اكد المحلل السياسي العراقي الدكتور "جاسم الموسوي" ان مصر بإمكانها أن تلعب دوراً مهماً في الـتأثير على القرار السياسي في الدول العربية بشأن علاقتها مع العراق وتهيئة الأجواء لتشكيل تحالف عربي لمساعدة العراق في وقف تدفق الإرهابيين من بعض الدول العربية وبالتالي الحد من مخاطر الإرهاب على العراق.

وافادت وكالة مهر للانباء نقلاً عن موقع الوقت التحليلي –الاخباري ان "جاسم الموسوي رأى ان العراق لايزال يشعر بأن المحيط العربي لم يكن متفاعلاً بشكل إيجابي مع حاجته لمحاربة الإرهاب. وزيارة الدكتور "الجعفري" إلى القاهرة تشير إلى أن العراق يعوّل على مصر في أن تلعب دوراً مهماً في تقريب وجهات النظر في العالم العربي حول ما يجري في العراق لمواجهة الارهاب، خصوصاً وأن هناك تسويقات خطيرة تحاول تصعيد الموقف، ومنها تصريحات الأزهر الأخيرة التي أخذت في الحقيقة مساحة أكثر من مساحتها العقلائية. فالعراق يرى في مصر باعتبارها دولة عربية كبيرة وقادرة على التأثير على باقي الدول العربية، و أن بإمكانها أن تلعب دوراً مهماً في الـتأثير على القرار السياسي في الدول العربية بشأن علاقتها مع العراق وتهيئة الأجواء لتشكيل تحالف عربي لمساعدة العراق على وقف تدفق الإرهابيين من بعض الدول العربية وبالتالي الحد من مخاطر الإرهاب على العراق.

واضاف الموسوي: يمكنني القول بأن 90 بالمئة من أنظمة الدول العربية لم تتعامل بجديّة مع العراق ولم تقف إلى جانبه من أجل التصدي للإرهاب، وأعطت مساحة لتدفق الإرهابيين عبر أراضيها إلى العراق مشيراً الى ان هذه الدول لازالت تعيش صدمة سقوط نظام صدام الدكتاتوري ولهذا إتخذت مواقف طائفية سياسية.

وتابع : ان الحكومة العراقية تعرف أن هذه المواقف تهدف إلى تغيير النظام السياسي الحالي في العراق وإستبداله بنظام آخر ينسجم مع الأجواء السياسية والتوجهات الطائفية التي تحكم تلك الأنظمة. ولذلك يحرص العراق على تغيير هذه المواقف وإحتوائها أو تحييدها على أقل تقدير. وفي الوقت الحاضر لايعوّل العراق على أيّ من هذه الأنظمة لمساعدته في التصدي للإرهاب ولهذا إستعان بدول أخرى غير غربية وفي مقدمتها الجمهورية الإسلامية في إيران.

واردف الموسوي إن الكثير من الأنظمة العربية لازالت تتوهم بأن الحكم في العراق لايمثل كافة أطياف الشعب العراقي، وهذا خلاف الحقيقة لأن نظام الحكم في العراق هو نظام برلماني ويتم توزيع السلطات فيه بشكل عادل ومتوازن على ضوء نتائج الإنتخابات.

ولفت المحلل السياسي العراقي الى ان منذ تشكيل الحشد الشعبي كانت هناك هجمة كبيرة وشرسة جداً لإستهدافه من قبل دول كثيرة عربية وغير عربية وكذلك من قبل بعض الأطراف المشاركة بالعملية السياسية في العراق والتي تتعامل بنهج طائفي. ولهذه طلبت هذه الأطراف من الكثير من الدول والأنظمة العربية كي لا تتعامل مع الحشد. ولكن الحقيقة إن الحشد كان حريصاً منذ البداية على أن يكون تحت إمرة القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء "حيدر العبادي".

