تولّي سلمان بن عبد العزيز مقاليد الأمور في بلاد الحجاز لا يمكن اعتباره مجرّد انتقالٍ روتينيٍّ للسلطة بين أفراد الأُسرة الحاكمة، وإنّما الهدف من تنصيبه في الحقيقة انتقال سياسة المملكة إلى مرحلةٍ جديدةٍ على صعيد تعاملها مع أزمات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من جهةٍ، ومع القوى المنافسة لها من جهةٍ أخرى.

يتوقّع الخبراء والساسة الغربيون أنّ مصير الأسرة الحاكمة والبلد بأسره ما زال في حالةٍ من الغموض رغم إنفاق مبالغ طائلة والدخول في مغامرات خطيرةٍ لا طاقة لآل سعود على الخوض في غمارها، لذلك نجدهم يداهنون في التطوّرات التي تعصف بالمنطقة ولا حيلة لهم سوى التمسّك بسياستهم المتطرّفة والمتزعزعة من أساسها حيث يزعمون أنّهم يرومون من ذلك الحفاظ على نظامهم الملكي ونفوذهم في خارج البلاد، إلا أنّهم في الحقيقة يشعرون بقلق شديد من مستقبلهم ولحدّ الآن لم يستقرّ لهم بالٌ مهما فعلوا.

قبل أيام أكّد الرئيس الأمريكي باراك أوباما على أنّ السعودية راعيةٌ للإرهاب ولا تحترم حقوق الإنسان وتكبح الحرّيات الأمر الذي أسفر عن إثارة سخط الأسرة الحاكمة وشعورها بالخطر أكثر مما مضى، لذا بادر تركي الفيصل إلى التذكير بالخدمات الجمّة التي قدّمتها المملكة للولايات المتحدة الأمريكية طوال خمسين عاماً وسيرها في ركب واشنطن كحليفٍ وفـيٍّ لم يتجرّأ على أسياده في البيت الأبيض يوماً ما معتبراً أنّ تصريحات أوباما غير منصفةٍ!

وأمّا على الصعيد الداخلي، فبالرغم من أنّ بعض الأمراء المتصدّين لمقاليد الأمور في المملكة يعملون لصالح الملك سلمان وابنه محمّد، لكن هناك مؤشرات واضحة على وجود خلافات عميقة وخشية تؤرّق النظام الحاكم هناك ومن جملة هذه المؤشرات تغيير مسؤولين على مستوى رفيع في 43 منصباً سياسياً وإدغام 13 وزارة ومؤسسة بحيث يمكن اعتبار هذه القرارات نوعاً من إعادة هيكلية نظام الحكم ومقدمةً لضمان السبُل الكفيلة بفسح المجال لمحمّد بن سلمان كي يتربع على العرش دون منافسة أو مضايقة من قبل ولي العهد محمّد بن نايف الذي بدأت بوادر عزله تطف إلى السطح بشكلٍ جليٍّ ولكن لحدّ الآن لم يعرب الأمريكان عن موقفهم بشكلٍ صريحٍ حول رفض أو تأييد هذا المشروع إذ ليست هناك بوادر على أنّهم قد تخلّوا عن محمّد بن نايف، إلا أنّنا لو تمعنّا في مواقف البيت الأبيض الأخيرة تجاه المملكة وأسرة آل سعود لوجدنا أنّ الساسة الأمريكان بدأوا يلوّحون إلى مؤازرة ابن الملك الحالي وينتقدون وليّ العهد ابن نايف بوصفه مقامراً ومدمناً وما إلى ذلك من أوصاف يعرفها الجميع، وهذا الأمر بطبيعة الحال إنّما ينمّ عن وجود بوادر مضمرة لمخطّط جديد.

البرامج الاقتصادية التي طرحها محمّد بن سلمان الهدف منها تحقيق مكاسب سياسية فيما اعتبرها بعض الخبراء بأنّها غير ممكنةٍ، وهي في الواقع تنصبّ في إطار مخطّطٍ شامل يعمّ المملكة والمنطقة والعالم بأسره.

