طرحت الأكاديمية التونسية سهام بنت عزوز أسئلة حول السياسات التركية الحالية تجاه الأزمات في المنطقة والتصعيدات التي يحملها ملف العلاقات الدولي التركي في ظل تواجد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وتقاربه من روسيا بعيداً عن امريكا.

كتبت الأكاديمية التونسية سهام بنت عزوز لوكالة مهر للأنباء معتبرا ان إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن التوقيع على وقف إطلاق النار في سوريا مع تركيا، بوصفها أهم داعم و مشغل للمسلحين، يثير تساؤلات عما يدور خلف كواليس هذه المسرحيةّ وهل سيكون بوسع الرئيس أردوغان نقل بلاده من ارتباط كليّ بالولايات المتحدة الى تحالف جديد مع روسيا وما هي الأسباب والنتائج التي يمكن أن تترتب بناء على هذا التحول الكبير.

وترى الباحثة التونسية إنه من الصعوبة إستيعاب انقلاب موقف الرئيس أردوغان، طالما إن تركيا لاتزال عضوا في الحلف الأطلسي منوهةً إلى صعوبة مغادرتها، وأضافت ربما تتمكن تركيا في مرحلة أولي من الخروج من القيادة العسكرية الموحدة كما فعلت فرنسا في عام 1966 عندما تعرض الرئيس شارل ديغول في ذلك الحين لمحاولة انقلاب. 

وتابعت بنت عزوز إنه على الرغم من أننا لا نعرف بالضبط عدد المسلحين المتواجدين في سورية والعراق إلا أنه بإمكاننا اعتبار أن عددهم في الوقت الراهن ليس أقل من خمسين الى مائتي ألفا لكن السؤال الاخطر الان إذا كنا نعلم أنه من المتعذر جداً إصلاح هؤلاء المرتزقة فما عسانا نفعل بهم؟

واعتبرت الأكاديمية التونسية إن وقف إطلاق النار كتب بطريقة غامضة تاركاً الباب مفتوحا أمام احتمال شن هجوم ضدهم في إدلب، حيث يحتل هذه المحافظة عدد لا يحصى من الجماعات المسلحة، دون أية روابط فيما بينها، لكنها تخضع لتنسيق من قيادة منظمة حلف شمال الأطلسي (لاند كوم) في ازمير، عبر منظمات غير حكومية "إنسانية".

وترى بنت عزوز إن المسلحين فشلوا في تنظيم أنفسهم بشكل صحيح على النقيض تماما من "داعش" وظلوا يعتمدون على المساعدة التي تقدمها لهم منظمة حلف شمال الأطلسي عبر الحدود التركية، والتي يمكن إغلاقها في وقت قريب، مشيرةً إلى إنه من المحتمل  أن يفر الآلاف وربما عشرات الآلاف من المسلحين قريبا إلى تركيا لزعزعة استقرارها. 

وبينت الأكاديمية التونسية إن المعطيات الجديدة في الخارجية التركية توضح  إن أنقرة بدأت بالفعل بتغيير خطابها، مشيرة إلى اتهام الرئيس أردوغان الولايات المتحدة بمواصلة دعم المسلحين بشكل عام وعلى وجه الخصوص "داعش" ملوحاً بإنه إذا كان قد فعل الشيء نفسه في الماضي فذلك تحت تأثير سيء من واشنطن وتطمح أنقرة من وراء ذلك لكسب المال، من خلال إلزام شركات الأشغال العامة لديها بإعادة إعمار مدينتي حمص وحلب، متسائلةً كيف يمكن أن تتنصل تركيا من مسؤولياتها بعد دفعها مئات الآلاف من السوريين على مغادرة ديارهم، ودعم المسلحين الذين دمروا البلاد وقتل مئات الآلاف من السوريين ونهب شمال سورية بالكامل.

تضيف بنت عزوز إنه في حال تأكد انقلاب الموقف التركي واقعيا خلال الشهور القادمة سيترتب على ذلك سلسلة من النتائج بدءا من حقيقة أن الرئيس اردوغان لن يقدم نفسه بعد الآن كحليف لروسيا فحسب  بل سيعمل جاهدا للتتقرب من حلفاء روسيا المنتصرون يعني المقاومة الاسلامية في لبنان ( حزب الله) والجمهورية الإسلامية في ايران،.

وتتابع الأكاديمية التونسية إنه من الضروري التأكيدعلى إن الصراع المصطنع بين المسلمين الذي أطلقته واشنطن، لن يتوقف إذا لم تتخل المملكة العربية السعودية عنه هي الأخرى و هذا للاسف أمر غير متوقع قريباً نظراً لما تقوم به السعودية اليوم من دور في عرقلة عدة ملفات لتجاهر بالتطبيع مع الكيان الصهيوني رأس الفتنة الاكبر في قلب الامة.

تقول بنت عزوز ينبغي أن نفهم أخيراً أن هذا الانقلاب المذهل في الموقف التركي ناجم عن عدة عوامل أولها إلقاء القبض على ضباط أتراك في مخبأ تحت الأرض تابع لحلف شمال الأطلسي في أحد أحياء حلب الشرقية، وانتهاء بالدور الشخصي لرجب طيب اردوغان خلال الحرب الشيشانية الأولى، وفي اللحظة الفاصلة فضل الرئيس فلاديمير بوتين تحويل أردوغان من عدو إلى حليف بدلا من اسقاطه والدخول في حرب مع الدولة التركية و ربما اكثر من ذلك جعل حلفاءه يقبلون بهذا التغيير بشروط تثبت على ارض الميدان و تكلل بنجاحات و انتصارات لحلف الممانعة لمشروع تدمير سوريا. /انتهى/.