وتابع : وفي معركة تحرير الفلوجة تم تعيين نقاط إنطلاق الحشد ونقاط توقفه بالتنسيق مع القائد العام للقوات المسلحة. ورغم الجهود الكبيرة التي يبذلها الحشد لإنقاذ المناطق العراقية المحتلة من قبل الجماعات الإرهابية لازالت الأطراف المغرضة تحاول إتهام الحشد بالطائفية لتحقيق مآربها، ولذلك قررت قيادة الحشد الشعبي وبالتنسيق مع القائد العام للقوات المسلحة بأن تقتصر مهمة الحشد على المناطق المحيطة بالفلوجة وعدم الدخول إلى مركزها كي لا يُتهم بالطائفية من قبل تلك الأطراف. ولابد من التأكيد هنا على أن الحشد الشعبي يحرص على الإلتزام بمعايير وقوانين الدولة العراقية وهو قد أدى دوراً كبيراً ومهماً في محاصرة عناصر تنظيم داعش الإرهابي في الفلوجة فيما تقوم قوات الجيش العراقي وأبناء العشائر السنيّة بتنفيذ بقية المهام المتعلقة بهذه العمليات كي يسقط جميع الذرائع التي يحاول اصحابها الصاق تهمة الطائفية بالحشد الشعبي.

وشدد الموسوي على ان الدور الذي قامت به قوات الحشد الشعبي في بداية إنطلاق عمليات تحرير الفلوجة كان مؤثراً جداً حيث تمكنت هذه القوات من تطهير المناطق المحيطة بالمدينة بوقت سريع جداً فاق ما كان متوقعاً ضمن الخطة المرسومة. ولهذا أستطيع القول إن القوات المسلحة الأخرى المشاركة في هذه العمليات وأبناء العشائر السنيّة سيتمكنون من تحرير الفلوجة بالكامل. وفي حال تطلب الأمر لن يبق الحشد الشعبي مكتوف الايدي وعلى أمريكا أن تتفهم ان دور الحشد هو دور حاسم في هذه العمليات والعمليات الأخرى التي تستهدف تطهير المدن والمناطق العراقية المحتلة من تنظيم "داعش".

ونوه الى ان بعد عام 2005 وتحديداً بعد إتفاقية مكة لم تتخذ السعودية موقفاً إيجابياً تجاه العراق ونظرت إلى الأمور بطائفية مقيتة بعد إعدام الدكتاتور صدام، والسفير السعودي في بغداد يعمل اليوم ضمن هذا الإطار لتدمير البنى التي حاول العراقيون تحقيقها من خلال تحسين قواهم وقدراتهم السياسية، ولهذا نحن نعتقد إن السفير السعودي في العراق يجب أن يُراقب وان تكون جميع تحركاته على أرض الواقع تحت نظر العراقيين لأنه يسعى في الحقيقة إلى إذكاء الفتنة الطائفية في العراق خصوصاً وإنه يعمل بنظرة طائفية متطرفة ولا يعمل برؤية سياسية، ولذلك يجب مراقبة تحركاته وتصريحاته بدقة لاسيّما وان هذا السفير كان يعمل في المجالات الإستخبارية والأمنية والتصريحات التي يطلقها بشأن العراق هي خارج سياق عمله الدبلوماسي الذي يفترض أن يراعي القوانين والأعراف السياسية المعتمدة بين الدول والتي حددها القانون الدولي.

واختتم الموسوي : ينبغي القول إن الكثير من وسائل الإعلام العربية تتبنى منذ سنين وتحديداً بعد عام 2004 إستراتيجية تهدف إلى تجميد الصراع (العربي - الصهيوني) و (الإسلامي - الصهيوني) وتأجيج الصراع الطائفي بين السنّة والشيعة، ولهذا يركز هذا الإعلام على الخلافات المذهبية للتصيد في الماء العكر والضرب في المناطق المظلمة والتي ربما تنجم عن أخطاء شخصية، وذلك من خلال تهويلها وتصويرها على انها تمثل صراعاً طائفياً. وبما إن تنظيم "داعش" هو إحدى الأدوات الصهيوأمريكية في المنطقة، يسعى هذا الإعلام للتعامل مع هذا التنظيم بطريقة تساعد على بقائه وبقاء الإرهاب. وللأسف الشديد هناك الكثير من وسائل الإعلام العربية التي لا تدرك أنها بهذه الطريقة تحفر قبور الأنظمة التي تروج لها وتدافع عنها، لأن الإرهاب والدول الداعمة له سينقض على هذه الأنظمة إذا ما تمكن من البقاء، ولذلك فإن هذا النوع من الإعلام هو إعلام مأجور ومدفوع الثمن لخدمة أجندات خارجية ويعمل في إطار "رؤية عمياء"، بل أكاد أجزم إنه ينظر بعين واحدة ويتصرف وفق رؤية مشوّهة ومعايير مزدوجة في إطار المشروع الصهيوأمريكي في المنطقة./انتهى/