وأجرت وكالة مهر للأنباء بالتزامن مع فعاليات اسبوع الوحدة الاسلامية في العاصمة الايرانية طهران مقابلة مع رئيس مجلس قيادة حركة التوحيد الإسلامي في لبنان الشيخ هاشم منقارة تطرق فيها الى عدة قضايا تعني الشارع العربي والاسلامي.
وفي ما يلي نص المقابلة كاملة.
- وكالة مهر للأنباء: ما هو موقفكم تجاه تصريحات شيخ الازهر احمد الطيب في مؤتمر غروزني في خروج الوهابية والسلفية من دائرة اهل السنة؟
الشيخ منقارة :اولاً يسجل للأزهر وللدكتور احمد الطيب دعواته المتكررة للحوار لا سيما الحوار السني الشيعي وفي سؤالك عن موقفه في شأن خروج الوهابية والسلفية من دائرة اهل السنة فالدكتور الطيب قال" أن مفهوم “أهل السُّنَّة والجماعة” الذي كان يدور عليه أمرُ الأمَّة الإسلامية قرونًا متطاولة – نازعته في الآونة الأخيرة دعاوى وأهواء، لَبِسَتْ عِمَامَتَهُ شكلًا، وخرجت على أصوله وقواعده وسماحته موضوعًا وعملًا، حتى صار مفهومًا مضطربًا، شديد الاضطراب عند عامة المسلمين، بل عند خاصتهم ممن يتصدرون الدعوة إلى الله، لا يكادُ يبِينُ بعضٌ من معالِمِه حتى تَنْبَهِم قوادِمه وخَوَافِيهِ، وحتى يُصبِحَ نَهْبًا تتخطَّفُه دعواتٌ ونِحَلٌ وأهواء، كلُّها ترفع لافتة مذهب أهل السُّنَّة والجماعة، وتزعم أنها وحدَها المتحدث الرسمي باسمه.. وكانت النتيجة التي لا مفرَّ منها أنْ تمزق شمل المسلمين بتمزق هذا المفهوم وتشتُّتِه في أذهان عامتهم وخاصتهم، مِمَّن تصدَّروا أمر الدعوة والتعليم، حتى صار التشدُّد والتطرُّف والإرهاب وجرائم القتل وسَفك الدِّماء". ورأينا نعم هناك تطرف واستغلال سياسي وغيره وهناك ارهاب معنوي ومادي وجرائم ترتكب تارة باسم الدين وتارة باسماء وعناوين مختلفة وهذا الأمر يشترك فيه الكثير من المتطرفين ومن كل الجهات فمدرسة الانحلال والاستغلال واحدة وهي بعيدة كل البعد عن جوهر الاسلام بدليل ما تشهده المنطقة العربية من جرائم وانقسامات لم تعهدها من قبل،وفي هذا الموضوع يجب ان نفرق بين المذاهب كمدارس فقهية وبين المراحل الزمنية والحركات السياسية وايضاً يجب ان نعلم التكوينات الطبيعية داخل تلك الاطر وتطورها سلباً وايجاباً حتى داخل المذاهب والجماعات بين صقور وحمائم ومعتدلين لقد راينا خاصة في منطقتنا العربية والاسلامية كيف ونتيجة الفساد السياسي والفشل التنموي كيف تطورت المواقف والممارسات بشكل سلبي واتجهت نحو المزيد من الراديكالية التي بلغت اسؤ اوجهها في داعش وامثالها وان كنا نحسب هذة الأخيرة على انها مجرد ادوات استخبارية استعمارية اخرى لاستباحة منطقتنا في ما تحدثه من فتنة وشقاق وتدمير،ونعترف ايضاً ان الأمر خرج في كثير من الاحيان من بين ايادي العلماء الى الشارع حيث تسود الخصومات،لا المقاربات الفكرية الناضجة والحكيمة، وكانت النتيجة التي لا مفرَّ منها أنْ تمزق شمل المسلمين بتمزق هذا المفهوم وتشتُّتِه في أذهان عامتهم وخاصتهم، مِمَّن تصدَّروا أمر الدعوة والتعليم، حتى صار التشدُّد والتطرُّف والإرهاب وجرائم القتل وسَفك الدِّماء" وتطور الخلاف والانقسام السياسي بين الرأي والرأي الاخر ليطال العقيدة ويتحول التنافس الى خصام فعداء،يهادنون الاعداء وبأسهم بينهم شديد،وتحولت الاولويات من قتال الاعداء الحقيقيين الى حروب الألغاء المتبادلة ومعارك الأزقة والزواريب،فتاهت البوصلة عن فلسطين.
