وكالة مهر للأنباء-فرزاد فرهادي:دائما ما كانت العلاقات بين الجمهوريّة الإسلاميّة وجمهوريّة مصر العربيّة تشهد تحسّنا مرّات وتوتّرات مرّات أخرى وذلك يعود مع تغيّر الحكومات الّتي شهدتها هذه الدّولة المهمّة على مدى العقود الأخيرة. ففي عهد الملكية الشاهنشاهيّة الإيرانيّة كانت العلاقات وطيدة مع مصر وتُرجم ذلك بزواج الشّاه الايراني المخلوع من شقيقة الملك المصري آنذاك فاروق.
وفي عهد الزّعيم الرّاحل جمال عبد النّاصر، فقد وقفت الحكومة المصريّة إلى جانب حكومة مصدّق بُعيد تأميم صناعة النفط الإيرانيّة ووقوف الغرب على المقلب الآخر للمواجهة.
كما وشهدت العلاقات المصريّة الإيرانيّة انقطاعاً في عهدي الرئيسين أنور السّادات وحسني مبارك، لوقوف الأول ضد الثورة الإسلاميّة الّتي اندلعت في ذلك الوقت وتعاطفه ووقوفه إلى جانب الشّاه المخلوع محمّد رضا بهلوي، وانتهاج مبارك السياسة الأميركيّة والغربيّة فيما يخصّ العداء للجمهوريّة الإسلاميّة.
تحسّنت العلاقات بين البلدين بشكل ملحوظ بعد ثورة يناير 2011 وسقوط نظام حسني مبارك وتولّي الإخوان المسلمين الحكم في البلاد، حتّى أن الرئيس الإيراني السّابق محمود أحمدي نجاد زار القاهرة مُعلناً بذلك فتح صفحة جديدة بين البلدين.
لكن مع عزل مرسي عن رئاسة الدولة بعد احتجاجات 30 يونيو 2013، وتوّلي عبد الفتّاح السيسي مقاليد الحكم سعت مصر إلى التعاون الوثيق مع دول تعاون الخليج الفارسي وبالتّالي خفض العلاقات مع إيران وذلك بهدف عدم إثارة السّعوديّة.
على مدى الأشهر القليلة الماضية شهدت العلاقات تحسناً بعد أن تلاقت وجهات النّظر في العديد من الأمكنة من سوريا إلى اليمن. ومُنذ دعم مصر للمقترح الرّوسي في مجلس الأمن حول التّهدئة في سوريا شهدت علاقات مصر والسّعوديّة توتراً انتهى بقطع الإمدادات النّفطيّة عن مصر، وبذلك طُرح إسم الجمهوريّة الإسلاميّة للحلول مكان الدّور السّعودي لتزويد مصر بالمشتقّات النّفطيّة.
يعتقد المحللّون والمراقبون أنّ التّقارب في العلاقات بين مصر وإيران ليس شيئا جديداً فالعلاقات كانت قائمة أصلاً حتى مع وصول السيسي لسدة الحكم. ويلفت المراقبون أنّ تطوّر العلاقات في الأشهر القليلة الماضية يعود إلى التقاء المصالح بين البلدين في العديد من ملفّات المنطقة على رأسهم الموضوع السّوري واليمني.
فمصر تدعم الحل السياسي للأزمة في سوريا وهذا ما يبينه دعمها للجيش السّوري في حربه، لأن مصر تعلم علم اليقين أنّ تقسيم سوريا سيهدّد المنطقة ضمن شعاع تقع مصر في دائرتها. مصر وإيران قد أعلنوا بشكل واضح أنّهم ضدّ التّقسيم في سوريا على أساس عرقيّة ومذهبيّة وبالتّالي هم ضد الجهد الغربي الرّامي لتقسيم سوريا.
وفي الوقت الحاضر لا يخفى التّعاون بين إيران ومصر بشأن الوضع السّوريّ فقد أعلنت مصر بشكل واضح على أهمية بقاء بشار الأسد على رأس الحكم في سوريا. وستسعى مصر إلى تحقيق مصالحها الإقتصاديّة بعد هذا التّعاون.
من الجدير بالّذكر أنّ مشايخ الحكم في السّعوديّة لم يتخيّلو أن تُقدم مصر على هذا التّصريح العلني بدعمها بقاء بشّار الأسد، ولا يجب صرف النّظر على أنّ التّعاون مع إيران هو مبنيّ على أساس تحقيق المصالح المشتركة لكلّ من البلدين.
من النّاحية الإقتصاديّة يجب تسليط الضوء على أنّه لا يوجد مشكلة مذهبيّة لدى مصر باستقطاب السّياح الإيرانيين، فأبواب مصر لم تغلق أمام السّياح الشيعة من الهند وباكستان والسّعوديّة والعراق والبحرين.
من المسلّم أنّه يجب على الفريق السيسي أن يستبدل سياسة الحيطة والحذر بقرارات شجاعة لصالح فتح صفحة جديدة بين البلدين خصوصا أنّهم مصالح مصر و ايران تلتقي في ملفات كثيرة.
التعاون بين مصر وإيران سيؤدي حتمًا إلى حل العديد من المشاكل في المنطقة. وعلى البلدين أن يخطيا خطوة إلى الأمام من أجل تحسين العلاقات لما فيه مصلحة البلدين والشعبين.