نشرت صحيفة "النهار" اللبنانية مقالا بقلم الاعلامي اللبناني سركيس نعوم تحت عنوان "الخامنئي فاجأ الداخل الايراني والخارج" تطرق فيه الى انجازات ايران على الصعيدين الاقليمي والعالمي معتبرا ان طهران اصبحت أكثر ثقة بنفسها نتيجة تطوير قدراتها العسكرية والاقتصادية.

وجاء في المقال ان المسؤولين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية كانوا منذ تأسيسها يعملون لإقناع زوار طهران وخصوصاً القادمين من العالم العربي والإسلامي، بأن مشروعها الإيديولوجي – الديني – السياسي سينتصر، وبأنها تمتلك القدرات اللازمة لتحقيق ذلك، وبأنها في النهاية ستصبح دولة كبرى ليس في المنطقة فقط بل في العالم قادرة على استقطاب دول العالم الثالث المستضعفة، وعلى تكوين محور دولي منافس جدِّياً للولايات المتحدة الزعيمة الأحادية للعالم منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.

واضاف الكاتب ان هؤلاء الزوار كان معظمهم يقتنع بما يسمعه أولاً لإيمانه بالإيديولوجيا الإيرانية نفسها. وثانياً لرؤيته بأمّ العين فشل أول تحدٍ إقليمي للنظام الإسلامي في إيران قام به عراق صدام حسين رغم الدعم الأميركي والعربي الواسع للأخير. وثالثاً لنجاح هذا النظام في وضع مشروع إقليمي طموح، وفي تنفيذ غالبيته. علماً أن التطورات العسكرية والعنفية التي تشهدها المنطقة منذ أواخر عام 2010 أثارت شكوكاً كثيرة مبرّرة في استكمال تنفيذه كما هو، واقتناعات عدة باحتمال الاستعاضة عنه بدور إقليمي مهم ولكن غير شامل مشيرا الى ان الزوار الموضوعيين فكانوا يرون الجهد المبذول على غير صعيد، لكنهم لم يصلوا إلى درجة الاقتناع بأن الأهداف الطموحة قابلة للتحقّق كلها.

وتابع : اما زوار اليوم، وخصوصاً الذين منهم يتابعون من قرب الأوضاع في المنطقة وتطوراتها الصعبة والسياسات الدولية المتصارعة في دولها وعليها، فإنهم يخرجون باستنتاجات واقعية إلى حد بعيد عن تغييرات جدِّية وإيجابية حصلت في إيران معتبراً ان ايران أولاً أصبحت أكثر ارتياحاً وأكثر ثقة بنفسها نتيجة إنجازات تحققت، وليس فقط نتيجة إيمان مطلق بإيديولوجيا وبولاء الجماهير الإيرانية بل الإسلامية في العالم.

واردف الكاتب ان "من هذه الإنجازات هي الاتفاق النووي مع المجموعة الدولية 5+1 التي تُعتبر أميركا الدولة الأكثر أهمية وقدرة فيها سياسياً وعسكرياً وتكنولوجياً وإقتصادياً. فهو أدخلها نادي الدول النووية ومن الإنجازات أيضاً انهماك إيران، ورغم أزماتها مع العالم والعقوبات الدولية والأوروبية والأميركية، في إعادة بناء مرافقها وبناها التحتية المدنية والاقتصادية وفي تأسيس قوة عسكرية مهمة جداً."

واكد على انه مَن يرَ طهران اليوم يشعر أنها عاصمة حديثة بمبانيها وشوارعها وساحاتها وفنادقها ومطاعمها وأنفاقها وجسورها. ولا يعني ذلك أنها حلَّت مشكلاتها الاقتصادية كلها، وقضت على الفقر والتخلُّف وخصوصاً في الأرياف، و رأى "من الإنجازات ثالثاً قيام دولة جدّية وحديثة، فمسؤولوها الكبار رجال دولة بكل معنى الكلمة، ويعملون بالتنسيق في ما بينهم حتى عند استقبال الزوار الأجانب والوفود السياسية والإعلامية والاقتصادية". 

واضاف ان قائد الثورة الاسلامية آية الله الخامنئي فاجأ الكثيرين الذين ظنوا يوم خَلَفَ مفجر الثورة الإسلامية وجمهوريتها عام 1979 الإمام الخميني أنه سيكون عادياً أولاً لوجود من هم أكثر علماً وفقهاً منه وتالياً أكثر أهلية لاحتلال هذا الموقع. وثانياً لخوف من أن يصبح أسير العسكر من “حرس ثوري” وجيش نظامي جرّاء حاجته إليهم. علماً أن حاجتهم إليه قد تكون أكبر لأنه دستورياً وإيديولوجياً المرجع الأول وصاحب القرار النهائي في كل شيء. ذلك أنه أظهر حنكة عالية وحكمة وطول باع سياسي في التعاطي مع صعوبات الداخل ومشكلاته.

واعتبر الكاتب ان آية الله الخامنئي وبتصرفه وسلوكه جعل الجمهورية الإسلامية ديموقراطية جزئياً باعتماده الانتخابات المنصوص عليها في الدستور، وبعدم استعماله أساليب غير قانونية (تزوير مباشر مثلاً) لمنع وصول مرشحين لا يرتاح إليهم إلى رئاسة الجمهورية أو مجلس النواب مشيرا إلى نشوء نظام الحزبين أو بالأحرى التيارين الإصلاحي والمحافظ ومشددا على ان هذه الديموقراطية لن تكتمل إلا عندما تشمل الإيرانيين كلهم من إسلاميين وغير إسلاميين. وهذا ممكن لكن يلزمه وقت طويل.

و لفت الى ان من الإنجازات رابعاً بعض الرحرحة الاجتماعية غير المناقضة لإسلامية النظام، وممارسة المرأة دورها الكامل بوصفها نصف المجتمع متسائلاً في ختام المقال : كيف عالج المرشد والولي الفقيه الملف النووي والمواقف المتناقضة من الاتفاق مع الـ5+1 في الداخل الإيراني؟ وكيف سيعالج العلاقة مع أميركا؟ /انتهى/