيضاً أن سياسات دولهم الخاطئة تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية عن الواقع الراهن.
وحول اصداء الرسالة بين الاوساط الغربية قال الخطيب لوكالة مهر للأنباء : قد يكون من المبكر الحديث عن أصداء إيجابية أو سلبية لهذه الرسالة، لكن من المؤكد أن هناك أصواتاً باتت ترتفع في العديد من البلدان تسأل عن الأسباب التي أوصلتهم إلى هذه الحال.
وتابع: في الدول الأوروبية باتت بعض الأوساط تتحدث بشكل صريح عن ضرورة مراجعة العلاقات القائمة مع بعض الدول الإقليمية التي تعتبرها داعمة للجماعات الإرهابية، سواء كان ذلك على المستوى الفكري أو المالي والتسليحي.
وفي معرض اشارته الى اسباب تركيز قائد القورة على مقارنة الارهاب الذي تعرض له الغرب بالارهاب الطي يتعرض له الفلسطينيون اكد الخطيب : من المعلوم أن الدول الغربية تتغاضى منذ البداية عن إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل منذ سنوات، مستهدفة شعوب المنطقة، خصوصاً اللبنانيين والفلسطينيين، الأمر الذي يطرح إزدواجية المعايير التي يتم فيها التعامل، في حين أن هذه الدول نفسها تصنف قوى وفصائل المقاومة منظمات إرهابية.
ولفت الى أن هذه الدول كانت الدعم الأساسي لولادة الكيان الصهيوني في المنطقة، من وعد بلفور مروراً بكل المراحل اللاحقة، وبالتالي لا يجب أن يكون إرهاب مقبول وآخر مرفوض.
وبخصوص احتمال تشكيل جبهة موحدة جادة للقضاء على داعش على الصعيد الدولي رأى انه حتى الساعة، ليس هناك ما يؤشر إلى إمكانية هذا الاحتمال، بسبب إصرار بعض الدول على الإستفادة من هذه الورقة من أجل تحقيق مصالحها في المنطقة، وهذا الأمر كان واضحاً من خلال تعمد طرح مشاريع التقسيم والحديث عن ولادة شرق أوسط جديد من رحم ما يحصل من أحداث دموية.
واضاف :على صعيد متصل، أظهر التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن عدم رغبة في القضاء على التنظيم الإرهابي، حيث كان العمل على إحتوائه بشكل رئيسي، وهو ما تأكد من خلال ردة الفعل على الحملة التي أعلنت الحكومة الروسية رغبتها القيام بها بالتعاون مع الحكومات السورية والعراقية والإيرانية، لأن الجميع بات يدرك من هي القوى الحقيقية التي تحارب الإرهاب على أرض الواقع.
وحول تفسيره بشأن التاكيد المستمر على مواجهة اسرائيل في كل خطاب لقائد الثورة الاسلامية في ايران صرح الاعلامي اللبناني ان مواجهة إسرائيل من صلب السياسات الإيرانية، وهذا الأمر ينبع من إدراك حقيقة المشكلة الكامنة في المنطقة، خصوصاً أن الدور الإسرائيلي في كل ما يحصل بات واضحاً، معتبرا ان اسرائيل، بحسب ما قال بنيامين نتانياهو مؤخراً، لا تجد نفسها معنية بالقضاء على داعش، كما أنها تدخلت في الحرب السورية بشكل علني في أكثر من مناسبة من أجل مساعدة الإرهابيين عندما تشعر بأن هناك خطراً عليهم، ودعمها جبهة النصرة من خلال معالجة جرحاها لم يعد سراً.
ورأى ان إسرائيل تعتبر الطرف الأول المستفيد من كل ما يحصل، فهي كانت دائماً تسعى إلى إشعال الفتن المذهبية والطائفية والعرقية من أجل تدمير المجتمعات في الدول الأخرى، مشيرا الى ان اليوم اسرائيل تشعر بأنها في أفضل حال مع الحروب التي تخوضها الجماعات المتطرفة بالنيابة عنها، بالإضافة إلى ذلك العالم ينسى ما يحصل في هذه الأيام من جرائم بحق الشعب الفلسطيني حيث تجري التصفيات في الشارع، وبالتالي من الضروري دائماً التذكير بما تقوم به من جرائم.
وفيما يتعلق باشارة القائد الى صلات فاشلة بين الشرق والثقافات الغربية قال: في رسالته، طرح آية الله الخامنئي جملة من التساؤلات التي ينبغي التوقف عندها على هذا الصعيد، من إستخدام العالم الغربي "أدوات متطورة مصرّاً على الاستنساخ والتطبيع الثقافي في العالم، بالإضافة إلى الأسباب التي تدفع من وُلِد في أوروبا إلى الإنضمام إلى الجماعات المتطرفة" لافتا الى ان هناك نظرة غير محببة في التعامل مع المجتمعات العربية والإسلامية من قبل الدول الغربية، حيث تعتبرها متخلفة وغير ناضجة، في حين أن الأخيرة تفتخر بما تمتلكه من مخزون ثقافي عريق، وهي كانت في الأصل مهد الحضارات الإنسانية.
واكد على أهمية دعوة السيد الخامنئي إلى ترميم الهوّات بدل تعميقها، وعدم الذهاب نحو ردود الأفعال المتسرّعة التي تزيد من حالات القطيعة الموجودة، وبالتالي يجب أن تكون محاربة الإرهاب المرفوض من كل الشعوب عامل وحدة لا عامل شرذمة وتفرقة.