وكالة مهر للأنباء- ديانا محمود: شارك الفنان السوري فايز قزق في الدورة الرابعة عشر للمهرجان الدولي لأفلام المقاومة في العاصمة طهران عن دوره "أبو الوليد" في فيلم "فانية وتتبدد" للمخرج السوري "نجدت اسماعيل انزور"، ويعتبر قزق من أهم مخرجي المسرح السوري إلى جانب عمله كممثل محترف منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي حيث تخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية- جامعة دمشق عام 1981 وحصل على شهادة عليا في إعداد وتدريب الممثل المسرحي من كلية ( الروز بروفيلد) في بريطانيا وعلى شهادة الماجستير في الإخراج المسرحي من جامعة ( ليدز)، وعمل مدرساً أكاديمياً في معاهد التمثيل المسرحي في سوريا والكويت ودول أخرى.
ويحظى الفنان السوري فايز قزق بشهرة واسعة في العالم العربي في المجال المسرحي حيث نال جائزة أفضل ممثل مسرحي في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي عن دوره في مسرحية حمام بغدادي، وقدم عدداً كبيراً من المسرحيات عالمياً ومن أهم أعماله رأس المملوك جابر لسعد اللّه ونوس إخراج جواد الأسدي، السيد بونتيلا وتابعه لماتي بريخيت إخراج أسعد فضة، الآنسة جوليا لستراندبيرغ إخراج روناك شوقي، ريتشارد الثالث مأساة عربية للمخرج سليمان البسام، بالإضافة إلى عدد من الأفلام السينمائية أشهرها رسائل شفهية و مايطلبه المستعمون وخارج التغطية للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد.
وعن مشاركته الأولى لايران واستضافته في الدورة الرابعة عشر للمهرجان الدولي لافلام المقاومة في العاصمة طهران أوضح الفنان السوري فايز قزق لمراسلة وكالة مهر للأنباء إن مشاركته كانت من خلال فيلم "فانية وتتبدد" للمخرج نجدت اسماعيل انزور، يحكي خمسة قصص عن الحرب الجارية في سوريا، تم تصوير الفيلم في منطقة داريا في العاصمة دمشق حيث دارت معارك طاحنة بين الجيش السوري والمسلحين، مضيفاً إن مشاركته كانت من خلال شخصية "أبو الوليد" الذي يتواجد في شمال حلب وينتمي لتنظيم "داعش" الإرهابي، حيث يعكس هذا الفيلم تصرفات وسلوك وعقلية هذا التنظيم، وهذه الشخصية "ابو الوليد" هي اقرب للمفهوم منها إلى الشخصية فهي لا تقتل آخر الفيلم بل ينسل بلباس امرأة ويخرج من المكان.
وشرح قزق إن "أبو الوليد" هو مفهوم الشر المطلق وإن كان منعكس اليوم بلباس "داعش" فقد يكون في المستقبل بلباس مختلف تماماً عن لباس داعش لكن الهدف هو تدمير المكان وتحطيمه والتسلل إلى عقول الناس كفيروس قاتل والبدأ بتحطيم كل ملكات العقل الإبداعية التي يمكتلها الانسان، مضيفاً إن الفيلم يطرح مايروج إليه حالياً من الدعوة إلى العودة إلى ماضي غير معروف مبهم فيه الكثير من المداليل الذهنية شبيهة بالقداسة والتاريخ لكنها غير حقيقية، كما يحاول الفيلم التركيز على الانسان وسلوك الانسان وظرفه الاجتماعي الاقتصادي السياسي العسكري والعقلية التي يحاول السوريون أن يجاهدوا لتجاوز تبعات هذه الحرب على المجتمعات والفرد.
