اجرت وكالة مهر للأنباء حوارا مع رئيس تحرير جريدة الثورة في سوريا علي قاسم، بشأن سياسات الادارة الامريكية الجديدة وتداعيات قرارات الرئيس الجديد دونالد ترامب على العالم الاسلامي. وفيما يلي نص الحوار:
*كيف ترى تداعيات قرار ترامب لمنع دخول موطني سبع دول اسلامية الى امريكا؟ ما هي اهداف هذا القرار؟
النقطة الأولى هي ان ترامب يتفنن في خلط الاوراق وواحدة من الاعيب خلط الاوراق هي هذا القرار الذي يشكل حالة امتيازية وانتقائية التي تعكس حالة عدائية وشيء من العنصرية. فكما يزعم ترامب ان الهدف من هذا القرار منع دخول مجموعة من المتطرفين لامريكا ، لكان نرى انه لايشمل مواطني السعودية ومواطني الكثير من الدول والذين شاركوا في عمليات ارهابية في داخل الولايات المتحدة ومن ابرز هذه العمليات ، احداث الحادي عشر من ايلول.
المشكل تكمن في ان هذه الحالة ربما تشكل عنوانا جديدا لسياسة امريكية لاتقتصر فقط على افتعال المعارك او محاولة ما يسمى بأمركة القضايا الأمركية بحيث ان تكون المسائل الداخلية هي الاهم ، ففي قناعتي انه يحاول ان يؤمرك العالم بطريقة جديدة ربما تشبه طريقة وصوله الى الرئاسة في البيت الابيض. هناك بعض الانتقادات على ان الكثير من الدول العربية والاسلامية لم يسفر عنها ردة فعل على هذه القضية ، لأن هناك ليس فقط تطرف في المسألة بل هناك نوع من الفعل الدوني في هذه الانتقائية. لانه حسب ما تطرق اليه ترامب ، انه لم يمنع مواطنين بعض الدول العربية و المسلمة لاسيما مواطنين الدول الخليج الفارسي من الدخول لأمريكا لأنهم يصرفون الكثير من الاموال في الولايات المتحدة الامريكية وهو لايريد ان يخسر هذه الاموال. فهذه الحالة من الديماغوجية الرخيصة التي يمارسها الرئيس الامريكي بطريقته ، ستثير المتاعب للامريكيين وادارته.
النقطة الثانية هي ان مشكلة ترامب ليست فقط عدم خبرته في السياسة انما في قضايا اخرى ايضا. وعندما طلب منه الرئيس روحاني ان يتعلم لأنه يحتاج الى كثير من التعلم ليصبح سياسيا ، يبدو ان هذا الامر صحيح ودقيق. بمعنى اخر ان خبرته في هذه المسألة تنطلق من اختبارات شخصية و يحاول ان يجير السياسة الامريكية لتكون شركة اكثر من ما هي دولة.
*هل تعتقد ان سياسة ترامب تجاه سوريا ستختلف عن سياسة الادارة السابقة؟ هل تعتزم امريكا مكافحة الارهاب بشكل جاد؟
نظرا الى المعطيات التي وصلت لهذه اللحظة من الصعب اصدار حكما في هذا الشأن . ترامب يتحدث عن مكافحة الارهاب ولكن في الوقت نفسه لديه تصريحات مناهضة لذلك ، في سبيل المثال عندما طرح مسألة المناطق الامنة في سوريا فإنه لايدري ما هي ابعادها وتداعياتها الخطيرة. تحدث ترامب ولكن الحديث لايكفي ونحتاج الى ممارسات وافعال على الارض. هذه الافعال حتى هذه اللحظة مؤجلة ، لذلك برأيي نحن نحتاج الى ايام او اسابيع اوحتى اشهر كي تتوضح معالم السياسة الامريكية تجاه الارهاب. امريكا برأيي هي امريكا ذاتها ولا يمكن ان تتغير حتي لو تغير الرئيس. في نهاية المطاف هذه هي امريكا التي تعبِّر عن مطامعها اكثر من ما تعبِّر عن اي شيء آخر والارهاب هو احدى الادوات التي استخدمتها لتحقيق اطماعها وهنا تكمن الخطورة الاساسية. شاهدنا ان ترامب صرح بأن داعش و غير داعش لا ينفع امريكا لتحقيق مطامعها فبرأيي ذلك لن يستمر في ذلك.
