وصرح "زين العابدين حيدري" لوکالة مهر للأنباء تعليقاً على اقتحام مبنى مجلس النواب العراقي : إن هناك خلفيات عديدة يجب قراءتها إلى جانب الوضع السياسي الحالي في العراق ، موضحاً إن أول من طالب بالاصلاح هي المرجعية العليا خلال خطبة صلاة الجمعة واللقاءات الأخرى، مؤكداً إن المرجعية مصرة على مواجهة الفساد الحالي الموجود في كل مناخات الدولة العراقية وعند كل التيارات والأحزاب السياسية سنة وشيعة دون استثناء.
وتساءل حيدري عن عدم قيام الحكومة بإي اصلاحات تحدث تغييراً في هذا المجال معتبراً إن التركة الامريكية هي من أهم أسباب تفشي الفساد في العراق مبيناً إن الحاكم المدني في العراق "بول بريمر" شرع هذا النوع من النظام السياسي إي نظام المحاصصة.
وأضاف : إن اي حكومة تقسم فيها المناصب والحقائب الوزارية وفقاً لنظام المحاصصة ستخرج فيها السيطرة عن قلم رئيس الوزراء، فكل وزير يتقلى أوامره من رؤساء الكتل ورؤساء الأحزاب، وبالتالي فإن الفريق الحكومي غير منسجم بل كلاً يغرد على ليلاه.
وأكد حيدري إن الحكومة العراقية لاتملك الكثير من الخيارات سوى الابتعاد عن نظام المحاصصة واللجوء إلى حكومة الأغلبية حالها حال باقي الانظمة السياسية في العالم، موضحاً إن إي رئيس حكومة يجب عليه أن يختار فريقه بشكل منسجم ومناسب لعمله ومحل ثقة، مشيراً إلى إن هذا الحل الوحيد لمواجهة الفساد المنظم الحزبي في العراق، واوضح إن المرجعية الشيعية طالبت بمواجهة الفساد المالي وتغيير الحكومة إلا إن حيدر العبادي غير الوجوه فقط دون تغيير الآلية والعملية السياسية، إي عودة للمربع الأول.
ونوه الخبير في شؤون العراق الى إن مطالب الشعب العراقي لايمكن إنكارها إلا إن السيد مقتدى الصدر تمكن من استغلال الوضع والظروف الحالية للسيطرة على الشارع، محركاً الجماهير وداعياً إياها للنزول لساحة الاعتصام ممسكاً بزمام المبادرة، مضيفاً إن السيد مقتدى الصدر تمكن من تحريك كتلته النيابية داخل البرلمان ، وصف هذا النوع من التعامل ليس ظاهرة متحضرة ولايوصف بالعمل الديمقرطي، مشيراً إلى إن تحرك الصدر في البرلمان تمكن من تغيير الكابينة العراقية،
وأوضح حيدري تعليقاً على سؤال مراسل مهر إن مايطالب به المحتجون حالياً يختصر على مايريده التيار الصدري وكتلة الأحرار النيابية، مبيناً إن التيار الصدري لو بقي متفقاُ مع إرادة الشعب العراقي فإن عليه أن يبقى مصراً على تغير النظام السياسي من حكومة محاصصة سياسية إلى حكومة أغلبية، لافتاً إلى إن بعض مايدور خلف الستار يشير إلى توقعات بتمرير الصدر لكابينة مقترحة للعبادي، معتبراً إن مثل هذه العملية ستؤدي إلى فشل جهود العراقيين خلال الأشهر الماضية.
وعلق المحلل السياسي حيدري على إن كابينة مقتدى الصدر المتفق عليها مع بعض التيارات الأخرى يمكن أن يفسر انسحابه المبكر مسءا السبت من المنطقة الخضراء واصفاً هذا العمل بعرض العضلات دون برنامج حقيقي، معتبراً إياها محاولة تخويف من الشعبية التي يملكها كورقة ضغط.
ولفت حيدري إلى إن الصدر يحاول فرض نفسه كرقم صعب في المعادلة العراقية مستنكراً ما قام به الصدر من تحريك الشارع واقتحام المباني الحكومية متسائلاً هل يحق لإي تيار يحظى بشعبية أن يقلل من هيبة الحكومة أو يلحق الضرر بالممتلكات العامة.
وأضاف: إن ما قام به مقتدى الصدر من اعتكاف ماهو إلا محاولة لإبعاد الشبهات عن نفسه لتمرير الكابينة، لافتا الى إنه بقي دائماً على الواجهة لإدارة المعتصمين، واعتبر إن الايام القادمة ستوضح مصداقية هذه المناورة الإعلامية من احتجاج وتعطيل لجلسات البرلمانية ما اذا كانت ستصب بمصلحة الشعب ومطالبه بتغيير حكومة المحاصصة، أم ستكون فقط لأخذ حصة الأسد من الحكومة المقبلة.
