فَقدَت سلطنة عُمان بريقها في الخليج الفارسي اثر انفتاحها على إيران، الأمر الذي فهمه النظام السعودي، على أنه تَعدي الخطوط الحمراء التي وضعتها السعودية، وانصاعت اليه بقية الدول مُرغمة.
اثر توتر العلاقات بين طهران والرياض، استعانت السعودية بباكستان وتحديداً شخص رئيس وزراءها "نواز شريف"، متجاهلة الدور العُماني في المِنطقة، كونه الوحيد الذي تَربطهُ علاقات متينة مع إيران، بَعد افلاتها مِن قفص المُقاطعة من جانب السعودية وبعض دول الخليج الفارسي.
سياسة الإقصاء والمقاطعة التي تنتهجها السعودية، وصَلت لدول الخليج الفارسي، وهذه إشارة جديدة في المنطقة، فقد أصَرَّ النظام السعودي على تصوير انسجام مجلس التعاون الخليج الفارسي، وبيان قوتهِ وتماسكهِ ووحدة مَصيره، والصورة تَمزقت وانكسر بروازها، لحظة انفتاح سلطنة عُمان على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كونها لَم ترى منها ما يُصورهُ النظام السعودي!
عزل عُمان لن يكون الأخير، خصوصاً في وقتٍ تتسابق فيه دول العالم على إقامة علاقات رصينة معَ طهران، بعد انتصارها في الملف النووي ورفع العقوبات، وهنا سَتبحث السعودية عَن وسطاء خارج حدود الخليج الفارسي، وربما المنطقة، وهذا سِر وجود "نواز شريف" في الوساطة.
قضى "نواز شريف" خمسُ سنوات في السعودية، بعدَ أن تم نفيه من باكستان، بُتهم خطف وإرهاب، بعد الانقلاب العسكري الذي قاده "برويز مُشرف"، وهذا ما يُوضِح حجم العلاقة بين النِظام السعودي والوسيط!
الوسيط الباكستاني ليسَ مدفوع الثمن فَحسب، نظراً لاحتياجات باكستان المالية وضخ السعودية لها، وانما هو مؤمن أصلاً بالفكر المتطرف الذي أبتدعهُ النظام السعودي، فالحركات المتشددة نشطت في باكستان في عهده، مثل طالبان باكستان، جيش الصحابة، جيش مُحمد وغيرهم؛ من معتنقي الفِكر السلفي.
بين السلطنة و "نواز" يكمن سِر مُستقبل الوساطة، فالسعودية تبحث عن صديق يُراوغ لأجلها، لهذا أبعدت حيادية عُمان، وقَرَّبت "نواز" الذي يَنصاعُ لقرارها.
الوساطة هذه رسالة مُبطنة، لتفكك قادِم في مجلس تعاون الخليج الفارسي، فمجلس التعاون سيكون مجلسين، وربما عشرة، والسباق معَ الكذب لن يُجدي نفعاً، فما بُنيَ على باطل هو باطل، وحينها ستشتري السعودية دولاً مِن كل مكان، لتؤسس مجلساً خاصاً بها!