وحيا الامام الخامنئي في افتتاح المؤتمر السادس لدعم الانتفاضة الفلسطينية اليوم الثلاثاء في طهران شهداء الانتفضة الفلسطينية.
وفيما نص الكلمة التي القاها سماحة قائد الثورة الاسلامية في افتتاح المؤتمر:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلوات وتحياته علي سيد الانام محمد المصطفى، وآله الطيبين وصحبه المنتجبين
قال الله الحكيم في كتابه المبين:
'ولا تهنوا وتدعوا الى السلم وانتم الاعلون والله معكم ولن يتركم اعمالكم'.
في البداية أرى لزاماً على ان ارحب بكم جميعاً أيها الضيوف الاعزة، رؤساء المجالس المحترمين، وقادة مختلف الجماعات الفلسطينية ، واصحاب الفكر والوعي والشخصيات البارزة في العالم الاسلامي، وسائر الشخصيات التحررية، وان احيى حضوركم في هذا الملتقى القيم.
ان قصة فلسطين المكتظة بالغصص والحزن الممضّ لمظلومية هذا الشعب الصابر المثابر المقاوم، لتؤلم بحق، اي انسان تائق الى الحرية والحق والعدالة، وتملأ قلبه بالاسى الكبير، ان تاريخ فلسطين زاخر بالمنعطفات والاحداث في ظل احتلالها الظالم وتشريد الملايين من ابنائها والمقاومة الباسلة التي سطرها هذا الشعب البطل.
وان بحثاً واعياً في التاريخ يبين انه لم يواجه شعب من شعوب العالم في اي فترة من فترات التاريخ مثل هذه المحنة والمعاناة والممارسات الظالمة، بان يتعرض بلد بأكمله للاحتلال بفعل مؤامرة تتجاوز حدود المنطقة، ويشرّد شعب من دياره وأرضه، لتحلّ محله جماعة أخرى تأتي من مناطق شتى من العالم، مما يشكل تجاهلا لوجود حقيقي مع احلال وجود زائف محله. بيد ان هذه تمثل صفحة ملوثة من صفحات التاريخ التي ستطوي كغيرها من الصفحات الملوثة بإذن الله تعالى وعونه، فقد قال تعالي: 'ان الباطل كان زهوقاً'، وقال: 'ان الارض يرثها عبادي الصالحون'
اقيم مؤتمركم هذا في ظرف هو من أصعب الظروف العالمية والاقليمية. ان منطقتنا التي طالما كانت دعامة لشعب فلسطين في كفاحه ضد مؤامرة عالمية، تعيش هذه الايام اضطرابات وأزمات متعددة. لقد أدت الازمات التي تعيشها عدة بلدان اسلامية في المنطقة الي تهميش موضوع دعم القضية الفلسطينية والهدف المقدس في تحرير القدس الشريف. ان التفطن لنتيجة هذه الازمات يجعلنا ندرك من هي القوى التي تربح منها، الذين أوجدوا الكيان الاسرائيلي في هذه المنطقة ليستطيعوا عن طريق فرض صراع طويل الامد ان يحولوا دون استقرار المنطقة وتقدمها، يقفون اليوم ايضاً وراء الفتن القائمة، الفتن التي أدت الى استنزاف طاقات شعوب المنطقة في نزاعات عبثية كي تحبط مساعي بعضها البعض، مما يوفر الفرصة لزيادة قوة الكيان الاسرائيلي الغاصب أكثر فأكثر بعدما اصيب الجميع بالفشل.
كما اننا نشهد مساعي الخيرين والعقلاء والحكماء في الامة الاسلامية الذين يسعون باخلاص لحل هذه النزاعات. ولكن المؤسف ان مؤامرات الاعداء المعقدة نجحت، من خلال استغلال غفلة بعض الحكومات، في فرض حروب داخلية على الشعوب، وتحريضها ضد بعضها البعض مما يقلل من تأثير مساعي هؤلاء الخيرين للامة الاسلامية.
الشيء الخطير في هذه الغمرة هو محاولات اضعاف مكانة القضية الفلسطينية والسعي لاخراجها من دائرة الاولوية.
على الرغم مما يوجد بين البلدان الاسلامية من خلافات يكون بعضها طبيعية، وبعضها نتيجة لمؤامرات الاعداء، وبعضها ناجم عن الغفلة، الا ان فلسطين لا زالت تمثل عنوانا من شأنه ان يكون –ويجب ان يكون- محورا لوحدة كل البلدان الاسلامية.