وعلق المخرج المسرحي السوري على تصنيف هذا الفيلم ضمن أفلام المقاومة قائلاً: إن كلمة مقاومة يجب أن لا تربط بالمعنى الدارج للكلمة وهو المقاومة المسلحة ضد العدو الصهيوني وحلفائه بل إن المقاومة هو استدارك كل مايوجد من فجوات في مجتمعاتنا، فالتآخر الذي سببه هذا الكيان الصهيوني في المنطقة ترك فجوات عميقة يمكن لأي عابر سبيل أن يعبث بها ليحطم لما يمكن أن يكون بارقة أمل لدخول المنطقة إلى عصر جديد، منوهاً إلى إن ضرورة إزالة الكيان الصهيوني مسألة أساسية والمقاومة العسكرية هي من ستسحق هذا الكيان، إلا إن المقاومات الأخريات التي ترتبط بوعي الانسان لأهمية مواقفه ووعي الانسان تجاه النسخ المزورة من الدين ومابث في شرق المتوسط من حروب الآن بصيغ طائفية ومذهبية الأمر الذي لم تعرفه المنطقة والحضارة السورية وامتدادتها.
وأشاد فايز قزق بالعقل السوري الذي انتج حضارة عريقة أهداها للعالم بالأبجدية الأولى والعقائد العشتارية الأولى التي طورت الانسان الأول في المنطقة فكان الانسان العاقل الناطق الكاتب الحاصد الزراع..، معتبراً إن هذا منتجات الحضارة السورية لم تقبلها قوى اليباب في الصحراء، مشيراً إلى إن هذه الصحراءانفعلت اليوم بأموال النفط الذي يتلقفها الغرب ولاسيما الولايات المتحدة للهجوم وتحطيم سنديانة العقل البشري في المنطقة ومحاولة اجتثاثها.
وأضاف قزق تعليقاً على صناعة السينما المقاومة المشتركة قائلاً طالما إن هناك جبهة اسمها جبهة المقاومة يجب أن يكون هناك شيء مشتركة بين جميع القطاعات، يجب ان تكون هناك ثقافة مشتركة والانتقال الحر للأفكار مشترك الكل يجب أن يمشي نحو الكل، الحدود الحقيقة هي اللغات، والتقسيمات المفروضة على هذه الشعوب هي من صنع الاستعمار، ومايتوجب على الشعوب في هذه المنطقة أن تكسر الحدود وتمضي نحو بعضها الآخر، مضيفاً إن الانتقال بين الشعوب وثقافاتها يجب أن تتخطى الكلمة والصورة إلى الانتقال الحر لتتلاقى بثقافاتها، فشرق المتوسط حتى أواسط الهند يستخدمون نفس الحرف ورسم الخط التي أبدعها الآراميون السوريون سكان هذه المنطقة (أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت) بإضافات خاصة، مشيراً إلى إن الانسان المقاوم الفاعل في شرق المتوسط تمكن من ايجاد الأبجدية وابداع الشيء من اللاشيء.
واعتبر الفنان السوري قزق إن العودة إلى المفاهيم الأصيلة لحضارتنا القديمة بعيداً عن الغزو الأجنبي يعزز مفهوم المقاومة العقلية التي تساند المقاومة المسلحة، فالمقاومة في العلم والفن والأدب تؤسس للاستقلال النفسي في المنطقة، مشيراً إلى إن قوى الشر الاستعمارية تستهدف من خلال الحرب القائمة الآن المدارس والجامعات، ففي سوريا تم تحطيم خمسة آلاف مدرسة وهوجمت الكليات بشكل مستمر لتحطيم العقل المنتج وترويضه لتحويله إلى جندي ديني قادر على القتال كمرتزق ديني في كل أنحاء العالم لصالح الاستخبارات الامريكية والبريطانية، وذلك تحت رايات تشبه رايات القداسة إلى إنها لاتحمل اي قدسية بل تحمل معاني الموت في السلوك معاني القتل للانسان.
واكد فايز قزق إلى إن مواجهة هذه الهجوم على العقل لابد من استخدام مفردات المقاومة الحقيقة التي تأتي بالانسان إلى الانسان دون اي توجيه صارم له، كاشفاً عن اعتقاده بأن الانسان منذ ولادته لديه خاصيتان فطريتان الأولى مقاوم ينادينا إلى نسعفه ليكبر ويقاوم بعد بنفسه والثانية أنه موحد بالفطرة للخالق بالضرورة.
