تاريخ النشر: ٢٩ أغسطس ٢٠١٦ - ١١:٠٩

لم يلبث ان صرح مساعد وزير الصحة الايراني علي أكبر سياري عن نسبة الفقر في ايران حتى انتشر هذا الخبر في اغلب الصحف العربية كالنار في الهشيم وبالرغم من عدم التاكد من صحة هذه النسبة او السبب الذي دفع مساعد الوزير الى الادلاء بهذا التصريح وانتقاد عمل الحكومة والذي رجح الكثيرون انه نوع من التنافس الحزبي الداخلي في ايران.

وكالة مهر للانباء- محمد الكعبي: اللافت في الامر هذا التركيز الكبير من قبل صحف دول الخليج الفارسي على هذا الخبر وعلى فكرة العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات، تلك الصحف التي نسيت او تناست او اجبرت على نسيان حالة المواطن العربي في البلدان العربية ولا نقصد هنا البلدان العربية الفقيرة فقد نسيت تلك الصحف حالة الفقر في بلدان النفط العربي التي يصرف امرائها وملوكها ملايين الدولارات على سياراتهم وقصورهم ويصرفون مليارات الدولارات على زعزعة استقرار دول الجوار وينسون مواطنيهم الذين يعانون من الفقر.

في السعودية مثلا هللت وسائل الاعلام الرسمية للدراسة التي اجرتها وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية عام 2013 والتي وضعت ما يقارب ثلاثة ملايين سعودي تحت خط الفقر من اصل عشرين مليون نسمة الا ان هذه الدراسة لا تمتاز بأي نوع من الدقة والموضوعية وانما اعلنت فقط لتحسين صورة الملك عبد الله آنذاك،  حيث يعتقد انه اكثر من 25% من الشعب السعودي يعاني من الفقر حيث ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية ان هناك ما يقارب اربعة ملايين سعودي من اصل عشرين مليون يعيشون تحت خط الفقر في دراسة لها عام  2013 وبالرغم  من ذلك هناك تعتيم كبير وغياب للاحصائيات الرسمية السعودية وذلك للتستر على ظاهرة الفقر المتفشية.

ففي نفس العام لم يشر تقرير التنمية العالمي لأية بيانات للفقر في السعودية واكتفى بالاشارة الى انها تحتل المرتبة 57 عالميا على مؤشر التنمية البشرية وتعد نسبة الفقر هذه كبيرة في بلد يعد من اغنى بلدان العالم حيث وصل ناتجها المحلي الاجمالى في عام 2014 الى 2.80 تريليون ريال.

كما تعاني السعودية من ظاهرة الفقر المؤنث التي تعاني منه النساء في السعودية والناتجة عن انتشار الامية بشكل كبير بين النساء وعدم السماح لهن بالانخراط في سوق العمل حيث ذكرت الدراسة التي اصدرتها مؤسسة الملك خالد الخيرية ان 42% من النساء الذين يعانون من الفقر اميات 75% يعشن بلا عائل حقيقي دائم.

الغريب في الامر ان هذه الصحف ركزت على ان ايران تملك 10% من احتياط  النفط العالمي ولم تذكر ان ايران عاشت تحت حصار غربي منذ اكثر من ثلاثين عاما، حصار شمل الاستيراد والتصدير والبنوك والشركات وحتى سفر الافراد خلال السنوات الاخيرة وعلى الرغم من ذلك تمكنت من النهوض في كافة المجالات العلمية والتنموية والصناعية والطبية وذلك فقط بالاعتماد على الكفاءات الداخلية الايرانية وتقدم الحكومة المساعدات للشعب بشكل دوري حيث يحصل المواطن على مساعدات تقدر بالف دولار كل ستة اشهر فكيف لايجدون لقمة خبزا ليأكلوه؟!

وتجدر الاشارة الى ان تصريح مساعد وزير الصحة الايراني بخصوص نسبة المجاعة في ايران يشير الى "عدم الأمن الغذائي" وهذا مفهوم يقصد منه "إمكانية الحصول علي الغذاء واستخدامه بشكل آمن" وليس كما تداولت في صحف دول بترودولار بمعنى الفقر المطلق حيث لا يجدون خبزا لسد جوعهم.

كما ان الحكومة تقوم بخطوات جادة لمحاربة البطالة عن طريق التشجع على الاستثمار في كافة المجالات وحتى الاستثمارات والمشاريع الصغيرة التي تدعم وتساعد الاجيال الشابة على البدء بمشاريعهم الخاصة وذلك عن طريق تقديم القروض المصرفية كما انها تمنح قروض الزواج لمساعدة الشباب في بداية حياتهم لكي يتجنبوا العوائق المادية في بداية الحياة الزوجية.  

ولكن ما يبرر قيام هذه الصحف بالتركيز على هذا الخبر هو التغطية على الفشل التنموي والاقتصادي الداخلي للدول الممولة لها فلا يمكن لهذه الدول تقبل فكرة نهوض بلد محاصر ومحارب عالميا بشكل جعله من الدول ذات الثقل الدولي والاقليمي وجعله من الدول المؤثرة في المنطقة ولن تستطيع هذه الدول تفسير سبب هذه النهضة الصناعية والعلمية والتكنولوجية لشعوبها.

الأحري بهذه الصحف اذا ارادت التركيز او حتى المقارنة بأن توجه انظارها الى المراتب التي تحتلها الجامعات الايرانية عالميا والى المستوى المتقدم التي وصلت اليه ايران تكنولوجيا والى التقدم الطبي الذي احرزته في كافة المجالات الطبية، هذه التقدمات التي ستجعلها من مصاف الدول الاكثر تطورا في العالم عما قريب./انتهى/