تنعقد في استانة اليوم الاثنين اول مباحثات بين الحكومة السورية وبعض من فصائل المسلحين المحتشدين تحت عنوان المعارضة السورية المسلحة في مسعى البحث عن حل سياسي للازمة التي فرضت على سورية.

وكتب العميد أمين حطيط مقالا للثورة السورية اعتبر فيه أن محادثات استانا ستشكل منطلقا للحل السياسي في سوريا، كما اعتبر أن رفض ايران لحضور الولايات المتحدة يعود لما تشكله الأخيرة من عامل معرقل في هذا التوقيت. وأهم ماء جاء في مقال العميد حطيط  في جريدة الثورة جاء كالتالي:

 اول مباحثات سورية – سورية رغم انه سبقت استانة جولات عدة من المفاوضات او النقاشات جرت في جنيف وتحت رعاية اممية شكلت اميركا ومعسكر العدوان على سورية الجهة المتحكمة بها دعوة ومسارا، فما هو الجديد في مباحثات استانة او ما هو الجديد في المشهد الدولي حتى يجعلنا نبدي اهتماما بهذه المباحثات يختلف عما كان قبلها وبالتالي ما هو المتوقع منها حتى يشكل خروجا عن فشل ما سبقها؟

واجهت سورية مع حلفائها الذين انضمت اليهم روسيا و اثبتت انها قادرة على الدفاع عن نفسها و الثبات على مواقفها مهما كانت التضحيات و مضت سورية في الميدان قدما حتى كان الانتصار الاستراتيجي الكبير في حلب و الذي عد بحق بانه عمل مفصلي قلب المشهد راسا على عقب و منح الفرصة لروسيا لان تأخذ موقع اميركا في رعاية الحركة الدولية الباحثة عن حل سياسي للازمة السورية ، كما انه فرض على أي متحرك على هذا المسار ان يأخذ بالاعتبار ان معسكر الدفاع عن سورية هو المنتصر الذي يستحق ان يهيمن على المسار و ان يكون صاحب راي و قول في وجهته و تفاصيله ، و بهذا المنطق كانت الدعوة  الى مباحثات استانة من قبل روسيا و معها ايران و تركيا، و كان الانتقال العلني للملف الدولي السوري من يد اميركا الراعي و المهيمن و المسيطر الى يد منظومة تتقدمها روسيا العضو في معسكر الدفاع عن سورية المنتصر في الميدان والممتلك زمام المبادرة فيه الى حد بعيد. وبهذا المتغير نفهم التجاذب حول مسالة دعوة اميركا الى استانة، اذ بعد ان كانت اميركا هي التي تحدد من يدعى الى جنيف وتضع الفيتو على حضور إيران انقلبت المواقف وباتت إيران جزء من منظومة من يدعو ومن يضع الفيتو. وهنا يأتي سؤال جديد مضمونه وهل يمكن لحرب كونية تقودها اميركا ضد سورية ومحور والمقاومة ان تنتهي ويتفق على نهايتها في غياب اميركا عن طاولات المفاوضات؟

من البديهي ان نقول ان الحل السياسي للخروج من أي صراع يجب ان يشمل كل مكونات الصراع في الميدان وبالتالي يكون بديهيا أيضا ان تدعى اميركا الى استانة. ولكن لماذا الرفض الإيراني اذا؟

براينا ان ايران تدرك في العمق ان الحل السياسي لا يمكن ان ينفذ او يتم الوصول اليه في غياب اميركا و لكنها تعرف أيضا ان اميركا اليوم ليست في وضع يمكنها من تسهيل الوصول الى حل او تهيئة البيئة الملائمة للبحث عنه و انطلاقا من نظرتها لوظيفة استانة و المباحثات فيها فأنها تبدي الاعتراض على الحضور الأميركي من اجل منع التخريب ولأرسال رسائل محددة لأكثر من طرف   تؤكد على حقائق أولها ان معسكر الدفاع عن سورية هو من يتحكم بالمشهد و الثاني أن اميركا لا وظيفة لها الان في مباحثات محددة الوظيفة حصريا بأمرين تثبيت وقف العمليات القتالية و تهيئة البيئة للانطلاق الدولي العام لإيجاد الحل السياسي في جنيف بعد تصحيح مفاهيم البحث عنه و مقومات هذا الحل . وبالتالي نرى ان الاعتراض الإيراني هو اعتراض على توقيت دخول اميركا وعلى حجم اميركا في المباحثات لاحقا. اما امر وجود اميركا في منظومة دولية ترعى الحل السياسي وتضمن نفاذة فامر كما اعتقد يعرفه ويسلم به الجميع ولكن شتان ما بين من يكون في المحكمة في موقع قاضي الحكم او من يدعى الى الجلسة ليستمع الى الحكم حتى يصبح نافذا بحقه.

وعليه نرى ان استانة التي لا ننتظر منها ان تخرج حلا سياسيا للازمة السورية اليوم فالأمر يلزمه عمل أكثر، ان استانة ستشكل محطة الانطلاق نحو الحل السياسي بعد هزيمة العدوان على سورية، وبعد المتغير السياسي الهام الذي تشهده اميركا باستلام ترامب للسلطة فيها. ترامب الذي ان صدق في وعوده سينقلب على سياسة سلفه وينتقل من محاربة الحكومة السورية بقيادة الرئيس الأسد الى محاربة الإرهاب الذي انتجه واستثمره أوباما. ثم ان ترامب وفقا لما جاء في خطاب التنصيب وعد الاميركيين بما لو التزم به ونفذه فعلا لكان من شانه ان ينكفئ الى الداخل الأميركي ولا ينفق على حروب وتدخلات بعيدا عن حدود اميركا في حين ان الشعب الأميركي أولى بنفقات تلك الحروب.

وبالتالي ان الجديد في مباحثات أستانة انها تنعقد في ظل انتصار مبين لمعسكر الدفاع عن سورية وفي ظل تغيير واضح للقيادة الأميركية التي قادت العدوان على سورية وفي ظل تفكك هذا المعسكر وتشتت اطرافه لذلك يكون للمتابع ان يترقب بعض الإيجابيات من استانة إذا تعقلنت تركيا والفصائل السورية التي ذهبت للمباحثات تحت عنوان معارضة سورية، فان حصل ذلك سيكون هدوء ما يرسي اسسه و كيفية صيانته العسكريون الموجودون بكثافة في عداد الوفود الى استانة اليوم و تفتح الطريق الامن  الى جنيف في ظل بيئة جديدة ومفاهيم قويمة تستند الى ما تمسكت به سورية منذ اللحظة الأولى لدفاعها عن نفسها في وجه العدوان الكوني عليها.