-وكالة مهر للأنباء: هل تعتقد ان مؤتمر غروزني يشكل نقطة تحول هامة وضرورية لتصويب الانحراف الحاد والخطير الذي طاول مفهوم اهل السنة والجماعة اثر محاولات اختطاف المتطرفين لهذا اللقب الشريف وقصره على انفسهم؟
الشيخ منقارة : الاجدى بالمؤتمرات تحت المسميات الاسلامية ان ترتقي في الشكل والمضمون لمستوى التحدي المفروض على الامة بوحدتها فتعمل على ما يوحد كل الطاقات الممكنة،نحن مع اي مؤتمر من شأنه ان يحقق الوحدة الاسلامية على اساس المشروع الجهادي المقاوم وان تكون فلسطين قبلته ومؤتمر غروزني في بعض منه يمكن ان يشكل انطلاقة لمؤتمرات ومساعي اخرى يمكن من خلالها التأسيس لمسار اسلامي وانساني وحدوي يقوم على الجمع بين المسلمين لا على التفريق بين المذاهب.
لقد اعلن المؤتمرون في غروزني ان هدفهم هو القاء الضوء على المشكلات التي تحيط بالعالم الاسلامي في مسائل العقائد والافكار التي يتم استغلالها من قبل الدول والمنظمات المتطرفة في صياغة مناهجها التدميرية في المنطقة وان التكفير والتفجير يسيران على قدم وساق.
وأنه لا بد من إطفاء الحرائق والحروب اللاإنسانية، التي تتخذ من أجساد العرب والمسلمين وأشلائهم، فئران تجاربَ دموية، وتشعلها أنظمة استعمارية جديدة، تقدِّم بين يدي نيرانها نظريات شيطانية مرعبة، بل إن خططهم الماكرة بدأت تَزْحَفُ على ثقافات الناس ومعتقداتهم ومقدَّراتِهم التاريخيَّة والحضاريَّة، وتُخْضِعُهَا لمعاييرِ ثقافة عالميةٍ واحدةٍ،هذا المعنى من المؤتمر نؤيده بالتأكيد بل اننا في لبنان كحركات مقاومة قد وضعنا هذا النهج موضع التنفيذ منذ زمن بعيد والذي من خلاله دحرنا الاحتلال الاسرائيلي عن ارضنا دون قيد او شرط واصبح وطننا عزيزاً مهيب الجانب وشوكة في اعين الصهاينة بفضل المقاومة الشريفة.
- وكالة مهر للأنباء : ما هي خصائص الاسلام السني الحقيقي؟هل يعتقد اهل السنة بتكفير واقصاء المذاهب الاخرى حقاً؟ام هناك بوادر لتقريب وجهات النظر بين الشيعة والسنة ومختلف النزعات الفكرية في العالم الاسلامي؟
الشيخ منقارة :الدين عند الله هو الاسلام وامتنا امة واحدة الجميع فيها تحت مظلة الاسلام واستسهال التكفير واخراج الناس من تحت مظلة الاسلام على الطريقة التي نشاهدها في هذا العصر لهو تنطع وفساد ما بعده تنطع وفساد آخر، فالاسلام يجمعنا على حقيقة ان لا اله الا الله وخصائصه ان يُدخل فيه المعتدلين من كل المدارس التي تعظم الايمان والاسلام واهله بحيث يكون أهل السُّنة والجماعة هم في هذا الزمان: كل من عظم السُّنة والصحابة واهل البيت والسلف من معتدلي الأشعرية والماتردية والسلفية والصوفية ممن لا يكفر مخالفه، ولا يتديّن بسلبه المطلق لشيء من حقوق أخوته الإسلامية (حباً وتعاوناً ونصرة) بحجة التضليل أو التكفير”. اما التكفير السائد اليوم واستسهاله فهو مرض خطير يكاد يصيب الامة في مقتلة ويشوه نقاء سمعتها الحضاري.
-وكالة مهر للأنباء: هل يعتبر الازهر مرجعاً حقيقياً لاهل السنة والجماعة في العالم الاسلامي؟لا سيما في ظل مساعيه في تقريب المذاهب الاسلامية والتقريب بين السنة والشيعة فيما نشاهد ان شيوخ السعودية يسعون وراء ترسيخ التباعد والاقصاء في العالم الاسلامي..