من الواضح بمكانٍ أنّ آل سعود بشكل عام وأسرة سلمان بالأخص ينتابهم شعور بالخشية من مخاطر الجناح الوهابي المنشق والمستقل عن نظامهم الملكي فهناك توقّعات بأن تصاغ الهيكلية الثقافية في المملكة من جديد مما يعني اشتعال حرب داخلية من جملة أطرافها تنظيما “داعش” و”القاعدة” اللذان لا تربط بعض مكوناتهما مصالح مشتركة داخلية مع النظام الحاكم وبالطبع فإنّ المشكلة في هذه الفترة لا تقتصر على المخاطر الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، بل هناك مشاكل جمّة إقليمياً ودولياً قد تزعزع أركان حكم آل سعود.

مساعي الرياض في الحروب الدامية التي أجّجتها في المنطقة ولا سيّما العراق وسوريا، قد باءت بفشل ذريع ولم تجد نفعاً لآل سعود غير أنّها دمرت البنى التحتية في بلدان لا ذنب لها سوى أنّها لا تؤمن بالنهج الوهابي التكفيري، حيث انقلب السحر على الساحر وزادت هذه الحروب من مآزق آل سعود، وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ حرب اليمن الاستنزافية الدامية قد كلّفتهم نفقات طائلة ومع ذلك لم يحفظوا ماء وجههم بحيث حطّت من شأنهم إقليمياً ودولياً ولم يعد أحد يثق بقدرتهم على تحقيق أي شيء بعد هذه التجربة المريرة.

لقد توهّم حكام الرياض بأنّ واشنطن ستؤازرهم في جميع مغامراتهم التي خاضوها في العراق وسوريا واليمن متصوّرين أنّ الأمريكان سيقفون في الخطّ الأمامي من القتال ويحتفلون معهم بفرحة النصر على شعوبٍ مجردة من السلاح ويدبكون دبكة الظفر على جماجم النساء والأطفال الذين أزهقوا أرواحهم وفي أنقاض المساجد والكنائس التي دمّروها! إنّه وهمٌ حقيقي وسذاجةٌ بيّنةٌ فساسة البيت الأبيض أذكى من أن ينجرفوا وراء هكذا سياسات هزيلة وما يهمهم هو تحقيق مصالحهم الخاصّة وبالأخص وأنّهم على أبواب انتخابات مصيرية حيث يريدون تحقيق نجاحات دبلوماسية في سياساتهم الخارجية قبل حلول شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

ويؤكّد المراقبون على أنّ السعودية تشعر بقلق شديد من مواقف الولايات المتحدة تجاهها وتجاه سياساتها الخارجية في هذه المرحلة وتعتبرها مواقف “قاتلة” بعد أن لم تحقّق مآربها بمعونة الأمريكان في محادثات سوريا واليمن ولم تتمكن من بسط نفوذها على نطاق واسع في العراق، بل اعتبرت أنّ واشنطن لم تكتف بالتخلّي عنها فحسب، بل لعبت دوراً سلبياً على هذا الصعيد الأمر الذي جعل الأسرة الحاكمة تشعر بفراغ استراتيجي وضعف بالغ على المستوى الإقليمي وهذا الأمر جعلها تنقل علاقاتها مع تل أبيب من مرحلة السرّ إلى العلن والتكاتف معها صفاً بصفٍّ بغية تعويض هذه الخسارة البالغة التي ألـمّت بها راميةً من ذلك التملّق لساسة البيت الأبيض وإثبات أنّهم يفعلون كلّ ما يسعد واشنطن ولهم القدرة على تنفيذ كلّ ما من شأنه تحقيق سياسات أسيادهم الأمريكان في المنطقة حتّى وإن تطلّب ذلك الركوع للصهاينة والانبطاح لسياساتهم مهما كان هدفها كما أنّهم يغازلون اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة لأجل كسب دعمه في الداخل الأمريكي.

بعد أن أصبحت علاقات الصداقة بين الرياض وتل أبيب علنيةً راود آل سعود هاجسٌ بأنّ الفراغ الاستراتيجي والعسكري الذي يعانون منهما في المناطق المتأزّمة من المنطقة أو في التعامل مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية سوف يملؤه الصهاينة بعد التحفيزات المغرية التي سيحصلون عليها، لكن هنا أيضاً ارتكب آل سعود خطأ فادحاً وكعادتهم كانت سياستهم ساذجةً لأنّ الصهاينة يعتبرونهم مجرّد وسيلةٍ مؤقتةٍ وجسرٍ عائمٍ يعبرون عليه إلى الجانب الآخر ثمّ يركلونه لتحمله الأمواج إلى المجهول ، فالصهاينة ليسوا حمقى إلى هذا الحدّ بحيث يقدّمون خدمات لآل سعود على حساب مصالحهم الاستراتيجية ويعرّضون أنفسهم لمخاطر جمّة في مواجهة إيران ومحور المقاومة الذي يؤرّق كيانهم.

