وأفادت وكالة مهر للأنباء أنه اشتعل غضب الموظفين حين علموا أن نفس رئيس العمل الذي يؤجل مرتباتهم، يقدم أجورًا هائلة لجذب مطربين عالميين من أجل إحياء حفلاته.
الأمور لا تسير جيدًا في المملكة العربية السعودية وقد تلقت هذا الأسبوع نبأين سيئين. الأول هو اندلاع مثل تلك الاحتجاجات من العمالة الأجنبية التي تعاني من آثار تخفيض الحكومة للنفقات تحت وطأة انخفاض أسعار النفط. ولا يعاني هؤلاء العمال فقط من عدم استلام الرواتب، ولكنهم لم يعودوا يتلقون أية إمدادات من الطعام أو الكهرباء.
لكن الآثار السيئة امتدت الآن لتؤثر على موظفي القطاع العام الذين هم مواطنون سعوديون في الأساس يعمل 70% منهم في الحكومة. وحتى الآن تبدو إجراءات التقشف محدودة تتمثل في مدفوعات منخفضة أو بعض العمل الإضافي وانخفاض بنسبة 20% في رواتب الوزراء، ولكن توجد مخاطرة سياسية خلف هذه الاستراتيجية. ففي الدول الغنية بالنفط في الشرق الأوسط، ثمة صفقة غير معلنة بين النخبة الفاسدة والمستبدة التي تحصل على أغلب الثروة، وبقية السكان والمواطنين الذين يحصلون على مميزات كافية من عائدات النفط. ولنا أن نعرف أن 120 مليار دولار، أو نصف إنفاق الحكومة، قد ذهبت فقط على الرواتب والأجور والعلاوات في عام 2015.
ومع عجز موازنة السعودية الذي بلغ 100 مليار دولار، فإنّ هذا النزيف النقدي لن يكون فقط مستمرًا ولكن أيضًا من الصعب كبح جماحه. وتعاني شركات تشييد وبناء كبرى مثل أوجر وبن لادن من ضعف التمويل الحكومي، حيث بلغت استحقاقات أوجر وحدها 8 مليارات دولار. وقد اضطر عمال البناء الجنوب آسيويين لمغادرة السعودية بعد انتظار أشهر لاستلام شيكات رواتبهم التي لم تأت أبدًا.
وليس بالضرورة أن تؤدي الويلات التي يعانيها العمال الأجانب فضلًا عن المواطنين السعوديين بالقطاع العام، إلى زعزعة استقرار حكم آل سعود الذين يسحقون معارضيهم بلا رحمة. واستمرت التوقعات بسقوط آل سعود لعقود بدون ظهور أي إشارة حقيقية على قرب ذلك. ولكن ما يجعل الأزمة الاقتصادية الحالية أكثر أهمية، هو أنها تأتي في وقت تعاني فيه السعودية علاقات غير مستقرة في المنطقة والعالم.
ومن بين الجهات التي تم إعفاؤها من تقليص النفقات، هي القوات السعودية التي تحارب في اليمن، والتي تذكر السعوديين بالوضع المكلف الذي دخلوا فيه طواعية العام الماضي، ولا يبدي حتى الآن أي مؤشرات للفوز. وفي سوريا، فشلت السعودية أيضًا بعد جهود كبيرة بجانب تركيا وقطر في الإطاحة بالرئيس السوري «بشار الأسد». واليوم وللمرة الأولى يبدو أن إيران قد أصبح لها اليد العليا في الصراع ما بينها وبين السعودية على مدى 10 سنوات.
ولكن التطور الأشد تهديدًا لحكام المملكة هو توتر العلاقة مع الولايات المتحدة التي ظلت تعمل على ضمان استقرار المملكة ونظامها الحاكم لعقود، وتواجه السعودية الآن أصواتًا أكثر عدائية للمملكة داخل الولايات المتحدة. وفي يوم الأربعاء، صوت كلًا من مجلس الشيوخ والكونغرس برفض قرار الفيتو الرئاسي الذي يمنع أسر ضحايا 11/9 من مقاضاة الحكومة السعودية. ربما لا يتحول هذا الإجراء إلى قانون، ولكنه علامة على انحسار تأثير المملكة، وقد تحتاج إلى هذا التأثير في الوقت الذي تحل فيه أزماتها الداخلية. /انتهى/