كتبت صحيفة الاخبار اللبنانية ان قائد فيلق القدس اللواء سليماني، زار روضة الشهيدين في الغبيري بعد يومين من الهجوم الإسرائيلي على القنيطرة في كانون الثاني 2015، حيث انتشرت صورة له وهو يتلو آيات من القرآن الكريم فوق ضريحي الشهيد عماد مغنية وابنه جهاد.
قبل الوصول إلى هناك، كان قد توجه إلى منزل عائلة الشهيد جهاد، وعزى أهله وإخوته، وخاله السيد مصطفى بدر الدين.
ليلة السبت الماضي، تكرّر المشهد. حضر سليماني مجدداً إلى الغبيري، لكن هذه المرة ليعزّي عائلة بدر الدين به.
ليست المرة الأولى التي يدخل فيها «بيت الأحزان»، حيث أضيفت صورة جديدة إلى صور الشهداء. يجلس صديق العائلة بين جميع أفرادها، يتلو الآية القرآنية (ولا تحسبنّ الذين قُتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يُرزَقون)، توجه بالكلام إلى أم الشهيد، السيدة أم عدنان قائلا: «لقد فقدنا قائداً وأخاً عزيزاً. هذا المصاب هو مصاب للأمة الإسلامية، إذ إن شخصية كشخصية السيد ذو الفقار لا يمكن اختصار خسارتها في بلد أو منطقة أو ضاحية».
وأضاف: «عائلة مجاهدين قدّمت الحاج رضوان وشاباً مثل جهاد، ليس جديداً عليها أن تقدّم المزيد من الشهداء».
كان ذو الفقار يستحضر طيف عماد وجهاد. لا ينسى أن يذكرهما دائماً، لكن في الفترة الأخيرة ارتفعت، حسب مقربين منه، نسبة الكلام عنهما. لقد قرب الموعد، وما استحضار طيفهما إلا دليل على ذلك.
منذ عهد بعيد، ٤٠ سنة من الجهاد والعطاء، كان السيد ذو الفقار يتحدث عن طلبه للشهادة، مؤكداً أنها هدفه الأسمى. قد تحققت أمنيته، وهو ما كان ينتظره منذ انطلاقة المقاومة: «كنَّا على يقين بأن قائداً مثل ذو الفقار يطلب الشهادة منذ ريعان شبابه، ومنذ بدايات انطلاقته مع المقاومة. لذلك، ليس مفاجئاً أن تنتهي حياته بها، لا موتاً على الفراش»، يؤكد سليماني. ثم يهمس لعلي، ابن الشهيد الذي خيَّم عليه حزن الهجران: «ستكون أنت على مسار أبيك، قدوة ــ مثله ــ لجيلك، ولكل الشباب».
جلس نحو ثلث ساعة، وبعدها توجه إلى روضة الشهيدين. البداية من ضريحَي الشهيد عماد، والسيّد ذو الفقار. جثا وتمتم بآيات قرآنية. ثم مرَّ على أضرحة الشهداء مسلِّماً؛ يقرأ الأسماء، ويسأل عن بعضهم. أثناء عبوره بهدوء تام بينهم، استحضر ذكرى القائد علي فياض «علاء البوسنة» الذي قضى شهيداً على طريق خناصر ــ حلب في شباط الماضي. سأل عن ضريحه، ليأتيه الجواب بأنه في بلدته أنصار. سلَّم على عوائل الشهداء الموجودة هناك، والتقى، صدفةً، بجريح من جرحى المقاومة يزور رفاقه، لترتسم ابتسامة وديعة على شفتيه.
كان سليماني يستغرب كيف يغيب السيد ذو الفقار، منذ بدء الأحداث في سوريا، عن عائلته لشهرين أو ثلاثة، ليعود بعدها أياماً قليلة، يعوّض فيها عن كل ما فاته تجاههم./انتهى/