بالطبع أنّ الصهاينة استغلوا سياسات و مواقف آل ‌سعود لتحقيق مآربهم والخلاص من كابوس المقاومة والانتصارات الاستراتيجية المشهودة التي تحقّقها طهران يوماً بعد يومٍ، لذلك عملت تل أبيب على دعم الوهابية التكفيرية السعودية وجعلت أتباع هذا الفكر المتطرّف بمثابة ساتر أمامي يحفظها ويوفّر لها الأمن بعد إشغال الرأي العامّ العربي والإسلامي بهذا الفكر المنحرف لكي لا يفكر بالمخاطر الصهيونية الحقيقية.

إنّ هاجس آل سعود من وراء إقامة بعض التحالفات هو تحقيق مطامح كبرى، لكنّ الحقيقة على خلاف ذلك تماماً وهذا الأمر يدركه أبسط الناس، ففضيحة علاقاتهم السرّية مع إسرائيل وتبجّحهم اليوم وتفاخرهم بهذه العلاقات سوف يكلّفهم الكثير ويفقدهم ما بقي من اعتبار لدى تلك الفئة القليلة من الشعوب العربية والإسلامية، ناهيك عن أنّ سياسات الرُّشى والمحفّزات المالية لبعض البلدان وعلى رأسها مصر والسودان وجيبوتي والأردن وماليزيا وباكستان وحتّى تركيا،لم تتمكّن من تغيير أدنى أمر في المعادلة الإقليمية ولم تحقّق أي نفعٍ لاستراتيجيتهم العقيمة من أساسها.

تركيا المعروفة بدعمها للإخوان المسلمين قد ترحب بالعلاقات مع الرياض بشكل ظاهري، لكنّها في الواقع تحقق أرباحاً طائلةً في سوريا وتقتنص مليارات الدولارات فضلاً عن كسبها أرباح كبيرة من أزمات المنطقة الأخرى بحيث تعتبر هذه المصالح دعامة أساسية في الاقتصاد التركي إبان هذه الفترة الحسّاسة، لذا من الغباء تصوّر أنّها توافق على أن تسير في ركب آل سعود وتكون آلةً مسيّرةً من قبلهم.

وبالنسبة إلى مصر، فحتّى وإن حدث خلافٌ محتدمٌ بين السيسي وحركة الإخوان، لكنّ المصريين يعرفون حقّ المعرفة أنّ الدواعش والتكفيريين الذين يزهقون أرواح الجنود والمواطنين المصريين هم ثمارٌ من شجرة آل سعود، لذلك نجد الحكومة المصرية لم تتخذ مواقف شفافة بالكامل وتتعامل بحذر مع أزمات المنطقة رغم الدولارات التي تنهال إليها من قبل حكومة الرياض بحيث إنّ بعض المراقبين اعتبروا أنّ آل سعود لم يجنوا من كلّ هذه النفقات الكبيرة سوى “ابتسامة من السيسي”!

وعلى الرغم من أنّ التكفيريين الوهابيين قد غيّروا الخارطة السياسية في كلّ من العراق وسوريا إلى حدٍّ ما وقدموا خدمة عظيمة لأسيادهم في تل أبيب وواشنطن، لكنّهم سيضمحلّون عن قريب وقد بدأت صفوفهم تتلاشى شيئاً فشيئاً بفضل جهود المقاومة والمواقف الإيرانية الداعمة للعدل والحرّية، وهذا الأمر بكلّ تأكيد يثير من سخط الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية لكونه يعتبر هزيمةً في الجغرافيا السياسية والأمن الإقليمي ومن شأنه أن يجعل الرياض تنزوي إلى الأبد ويعرّض واشنطن لخسارةٍ كبرى في منطقة الشرق الأوسط، لذلك نجد أنّ همّهم الشاغل اليوم هو حقن المنطقة بمجاميع إرهابية جديدة ولا سيما في العراق وسوريا والعمل على تزويدهم بأحدث “الأسلحة الفتّاكة” كما قال الجبير، لكنّ آل سعود والصهاينة يعرفون حقّ المعرفة أنّ هذا الأمر مجرّد إنعاش مؤقّت لمن مات سريرياً وستأتي اللحظة التي سيواجهون فيها الأمر الواقع ويتجرّعون كأس الهزيمة النكراء.