*كيف ترى علاقات امريكا مع العالم الاسلامي في عهد الرئيس السابق باراك اوباما؟ وهل تعتقد ان هذه العلاقات تتجه نحو المزيد من التوتر بعهد الرئيس الجديد؟
برأيي ان علاقة امريكا ستتوتر مع كل دول العالم وليس فقط مع دول العالم العربي والاسلامي لانه يميل الي التوتر وماجرى مع المكسيك لسبيل المثل هو نموذج قد يتحرك في نفس الاتجاه ولكنه قال صراحتا بانه ينظر الى بعض الدول ولاسيما دول الخليج الفارسي على انها بقرة حلوب وعندما ينهي تأريخ عندما جف حليبها سيذبحها. صحيح ان الادارة امريكية السابقة قد قدمت حلاوة من اللسان ولكنها كانت تلدغ كالعقرب من ناحية اخرى خاصة عندما اعطى بعض الدول الاقليمية ادوارا اكثر من طاقتها وحجمها وبمعنى انه ادار الحرب ضد المسلمين وضد الدول العربية عبر وكلاء رضوا ان يكونوا اداة امريكية ، فإن هذه الادارة الجديدة لاتبدوا انها اقل سوء من سابقتها ، نحن امام سونامي جديد ، ليس بوصول ترامب بل مع التداعيات الناجمة من وصوله لان هناك الكثير من العواقب والانعكاسات الخطيرة على العلاقة المتشنجة التي يبدو انها ستربط امريكا بكثير من الدول و من بينها الدول الاسلامية و العربية.
*اساسا ما هي مشكلة الغرب مع العالم الاسلامي؟ ولماذا نشاهد هذا الحجم من الاسلاموفوبيا في الغرب؟
يجب ان نرجع الى عهدين ونصف الى الوراء عندما انهار الاتحاد السوفيتي كان لابد من اختراع عدو وهذا العدو كان الاسلام والدول الاسلامية لتكون عدوا للغرب والعدو المفترض للحلف الاطلسي تحديدا. عندما سقط حلف "وارسو" كان لابد من خلق ما يبرر استمراره و بقائه ، بالتالي خلقوا مجموعة من التحديات والاعداء افتراضيين وفي مقدمتهم كان الاسلام والدول الاسلامية التي حاولت ان تقدم نفسها كدولة ذات مشروع حضاري متقدم مثل ايران. فانهم لايريدون لهذه الدول وهذه المنطقة ان تكون متقدمة وحضارية وتمتلك تقنيات العلم والتكنولوجيا وهذا الشيء تم العمل عليه في مراكز البحوث ووسائل الاعلام وهناك احتكارات متعددة لعبت هذا الدور. وهذه المسألة تحتاج لشرح طويل لأنها مسألة جذرية امتدت لسنوات طويلة . مازال العقل الغربي يعتقد بأنه متفوق ويريد ان يمارس هذا الشيء على الارض و لا يستطيع ان يتخيل انه من الممكن لدولة اسلامية ان تقدم شيئا جديدا دون ان يكونوا على اطلاع بذلك.
*ما هي كواليس تفشي المجموعات التكفيرية في المنطقة؟ ولماذا يحاولون تشويه صورة الاسلام والمسلمين في العالم ؟
كما ندرك تماما ان الحملة على حركات المقاومة تحديدا ، انطلقت منذ عقدين من الزمن ولم تنفع برغم كل المحاولات لتشويه صورتها ، كان لابد من خيار اخر وكان هذا الخيار ، تقديم نموذج اخر وهما التطرف والتكفير وحاولوا ان يضعوا هذا بكفة وذلك بكفة وفي بعض الاحيان حاولوا ان يضعوه في كفة واحدة. لذلك انهم ربوا وانشأوا ومولوا هذه التنظيمات الارهابية والتكفيرية لكي يشوهو صورة الاسلام والحركات الاسلامية التي نسميها المقاومة التي عجزوا من النيل منها وفي ذاكرتنا الكثير من المحاولات في هذه المسألة ، فلم تكن عدوان تموز على لبنان في عام 2006 او العدوان في غزة بعيدة عن هذه المحاولة ، كانوا يحاولون بشتى الطرق فرض المضايغات والحصار وغيره ولكنهم عجزوا عن تشويه هذه الصورة فحاولوا ان يخلقوا مستقبلا اخر بطريقة اخرى لكي يضعوا الجميع في سلة واحدة ويقولوا هذا هو الاسلام المتطرف. ففي نهاية المطاف اقول ان في الغرب و في قناعتهم لاينظرون للاسلام الي على انه تابع و بالتالى انه العدوا المفترض و ليبقى الغرب على قدرته و على تسليحه و الكل يدرك ان الشركات السلاح الغربية كم استفادت من صفقات تحت عناوين التخويف من الاسلام وحتى الدول الاسلامية بين بعضها وهذا الامر ايضا يحتاج الى شرح طويل./انتهى/
أجرى الحوار: محمد مظهري