وأوضح حيدري لدى استفسار مراسل مهر عن نظام المحاصصة وما اذا كان لايخدم الشعب العراقي، قائلاً إن هذا النظام مُرّر من قبل الولايات المتحدة عن طريق الحاكم المدني، موضحاً إن الغالبية اليوم هي للشيعة في العراق ويشكلون حوالي ثلثي السكان، إلا إن نسبتهم في حكومة المحاصصة وفق التقسيمات الامريكية هي 52% فقط، وهذا يعني إقصاء لقسم كبير من الشيعة لصالح الأقليات الأخرى من السنة وغيرهم.
واعتبر حيدري إن رئيس الحكومة المنتخب هو من يحق له أن يختار حكومته دون أن تفرض عليه في ظروف مغلقة، لتتحول الحكومة إلى ساحة تصفية حسابات سياسية، مضيفاً : إن رئيس الحكومة لا يحق له الآن أن يحاسب وزراءه، وإن هذه المحاصصة الطائفية العرقية تخدم الفوضى ولا تخدم العراق، وأوضح حيدري بالارقام إن وارادات العراق منذ 12 عاماً حتى الآن عالية جداً لكنها لاتوظف لخدمة الشعب العراقي، ذاكراً قطاع الكهرباء كنموذج للفساد المالي الذي طغى على الحكومات المتعاقبة على العراق منذ عام 2003 ، واشار الى إن هذه الأموال المهدورة خصصت لخدمة التيارات والأحزاب بعيداً عن الشعب.
وأوضح إن الحكومة الناضجة المنتخبة على أساس الغالبية يحق لها أن تختار الوزراء من تيارها السياسي وهي بالتالي ستكون مسؤولة أمام الشعب العراقي عن إي فساد، وفي هذه الحالة يمكن للبرلمان العراقي أن يستجوب الوزراء بعيداً عن المساومات السياسية وبالتالي قطع الطريق على الفساد المالي.
وبين حيدري إن تنظيم داعش الارهابي يتلقى دعماً من الحكومة العراقية من خلال بعض الوزارات المخصصة لبعض التيارات وهناك اتهامات كبيرة لبعض المسؤولين في الحكومة بدعم الإرهاب في حين إنهم يعيشون خارج العراق ويتمتعون بحصانة دبلوماسية، مضيفاً : إن نائب رئيس الجمهورية السابق طارق الهاشمي متهم بالإرهاب حيث أصدرت المحكمة عليه حكم الإعدام مبيناً إن هذا الشخص وصل إلى منصبه عن طريق نظام المحاصصة بعيداً عن الكفاءة السياسية ، مستنكراً وصوله إلى السلطة ضمن نظام محاصصة لايمكن السيطرة عليه بإي وسيلة من الوسائل.
وأشار حيدري إلى إن تأجيل التصويت على الكابينة الجديدة في البرلمان العراقي تعود إلى الضغط الذي مارسته كتلة الصدر في البرلمان، معتبراً إن ماقام به مقتدى الصدر من تحريك الشارع السياسي العراقي ثم إعلان الاعتكاف وترك الساحة خالية أمر غير مقبول، مشيراً إلى إن المرجعية في النجف دعت الشيعة إلى الوقوف ضد الفساد المالي.
واستنكر حيدري اعتكاف مقتدى الصدر لمدة شهرين ، مطالباً الصدر بإكمال مابدأ به، واعرب عن خشيته من طرح كابينة جديدة والتوافق عليها دون إكمال المسير الأول الذي بدأه الشعب العراقي في الاعتراض على نظام المحاصصة، مضيفاً : إن حدوث هذا الأمر سيدل على إن مقتدى الصدر لم يكن سوى شريك ومتورط في الفساد.
وفي معرض جوابه على سؤال مراسل مهر إذا ما كانت الأمر متوقف فقط على مقتدى الصدر وتياره وعن دور التيارات السنية والكردية في هذه المرحلة ، نوه حيدري إلى إن كل تيار ينظر إلى العملية السياسية من منظاره ويحاول الحصول على مصالحه، واوضح إن الاكراد يحاولون كسب ما أمكنهم من مصالح، في حين إن التيار السني يقف في وجه هذه العملية لأنهم سيكونون الخاسر الاكبر في هذه العملية إذما لجأ العراق إلى الأغلبية السياسية.
وأضاف حيدري : إن على الشيعة في العراق إستغلال الظروف الحالية في مكافحة الفساد المالي والابتعاد عن دعم الفاسدين، مشيراً إلى إن عنوان هذا الحراك السياسي الكبير هو محاربة الفساد، مستبعداً سعي التيار السني والكردي لاصلاح النظام الحالي لأنهم منتفعون من هذا النظام. /انتهى/.
اجرى الحوار: محمد مظهري