وكالة مهر للأنباء_ ديانا محمود: شارك الفيلم الايراني "هس! ... الفتيات لا يصرخن" (انتاج عام 2013) للمخرجة بوران درخشنده في الدورة الثانية عشر للأفلام الدولية ACTION ON FILM 2016 ليحصد جائزة أفضل فيلم طويل إلى جانب جائزة أخرى لأفضل ممثل عن فئة الرجال لشهاب الدين حسيني.
يتناول هذا الفيلم قضية التحرش الجنسي بالأطفال ضمن قصة اجتماعية تدور حول الشابة "شيرين" التي ترتكب جريمة قتل في ليلة زفافها كردة فعلٍ سلبية نتجت عن استعادتها لمشهد قديم من ذاكرتها يعود إلى 20 سنة سابقة حيث كانت قد تعرضت لتحرشٍ جنسي في طفولتها.
فيلم وقضية حساسية
تتناول المخرجة والمؤلفة بوران درخشنده قضية التحرش الجنسي بالاطفال (الإناث) في المجتمع الايراني بصفتها قضية حساسة يرفض المجتمع علاجها خوفاً من الفضيحة والعار الذي سيلحق بالفتيات الصغار غير المذنبات، مستخدمة نظرية العنف يولد العنف، فالبطلة المعتدى عليها جنسياً لم تستطح البوح خلال طفولتها بما أصابها لتحمل طيلة عمرها عقدة الخوف والوحدة لتوصلها في نهاية المطاف إلى القتل.
يبدأ الفيلم بمشهد القتل الغامض الذي ترتكبه العروس "شيرين" ثم تقاد إلى المحكمة دون أن تدافع عن نفسها، حيث تصر المخرجة على إظهار سكوت "شيرين" المتعمد لتتمكن فيما بعد المحامية من إثارة صمتها ودفعها للكلام بمساعدة "الشاب العريس" لتعترف بأنها قتلت حارس المبنى خلال اعتاده على طفلة من الحي الأمر الذي أعاد إلى ذهنها مشهد الاعتداء الجنسي الذي تعرضت له هي ايضاً منذ 20 عاماً
تتمكن الشرطة بعد اعتراف "شيرين" من إلقاء القبض على المعتدي عليها "مراد" بعد مضي 20 عاماً على جريمته لتكشف التحقيقات ارتكابه 27 جريمة مشابهة بحق الأطفال.
تجري أحداث الفيلم بين قاعات المحكمة والتحقيق ومحاولات المحامية لتخليص موكلتها من حكم الاعدام، فيما ترفض عائلة الفتاة المعتدى عليهم الاقرار بما حدث لابنتهم الأمر الذي يعقد القضية ويضيق الخيارات أمام المحكمة، ينتهي الفيلم بإصرار المحكمة على تنفيذ حكم الاعدام دون تعليقه ودون رعاية حالة "شيرين" النفسية جراء ما تعرضت له في طفولتها، وذلك لانتفاء صفة الاضطراب النفسي أو الجنون عنها.
"هس ... الفتيات لا يصرخن" خارج عن القانون
يتطلب هذا النوع من الافلام الحساسة استشارات قانونية دقيقة لتقدم انعكاس دقيق عن حيثيات القانون، إلا إن المخرجة "درخشنده" لم تراعي نص القانون الايراني في فيلمها، أولها إن القانون الايراني"لايسمح بالتحقيق في جرائم الشرف إذما كانت الجريمة واضحة ولها مدعي خاص حيث يقرر القاضي الأمر في الحالتين الأخيرتين" (المادة 43 قانون الإجراءات الجنائية) فيما يناقض الفيلم هذا القانون بالتحقيق مع والدي "شيرين".
من جهة أخرى ينص القانون الايراني على عدم الضرب والشتم أثناء التحقيق مع المتهم فيما نرى ضابط التحقيق في الفيلم ينهال ضرباً على "مراد" ليكتب اعترافه.
وفقاً للقانون الايراني (المادة 295 من قانون العقوبات الاسلامية: اذا كان المقتول مهدور الدم ويستحق عقوبة الاعدام وتم إثبات هذا الأمر للمحكمة يصبح القتل بمثابة الخطأ شبه العمد) الأمر الذي ينطبق على المتهمة "شيرين" وبالتالي فهي طبقاً للقانون الايراني لا تستحق عقوبة الإعدام كما أظهرها الفيلم.
كما يظهر الفيلم أخطاءاً قانونية أخرى حيث تبحث المحامية خلال الفيلم عن ولي الدم للمقتول بحجة إن عدم وجود ولي الدم يجعل الجريمة قطعية، الأمر الذي يخالف القانون الايراني فولي أمر المسلمين هو ولي الدم في حال عدم وجوده.
خارج التابو معيار جديد للافلام الشرقية
تمكن نص فيلم "هس! ... الفتيات لا يصرخن" من تناول موضوع خاص خارج التابو الشرقي وهو الاعتداء جنسياً على الأطفال بالخصوص الفتيات وطريقة تعامل المجتمع مع هذه الحالة، الأمر الذي يمنح هذا الفيلم نقطة إيجابية مميزة في تناول قضايا اجتماعية لم تطرق بعد، إلا إن حبكة الفيلم لم تتمكن من الإمساك بخيوط القصة المطروحة وأثارت تساؤلات مبعثرة لدى المشاهد في النصف الثاني من الفيلم.
أدار الفيلم دفته نحو المرأة ومشكلاتها في المجتمع الشرقي فيما كان من المقرر أن تتناول هذه القضية كموضوع اجتماعي دون رفع شعارات فمينية تجلت في تخصيص محامية أنثى، الأمر الذي أساء للفيلم، ولاسيما في إظهار تردد كبير لدى الرجلين في الفيلم (المحقق) و(امير_ الشاب العريس) في الوقوف إلى جانب "شيرين" والدفاع عنها بالرغم من إدراكمها للحقيقة القصة.
لماذا شهاب الدين حسيني؟ بالرغم من إن دور الممثل الايراني "شهاب الدين حسيني" في فيلم "هس! ... الفتيات لا يصرخن" لم ينضج في النصف الثاني من الفيلم بل تراجع إلا إن لجنة الحكم في مهرجان ACTION ON FILM الأميركي للأفلام اختارته كأفضل ممثل رجل.
في النهاية لابد من القول إن فيلم "هس! ... الفتيات لا يصرخن" تألق في طرحه لقضية حساسة إلا إن تحميل الفيلم لرؤى عريضة وقضايا جانبية، أخفض تألقه وأزاحه عن مسار المسألة الأصلية، فيما لعبت الممثلتان الرئيسيتان في الفيلم "طناز طباطبايي" بدور شيرين و "مريلا زارعي" بدور المحامية، أدوراً ذهبية جذبت المشاهد وحافظت على التشويق المميز لهذا الفيلم السينمائي. /انتهى/.