اعتبر أستاذ علم الإجتماع في جامعة ميريلاند الأميركيّة البروفيسور جورج ريتزر أن وصول ترامب إلى البيت الأبيض وتنامي الحركات اليمينيّة في دول عالم تأتي في إطار حركة المد والجزر بين القومية والعولمة.

شكل وصول دونالد ترامب الى البيت الأبيض مع كل مواقفه العدائية على أكثر من جبهة عالميّة، واتخاذه سياسة الإنطواء على الدّاخل الأميركي فيما يسمى ب "أميركا أولا"، حدثا جديدا في تاريخ الادارات الاميركيّة. فترامب يعارض سيطرة البضائع الصينية على السّوق الأميركيّة، كذلك لا يرغب في ايجاد مصانع أميركيّة خارج حدود الولايات المتحدة لأن ذلك يوفر فرص عمل للأجانب في المصانع الأميركيّة. سياسة ترامب بتوطين أميركا وتأميمها بعد أن كانت عالميّة تأتي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ومسير عالمي يتجه نحو بث الشعور الوطنية لدى الشّعوب.وفي هذا المجال أجرت وكالة مهر للأنباء حوارا مع أستاذ علم الإجتماع في جامعة ميريلند الأميركيّة جورج ريتزر الذي ألف كتبا قيما في مجال علم الإجتماع منها "المبادئ النظرية لعلم الإجتماع المعاصر وجذورها الكلاسيكية" و"ماكدونالدية المجتمع" و"العولمة نص الأساس".

الحوار الذي أجرته وكالة مهر للأنباء مع الدكتور ريتزر كان على الشكل التالي:

*كيف ترى العلاقة بين الوطنية والعولمة؟ وهل تشكل الوطنية عائقا أساسيًّا أمام العولمة؟

بطبيعة الحال فإن الأمر معقّد. فعلى سبيل المثال، قد يكون هناك علاقة إيجابية بين الاثنين خصوصا في التوجه العالمي نحو الوطنية التي حدثت إبان الحرب العالمية الأولى والثانية. وقد تسود علاقة سلبية بينهما خصوصا بعد التوجه العالمي بالابتعاد عن القومية والوطنية بعد الحربين العالميتين ونتائجهما المدمرة.نستطيع القول أن الوطنية تشكل عائقا أمام القوميّة، لكن الأعم هو القول أن العلاقة بينهما هي علاقة جدليّة حيث تتبادل الإيجابيات والسلبيات.

*هل تعتبر وصول ترامب إلى البيت الأبيض وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وصعود المعسكر اليميني في أوروبا دليلا على فشل العولمة؟ أم أن ذلك هي ظاهرة مؤقتة؟

كما أردفت في الجواب على السؤال الأول، فإن ذلك عادة ما يكون مؤقتا (والامر المؤقت قد يمتد لسنوات أو ربما عقود)، ولا أعتقد أنها فشلا للعولمة لكنها فترة أخرى للمد والجزر بين الوطنية والعولمة.

*كيف ترى دور الدين في العولمة بالنظر الى الشمولية والعالمية التي تدعو اليها تعاليم المسيحية والإسلام؟ هل يمكننا اعتبار الدين منافسا لها ؟

كلا! فالدين واحد من أهم قوى العولمة تاريخيا وفي الوقت الحاضر. فالمسيحية والاسلام والبوذية واليهودية وغيرهم من الأديان كانت أديان عالمية، وكانت آثارها واسعة النطاق في العالم. أعتقد أنك تقصد العولمة الإقتصادية، لكن من وجهة نظري فإن ما تقصده هو جانب واحد من جوانب العولمة (فالتواصل والحوار الذي يجري معكم الآن هو مثال آخر للعولمة).

*بعض الدول والثقافات تقاوم العولمة وتعتبرها واحدة من الأسباب التي تدمر المجتمعات والتنوع الثقافي في المجتمع، واستعاضوا عن ذلك بالتركيز على القيم والثقافات المحلية. هل تعتبر أن شعور الإنتماء للهوية المحلية والثقافية تقف حاجزا أمام العولمة؟ أو يمكن أن تثري العالم ومفهوم العولمة؟

هذا الشعور يساهم في الاثنين، والانتماء الى الهوية المحلية يشكل عائقا امام الاشكال المختلفة للعولمة وبهذا المعنى يشكل حاجزا امام الاثراء التي تنتج عن العولمة. وعلى المقلب الآخر فالشعور بالهوية المحلية غالبا ما يشكل مصدرا للتنوع الكبير وبالتالي للمظاهر التي بامكانها ان تتعرض للعولمة او تاثرت بها فعلا. وبالطبع ان حصرية قوة الانتماء الى الهوية المحلية قد تحدّ من التنوع العالمي او تلغيها اساساً.

*هل تعني العولمة الاندماج في الهوية الغربية أو الأميركية؟ أو تعتقد في تعدد الأقطاب في العالم كالصين وأوروبا والعالمين الإسلامي والعربي؟

كلا! العولمة لا تعني ذلك الا  أن المشروعين الغربي والأميركي هما من سيطرا على العالم على مدى القرنين الماضيين، ومع بدء انحدار هذين القطبين سنشهد عالما متعدد الأقطاب. فالصين ستصبح قوة عالمية، خصوصا في المجال الإقتصادي خلال السنوات القليلة المقبلة.وأوروبا هي جزء من الغرب لكن تأثيرها المستقل على العولمة يتراجع مع تزايد مشاكل الاتحاد الاوروبي. أما الاسلام فكان قوة فاعلة منذ التاريخ إلى الآن، لكن للأسف تم تقييده بحجة ربط بعض المسلمين في الغرب بالحركة الراديكالية والإرهاب.

أجرى الحوار: محمد مظهري

اقرأ الحوار باللغة الانجليزية