وكتب العميد حطيط في مقال لصحيفة "الثّورة" السّوريّة أنّه عندما تعلن الان الإدارة الأميركية المنتهية الولاية في الشهر المقبل عن قرارها تسليح الجماعات الإرهابية في سورية بالأسلحة المتطورة تطرح أسئلة كثيرة تتعدى القرار والسلاح المقصود لتصل الى الموقف الأميركي العام من الازمة السورية والعدوان على المنطقة وانتهاك امنها وسيادتها.
وقال حطيط ان الإعلان عن التسليح هذا لا يغير واقعا ميدانيا كبيرا، فالإرهابيون الذين تسميهم اميركا "معارضة معتدلة " لم تمطر عليهم السماء السلاح مدرارا حتى امتلكوا الة القتل والتدمير والتخريب بالحجم الذي امتلكوها واستعملوها لتدمير سورية بشكل يكاد يكون نادرا في التاريخ. فهم امتلكوا هذا السلاح وصدر إليهم بقرار أميركي باعتبارهم الجيش السري الأميركي التابع ل سي أي أي C.I.Aوكالة الاستخبارات الأميركية التي تجهد في الاضطلاع بمهمة تخريب العالم لوضع اليد عليه. اذن تسليح إرهابيين بقرار أميركي ليس بالأمر المفاجئ والجديد وجل ما في الامر ان اميركا كانت تسلح ولا تتحدث عن الامر والان أعلنت انها تريد ان تسلح بأسلحة نوعية.
واضاف: اذا دققنا في القرار بذاته لوجدنا فيه أيضا من التعقيد في التنفيذ العلني ما يجعل امر تطبيقه في الأسابيع الاربعة من عمر ولاية أوباما المتبقية ، وإذا سلمنا جدلا بان التسليح سيحصل خلال هذه الفترة وإن الإرهابيين سيمتلكون مثل هذا السلاح النوعي المضاد للطائرات فما عساهم ان يفعلوا به؟ فورا نقول ان الصواريخ الفردية المضادة للطائرات ليست من القوة و الفعالية التي تمكنها من انشاء قبة فولاذية تحمي الإرهابيين من الخطر الجوي بأحكام ، بل انها في اقصى ما تصل اليه نظرا لقصر المدى و محدودية الدقة في الإصابة ، جل ما تصل اليه هو فرض رفع درجة الحذر و الحيطة لدى الطيارين و جعلهم لا يسترسلون في التحليق المنخفض.
واشار الى التحليل الذي يقودنا الى القول ان القرار الأميركي لا يحدث جديدا او تغييرا ميدانيا يثير الاهتمام متسائلاً لماذا تقدم إدارة أميركية تجمع اوراقها للرحيل ـ لماذا تقدم عليه وهي تعرف كل هذه الحقائق ولا يمكن ابدا ان تكون بعيدة عن عمقها وجوهرها أيضا، نسأل لماذا يتخذ القرار ويعلن عنه بمثل هذه الطريقة الاحتفالية؟
وللإجابة على السؤال تطرق حطيط الى الظروف والتطورات التي أملت هذا القرار. فأميركا التي عملت جاهدة طيلة عام كامل منذ شباط وحتى كانون الأول 2016 من اجل الاستيلاء على حلب خدمة لمشروعها الاستراتيجي الكبير الاستيلاء على سورية او تقسيمها، وجدت نفسها مهزومة امام سورية وحلفائها الذين حرروا المدينة من الإرهاب وأسقطوا فيها المشاريع العدوانية والاحلام الإقليمية معا وعلى حد سواء. وكانت هزيمة استراتيجية فرضت على اميركا ان تختار بين التسليم بها او المكابرة لامتصاصها وحفظ ماء الوجه بتصرفات استعراضية تتيح لها نفض اليد من الهزيمة.
واعتبر ان الذي فاقم المأزق الأميركي، هو اندفاع معسكر المنتصرين في حلب نحو عمل سياسي مبني على فكرة وقف إطلاق النار في كامل سورية والدخول في عملية سياسية مبنية على ثوابت سورية واضحة تتمثل بوحدة سورية ارضا وشعبا والتمسك بالدولة ونظام الحكم العلماني مع التأكيد على السيادة والقرار المستقل للشعب السوري، على ما جاء في اعلان موسكو الذي يتناقض في الجوهر مع الخطة العدوانية الأميركية.
ورأى ان اميركا او إدارة أوباما التي كانت تستعد للرحيل وجدت ان ورقة سورية تفلت من يدها دوليا، في الميدان هزيمة للإرهاب وفي السياسة محاولة جادة من قبل معسكر الدفاع لاستثمار النصر وتثبيته سياسيا بعيدا عن الإرادة الأميركية. لذلك ومن موقع المكابر المتغطرس الذي يقاتل بدماء الغير وأمواله قررت اميركا وضع خطتها " إطالة امد الصراع" وقررت الدخول في حرب استنزاف في سورية علها تحقق لها شيئا.
واكد حطيط ان القرار كان مسبوقا بنغمة اوروبية غربية رافقت انهيار الإرهاب في حلب وتمثلت بالقول بان "سقوط حلب لا يعني نهاية الحرب " كلام يعنون فيه ان خسارة الإرهاب في حلب لا يعني وقف العدوان.
وتابع: نقول ان العمل وفقا للقواعد الثابتة في إدارة الصراع هو ما يجب ان يكون ، و بالتالي يجب ان يستمر الميدان نشطا ويبقى التحرك فيه مستمرا على قاعدة تحصين الانتصار في حلب و توسيع دائرة الأمان حولها و حول المدن السورية الكبرى بما في ذلك دمشق و حمص و حماه ، و منع الإرهابيين من تحقيق أي مكسب ميداني جديد و هنا تكون ادلب و بعد ريف حلب و معها ريف دمشق محلا منطقيا للعمليات العسكرية المقبلة كما يستمر السعي السياسي دون ان يؤثر في أي حال على الميدان الذي لا يتأثر أيضا بالقرارات و المواقف الاستعراضية الأميركية من قبيل قرار تزويد الإرهابيين بالمضاد للطائرات او بالقرارات الجدية من قبيل تنظيمهم في جيش إرهابي جديد . فالأزمة السورية دخلت بعد حلب مرحلة جديدة لا يقوى أحد ان يعود بها الى الوراء ومن انتصر يبقى عليه فقط ان يحفظ انتصاره في حجمه وينميه ولا يفرط باي قدر منه./انتهی/