ولا ينكر اثنان أنّ الاستقرار السياسي في العراق يعدّ سهماً ساماً في الجسد السعودي الأمريكي، لذا نجد آل سعود والأمريكان تذرّعوا بمحاربة الإرهاب في هذا البلد بغية تحقيق مآربهم عن طريق إيجاد فوضى سياسية وطائفية وتلقين الشعب بأنّ الحكومة عاجزة عن معالجة الأوضاع، فآل سعود يدركون جيداً أنّ عراقاً مقتدراً حرّاً ديمقراطياً سوف يهدد مستقبل الأنظمة الدكتاتورية والرجعية وسيجعل من الرياض طعمة سهلة للسخط الشعبي المحتمل.

وأمّا بالنسبة إلى إيران، فقد كانت منذ انتصار الثورة الإسلامية كابوساً يؤرّق مضاجع آل سعود والأمريكان لذلك بادر هؤلاء إلى العمل على تشويه صورتها والسيطرة عليها وممارسة شتّى الضغوط عليها سواء عن طريق الدبلوماسية العلنية أو السرّية.

وبالرغم من أنّ الشيخ خزعل إبّان عهد جمال عبد الناصر قد حمل راية القومية العربية وقاد جميع العشائر والقبائل المعروفة في الجزيرة العربية، لكنّه في عهد الدكتاتور صدام حسين انتمى إلى حزب البعث المنحل وخضع لأوامره، وبعد موته تجلّت هذه الفكرة في إطار جديد من قبل المكوّن العشائر الحاكم على الرياض ولكنّها هذه المرّة طفت إلى السطح في نطاق فكر عربي – سنّي.

آل‌ سعود يعرفون حقّ المعرفة أنّهم غير قادرين على زعزعة الأوضاع في إيران اعتماداً على بعض الأكراد والبلوش المناهضين للثورة، كما يعلمون بأنّ الشجرة العشائرية لشيخ خزعل لم تعد قادرة على إيتاء أُكلها وإنقاذ العرب والسنّة مهما تمّ ضخّها بدولارات سعودية.

إنّ آل سعود يقولون بصريح العبارة أنّهم أعانوا صدام بمليارات الدولارات في حربه المفروضة على إيران، كما تبجّحوا بالقول بأنّهم أمروا التكفيريين بشنّ هجمات على مختلف المراكز الدبلوماسية التابعة لطهران في عدّة بلدان مما أدى إلى إزهاق أرواح الكثير من الأبرياء، ناهيك عن أنّهم يدعمون بكلّ قوّة تلك العصابات الإجرامية التي تتاجر بالمخدّرات في جنوب شرقي إيران بهدف زعزعة أمن واستقرار البلاد.

آل ‌سعود يرومون من كلّ هذه التصرّفات الهوجاء إقناع أسيادهم في البيت الأبيض بأنّ تأريخ استعمالهم لم ينفذ بعد وأنّهم ما زالوا قادرين على تحقيق مصالح واشنطن في المنطقة، كما يرومون من ذلك وضع حاجب رادع بين طهران وواشنطن كي لا تحاول الأخيرة التقارب من الجمهورية الإسلامية بذريعة الاتفاق النووي، ولكي يثبتوا ولائهم لأسيادهم أعربوا بشتّى المناسبات بأنّهم مستعدّون للانتحار اقتصادياً وتقديم النفط بمبالغ شبه مجانية للعالم إضافةً إلى سرقتهم زبائن إيران بعد تطميعهم بأسعار زهيدة أقلّ مما يدفعونه لطهران مقابل براميل النفط.
بشكل عام، لم تتمكن الرياض من تحقيق أيّة نتائج ملموسة في دبلوماسيتها الهزيلة إقليمياً ولم تتعامل مع أزمات المنطقة بحكمة ودراية، بل الأمر أبعد من ذلك حيث أصبحت “عشيرة آل سعود” مبغوضةً لدى القاصي والداني وجميع الناس يعتبرونها مثالاً بارزاً للشرّ في العالم فضلاً عن أنّ أرباب السياسة فقدوا ثقتهم بهذه العشيرة الآيلة إلى الأفول بعد أن بذلت جهوداً حثيثةً في تصدير الفكر التكفيري البغيض ودعمت الأعمال الإرهابية الشنيعة لدرجة أنّ بعض حلفائها المقرّبين في لندن وواشنطن لم يجدوا بدّاً من الاعتراف بأنّ التكفيريين الوهابيين هم من إنتاج سعودي بامتياز وقال البعض بأنّهم وحوشٌ أنتجتهم السياسة الخارجية للرياض.