وأشار فايز قزق إلى إن النشاط المسرحي اليوم في سوريا هو مقاومة، ضد الحرب ضد ما يروج في التلفاز، مقاومة الانسان في البحث عن الانسان والفن والآداب والمهن اليدوية، هو بحث عن اصطلاحات المحاججة المطلوبة اليوم في هذا الصراع الحضاري ضد سوريا، مشيراً إلى إن العقلية السورية تحتاج إلى خمائر العقل البشري المختلفة بعيداً عن التشويه والتحريف والمقاومة اليوم هي خلق ثقافة مشتركة وتلاقي حر للافكار الشعوب.
وتطرق الفنان السوري قزق الى ضعف الجسور الثقافية بين طهران ودمشق قائلاً إن الاستعمار جاء إلى بلادنا وقسمها وفرقنا وأضعف أواصر المنطقة وسرق مفاهيمنا مشيراً إلى الاعتداءات الثقافية المكررة التي مارسها العدو الصهيوني في سرقة الحرف والاسم والكلمة السورية وزجها في ماسماه ثقافته، منوهاً إلى إن المستعمر أدرك إن "فرق تسد" هي العبارة السحرية للسيطرة على المنطقة سواءاً كانت في مجال الجغرافية أو المواصلات أو الثقافة، مشيراً إلى إن عدم وجود سكك حديدة تربط المنطقة ببعضها البعض هدفه عدم السماح لطريق الحرير بالعودة إلى المنطقة، معتبراً إن عدم لقاء الانسان بالانسان خديعة يرغب فيها العدو ويصر عليها لتجويف المنطقة وخلق الفراغ ليأتي الغربي ويملأه بما يشار من زخارف واهمة تقضي على العقل.
وشدد قزق على ضرورة التواصل بين الشعوب في المنطقة بعيداً عن الحكام، فالبعض يرغب أن تكون الشعوب حطباً للمعارك فقط لتبقى وتستبد، فالنظام العالمي الرأسمالي الذي تجذر في العالم اليوم وتقوده الولايات المتحدة الامريكية وحشوتها الصهيونية التي باتت اليوم بألف لسان ولسان وبألف صورة وصورة.
واعتبر قزق الحرب العراقية الايرانية إحدى نواتج عدم التواصل بين الشعوب في المنطقة وسيطرة الغرب عليها، مشيراً إلى إن هذه الحرب كانت حرب احتواء مزدوج لتحطيم القوى في المنطقة وثرواتها، مشيراً إلى إن الغرب جلب معه وسائله ليقول إننا نحن الحضاريون وانتم همج، وقسم منا صدق القصة مشيراً إلى الاتهامات التي يتلاقفها البعض ويوجهها إلى ايران بقولهم العجم، موضحاً إن العجم ككلمة هي من عُجم لسانه في نطق لغة أجنبية إيًّ كانت جنسيته وإيّ كانت اللغة، منوهاً إلى هناك من يريد تكريس الكراهية بين شعوب المنطقة.
وبين الفنان السوري فايز قزق تعليقاً على سؤال مراسلة وكالة مهر للأنباء عن الانتاج المسرحي والسينمائي المقاوم في البلاد العربي قائلاً إن هناك عملية خلجنة للفنانين العرب تبعدهم عن قضاياهم وتقدم لهم اغراءات وتسهيلات لانتاج ما يسمى ب"الدراما الرمضانية" لتقدم من خلال واجهة "تيفوية" مخلجنة تهدف لخلجنة ملايين العقول في العالم العربي وتضيع وقتها وإبعادها عن قضاياها الأصلية، منوهاً إلى إن هذه المصيدة خلقت فنان "تيفاوي" شوه الفكر والنموذج الثقافي في العالم العربي، محملاً الحكام العرب مسؤولية مايحدث من انحطاط ثقافي وابتعاد عن المنتج المقاوم في العالم العربي.
ودعا فايز قزق في ختام لقاءه المثقفين في المنطقة لتوحيد الصفوف لتوحيد الرؤى بعيداً عن السياسات الغربية بتفعيل الترجمة ونقل المسرح والكتاب والافلام للحفاظ على استقلال المنطقة ومقاومة الهجمات الغربية. /انتهى/.