واعتبر فادي بودية رئيس تحرير مجلة مرايا الدولية أنّه إذا كان إنتصار الجيش العربي السوري وحلفاؤه في حلب شكّل إنعطافاً كبيراً في مجريات الحرب على الارض السورية ، فإنّ " جريمة " إغتيال السفير الروسي في أنقرة " أندريه كارلوف " سيحتّم مرحلة جديدة وخلطاً جذرياً للاوراق السياسية التفاوضية في آفاق هذه الحرب وتداعياتها على المستويين الاقليمي والدولي .
في مرور سريع على الفكر القومي الروسي فإننا نلمس إلى حد اليقين أن لا شيء يستفزّ روسيا ويغضبها أكثر من المساس " بعظمتها " سواء على المستوى الداخلي ( أوكرانيا وجزيرة القرم خير شاهد ) ، أو على المستوى الخارجي ( إسقاط تركيا للمقاتلة الروسية على الحدود السورية وتوسّل أردوغان التوبة ) .
تأتي جريمة إغتيال السفير الروسي في أنقرة خلال إفتتاحه معرض " روسيا بعيون الاتراك " الذي تم تنظيمه في سياق التأكيد على عودة العلاقات الروسية – التركية إلى عهدها السابق ، وقبل يوم واحد على إجتماع وزراء خارجية إيران وتركيا وروسيا في موسكو المأمول منه تفعيل العملية السياسية في سوريا بهدف إعلان وقف إطلاق النار على كافة الاراضي السورية ، لخلق توتّر محموم بين تركيا وروسيا لاسيما بعد أن شعرت أمريكا أنها بدأت تخسر تركيا " البوابة الاكثر تأثيراً في الميدان السوري " ، إضافة الى رغبة الاتحاد الاوروبي بالطلاق التركي ( تجميد الاتحاد الاوروبي طلب إنضمام تركيا ) .
ولعل ما نشرته صحيفة "واشنطن بوست" حول اغتيال السفير الروسي لدى تركيا ان "التصور الموجود لجهة العداء الغربي لاردوغان والحكومة التركية، ادى إلى صعود تيار "يوروآسيوي" في تركيا والذي يريد ان تبتعد انقرة عن اوروبا و"الناتو" وان تعزز العلاقات مع دول مثل الصين وروسيا" ، خير دليل على المشهد الخارجي لتركيا في علاقتها الأميركية الاوروبية .
الرئيس فلاديمير بوتين الذي غضب غضباً كبيراً كان مدركاً تماماً لخلفيات هذه الجريمة وأهدافها ، فأصرّ على إنعقاد الإجتماع في الموعد المحدد في قاعة قريبة من مكتبه ليكون على إطلاع تفصيلي لمجريات الإجتماع والخروج بمقررات حازمة تدفع عجلة العملية السياسية في سوريا بالتوازي مع العملية العسكرية التي تهدف الى القضاء على جذور الارهاب في سوريا حيث أنه بات أكثر قناعة أنّ مشروع الارهاب يريد " رأس روسيا " ، ما دفعه للإتصال بالرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب والقول له :" إن روسيا الان دخلت الحرب وإذا اعترضنا أحد سنشعلها حرباً عالمية شاملة " – بحسب ما نقل مصدر مطّلع – فالكل يعلم أن الرئيس بوتين شخصية لا تعرف المزاح أبداً .
ومما عزّز إدراك بوتين لهذا المخطط تصريحه عقب الجريمة وتفهّمه لمحاولة " نسف " العلاقة الروسية التركية ، مكتفياً بالطلب من أردوغان خلال مكالمته الهاتفية أن يكون التحقيق" مشتركاً " بينهما ، والافت كان جواب أردوغان : " تركيا بلدك إفعل ما تريد " .
مما لا شكّ فيه ، أن هذه الجريمة سيكون لها تأثيراً كبيراً على الموقف التركي وقبول المقترحات الروسية من خلال تقديم تنازلات عديدة في الملف السوري اللهم إذا لم تتدخّل العصا السحرية الاميركية الصهيونية لتذكّره أنه ما زال عضواً في " حلف الناتو " كما فعلت في المرة السابقة!!
سوريا الاسد لم تعد بحاجة للرهان على موقف أردوغان وغيره ، فهي اليومتحقق إنتصارات عسكرية كبرى تضمن لها إنتصاراً كبيراً في أوراق التسوية السياسية ولاسيما بعد تراجع العديد من الدول عن مطلب تنحّي أو إسقاط الرئيس الاسد بفعل صموده الجبّار وتضحيات جيشه الباسل ووفاء حلفائه ./انتهی/