لا نبالغ لو قلنا إنّ الكثير من البلدان تنظر إلى السعودية وكأنّها خزّان نفطٍ أو صندوقٌ مليءٌ بالدولارات، وهذا الأمير يصدق على جميع حلفائها تقريباً من أمثال ملك الأردن وعمر البشير وحكام جيبوتي ورئيس وزراء ماليزيا والجنرال السيسي وحتّى أردوغان، فهؤلاء يدّعون فقط أنّهم أصدقاء لآل سعود لكنّهم في الحقيقة يريدون امتصاص ما أمكن من نفط بلاد الحجاز أو اقتناص ما استطاعوا من دولارات تفوح منها رائحة النفط تحت أيّ مسمّى كان.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ الصهاينة في تل أبيب يعتبرون آل سعود معبراً ذو فرعين من شأنه أن يقودهم إلى برّ الأمان، ففرعه الأوّل تلك الدولارات المكدّسة في البنوك الدولية، والفرع الثاني أولئك التكفيريون الهمج الذين أصبحوا سدّ أمانٍ يصون إسرائيل من أيّ خطر قد يهدد كيانها، والمثير للسخرية أكثر أنّ الأمريكان والأوروبيون نجحوا في تمرير خطّتهم الماكرة وجعلوا من آل سعود أفضل زبون يقتني أسلحتهم التي أكلها التراب في مخازنها الصدأة!

كلّ هذه الأموال الطائلة تنفق في حين أنّ النساء السعوديات مقيدات بأغلال التضييق والحرمان، والعالم بأسره يرى كيف يتسكّع أُمراء الأُسرة الحاكمة في ملاهي باريس وغيرها وكيف ينفقون أموالاً طائلةً على العواهر وشرب الخمر والقمار!

الشيخ باقر النمر صدع بالحقّ وطالب بحرّية الشعب ودعا إلى إحقاق حقوقه المشروعة، لكنّه لم يواجه سوى ذلك الحكم الهمجي الجائر حاله حال سائر المئات من دعاة التحرّر والديمقراطية، والمثير للسخرية أنّ آل سعود دمّروا سوريا بحجّة إقامة المنهج الديمقراطي وفي الوقت ذاته خنقوا الشعب البحريني المطالب بحرّيته! ومع ذلك فهي تتّهم الجمهورية الإسلامية بالتدخل في الشؤون العربية، والشعب السعودي بدوره لا يملك حيلةً من مبايعة أيّ ملك يتمّ ترشيحه للعرش من باطن أسرة آل سعود، لذلك نجد هذه الأسرة الحاكمة لا تطيق أن ترى عراقاً ديمقراطياً إلى جانبها وتسعى للإطاحة بالرئيس السوري الذي انتخبه الشعب في انتخابات حرّة ونزيهة.

الرياض تزعم أنّها تدافع عن العرب وأهل السنّة لكنّها في نفس الحين تستلقي في أحضان الصهاينة الذين اغتصبوا أرض فلسطين العربية السنّية وتقمع الشعب اليمني السنّي.

إنّ السعودية هي الأُم التي أنجبت وأرضعت وربّت الإرهاب التكفيري الوهابي، ومع ذلك تزعم أنّها عضو في التحالف ضدّ الإرهاب كما أنّها اضطرّت لدفع رشوة بلغت 750 مليار دولار كي يتمّ التستر على فضيحتها في ضلوعها بحوادث الحادي عشر من سبتمبر؛ وكلّ ما ذكر ليس سوى غيضٍ من فيضٍ من سياسات آل‌سعود الهوجاء وواقعهم اللاانساني فهم ليس سوى عشيرةٍ متزعزعةٍ في مهبّ رياح سياسةٍ هزيلةٍ.

* الكاتب حنيف عبدالله / خبير في شؤون الشرق الأوسط