الشيخ منقارة : بالنسبة لمرجعية الازهر كأحدى المرجعيات في العالم الاسلامي لا يختلف اثنين عليها وفي موضوع مساعي الازهر بشأن التقريب بين المذاهب فنحن كنا ولا زلنا نؤيد الدعوة الى الحوار والتقريب بين الجميع افقياً وعمودياً سواء بين السنة والشيعة او بين التباينات السنية السنية او الشيعية الشيعية وربما تكررت الدعوة لحوار سني شيعي في ظروف معينة فلأن الفتنة التي كانت تعد للنيل من الأمة الاسلامية كان بابها المشرع هو احداث فتنة سنية شيعية على كل حال تتعدد اساليب احداث الفتن في العالم الاسلامي والغاية واحدة، هي النيل من الاسلام والمسلمين بسياسة فرق تسد...ورغم اننا لا نعمم في مثل هذة المسائل اي ما يتعلق بالمذاهب والرؤية والافكار ومدى تبنيها لفكرة التكفير تنظيراً وممارسة ولا شك ان معظم الآراء المتشددة خرجت من احداثيات واماكن معينة اكثر من غيرها ، ونحن دائماً ندعو الدول والحركات العربية والاسلامية الدائرة في الفلك السياسي الأمريكي والغربي لتصحيح مساراتها والعودة لحضن الأمة وبما أننا دائماً ولمصلحة الأمة العليا ندعو الى حوار اسلامي اسلامي ركيزته عربية ايرانية تركية فلا بد ان نأخذ بعين الاعتبار الظروف الموضوعية لإنجاح هكذا دعوات لأن منطق حرق مراكب العودة لا يفيد احد ونحن نستعرب في هذا المجال اصرار بعض العرب والمسلمين على الحوار مع كل لعالم ورفض دعوات الجمهورية الاسلامية في ايران التي توجه من اجل الحوار والوحدة ،نحن كمسلمين في امس الحاجة في الظروف الحالية الى تفاهمات وتسويات اسلامية اسلامية تخرجنا جميعاً من عنق الزجاجة لا سيما في سوريا والعراق واليمن وغيرهم،إن ما يحث اليوم من انتشار لمنظومة التكفير والتشدد والعنف وكثرة الجدال السفسطائي واستحضار الفترات المظلمة من غياهب التاريخ واشكالياته على ندرتها واسقاطها على وقائع لا تحتملها فهي مفسدة كبيرة تجب معالجتها بالسرعة القصوى برد الامور الى اهلها ونصابها الحقيقي.
- وكالة مهر للأنباء: لماذا تحاول الوهابية اخراج الصوفية من دائرة اهل السنة والجماعة؟هل ترجع الى آراء الشيخ ابن تيمية؟
الشيخ منقارة :ان محاولة اخراج اي مكون اسلامي من تحت المظلة الاسلامية الكبرى هي محاولة فاشلة بامتياز،وان التشدد والتنطع لا حياة له في حاضر ومستقبل هذا الدين،بالطبع هناك اسس نظرية ضيقة في الاساس تنتج عن تفسيرات خاطئة تؤدي لتبني مثل هذة الافكار وممارسة هذا النهج على ان النهج الاقصائي كما نقيضه موجود في كل الامكنة والازمنة وعند مختلف الجماعات.
-وكالة مهر للأنباء لماذا يتم تصغير اي مؤتمر اسلامي سني يقام خارج اطار الرياض؟هل يجوز قصر اهل السنة على عرب الخليج؟
الشيخ منقارة : اليوم الصراع السياسي في اوجه في المنطقة العربية والاسلامية وهذا الامر يرخي بظلاله في اكثر من قضية ومقاربة وملف مع ذلك يدرك الجميع ان كل المؤتمرات التي كانت تنظمها الرياض كانت اقصائية بامتياز لا سيما لنا كمحور مقاوم والاقصاء هنا كان يطال شريحة اسلامية واسعة بل الشريحة الاهم للأسف الكثير من دول الخليج ترتبط بعلاقات سياسية تبعية مع الخارج وهذا الامر يرخي بظلاله كما قلنا على العديد من المقاربات،وفيما خص دول الخليج لقد كانت سياسة هذا المكون الرسمي في معظمه على الدوام تنبع من تعجرف وتعال وافق ضيق وخير مثال هو ما جرى وكان يجري في اليمن من تهميش على اعتاب جيران يتمتعون بالاسراف في كل شيئ،بالطبع لا احد يختصر العالم الاسلامي مكون دون غيره لا عرب الخليج ولا غيرهم الامة هي الامة والاسلام هو الاسلام.
- وكالة مهر للأنباء: يعتقد البعض ان وحدة المسلمين تتحقق من خلال اقصاء الشيعة والصوفية من العالم الاسلامي؟هل ترى من جدوى لهذا المشروع؟
الشيخ منقارة :فكرة الاقصاء بحد ذاتها وبكل الاتجاهات فكرة جنونية تناقض جوهر الاسلام وعدالته وشموليته الذي دعا الى التعارف والتلاقي والحوار وصولاً الى وحدة اسلامية وانسانية كاملة، الوحدة الاسلامية لا تصد ابوابها امام احد قال تعالى : (وَإِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُون)
وحدة الامة الاسلامية ضرورة ومفهوم هذه العبارة هو أن لا قيام لمصالح المسلمين في الدين والدنيا إلا بوحدتهم واجتماع كلمتهم على الحق،فوحدة المسلمين ليست خيارا استراتيجيا يلجأ إليه المسلمون عند الحاجة أو الضرورة، بل هي أصل من أصول الدين الكلية، وقاعدة من قواعده العظمى، والتفريط فيها معصية توجب غضب الله وعذابه في الدين والآخرة، وعليه فالدعوة الى الوحدة تقع على عاتق الجميع دون استثناء./انتهى/
اجرى الحوار: محمد مظهري