ان من مكتسبات هذا الملتقى الكريم هو طرح ما يمثل الاولوية الاولى للعالم الاسلامي ولطلاب الحرية في العالم، ألا وهو موضوع فلسطين، وتوفير أجواء التعاطف لتحقيق الهدف السامي المتمثل في دعم شعب فلسطين وكفاحه المطالب بالحق والعدالة. يجب ألا تهمل أبداً اهمية الدعم السياسي لشعب فلسطين وهذا ما يتمتع اليوم بأهمية خاصة في العالم.
ان الشعوب المسلمة والمتحررة – علي اختلاف مسالكهم واتجاهاتهم – يستطيعون ان يجتمعوا حول هدف واحد هو فلسطين وضرورة السعي لتحريرها.
بعد ظهور علامات أفول الكيان الاسرائيلي وضعف حلفائه الاصليين وخصوصاً الولايات المتحدة الاميركية، يلاحظ ان الاجواء العالمية تتجه شيئاً فشيئاً نحو التصدي لممارسات الكيان الاسرائيلي العدائية واللاقانونية واللاانسانية، ولا شك ان المجتمع العالمي وبلدان المنطقة لم تستطع لحد الآن ان تعمل يمسؤولياتها تجاه هذه القضية الانسانية.
لايزال القمع الوحشي للشعب الفلسطيني مستمراً، وكذلك الكثير من المظالم الاخرى التي ترتكب ضده من قبيل الاعتقالات الواسعة النطاق وعمليات القتل والنهب، واغتصاب أراضيه وبناء المستوطنات فيها والسعي لتغيير ملامح وهوية مدينة القدس الشريف والمسجد الاقصي وسائر الاماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية فيها، وسلب الحقوق الاساسية للمواطنين. وهي ممارسات تحظى بدعم شامل من قبل الولايات المتحدة الاميركية وبعض الحكومات الغربية، وللاسف لا تواجه ردود فعل عالمية مناسبة.
ان الشعب الفلسطيني يفتخر بأن منّ الله تعالى عليه وحمّله رسالة عظيمة تتمثل في الدفاع عن هذه الارض المقدسة والمسجد الاقصى. ولا سبيل أمام هذا الشعب سوى الحفاظ على مشعل الكفاح وهاجاً بالاتكال على الله تعالى والاعتماد على قدراته الذاتية، وهذا ما قام به لحد الآن والحق يقال.
الانتفاضة التي انطلقت اليوم في الاراضي المحتلة للمرة الثالثة لهي مظلومة أكثر من الانتفاضتين السابقتين، لكنها تسير متألقة ومفعمة بالأمل، وسترون بأذن الله ان هذه الانتفاضة ستسجل مرحلة مهمة جداً من تاريخ الكفاح وتفرض هزيمة اخرى على الكيان الغاصب.
ان هذه الغدة السرطانية نمت منذ البداية على شكل مراحل الى ان تحولت الى البلاء الحالي، وينبغي ان يكون علاجها ايضاً على شكل مراحل حيث استطاعت عدة انتفاضات ومقاومات متتابعة ومستمرة تحقيق اهداف مرحلية مهمة جداً، وان تسير الى الامام مزمجرة نحو تحقيق باقي أهدافها الى حين تحرير كامل تراب فلسطين.
ان الشعب الفلسطيني الكبير الذي يتحمل بمفرده الاعباء الثقيلة لمواجهة الصهيونية العالمية وحماتها العتاة، منح الفرصة –صابراً محتسباً، ولكن قوياً صامداً- لكل الادعياء ليختبروا ادعاءاتهم ويجربوها.
يوم طرحت مشاريع الاستسلام بشكل جاد تحت طائلة الزعم الباطل الذي يدعو الى الموضوعية وضرورة قبول الحد الادنى من الحقوق للحؤول دون تضييعها، منح الشعب الفلسطيني، وحتى كل التيارات التي كان قد ثبت لديها مسبقاً عدم صحة هذه الرؤية، الفرصة لها.
طبعاً أكدت الجمهورية الاسلامية في ايران منذ البداية على خطأ هذا النوع من الاساليب الاستسلامية ونبهت الي آثارها الضارة وخسائرها الجسيمة.
ان الفرصة التي منحت لمسيرة الاستسلام كان لها آثار مخربة على مسار مقاومة الشعب الفلسطيني وكفاحه، بيد ان فائدتها الوحيدة هي اثبات عدم صحة فكرة 'الموضوعية' هذه علي الصعيد العملي. بل ان طريقة ظهور الكيان الاسرائيلي كانت بالشكل الذي لا يمكنه معها ان يكف عن نزعته التوسعية وقمعه وسحقه لحقوق الفلسطينيين، لان وجوده وهويته رهن بالقضاء التدريجي علي هوية فلسطين ووجودها، ذلك ان الوجود غير الشرعي للكيان الاسرائيلي لا يمكنه الاستمرار الا على انقاض هوية فلسطين ووجودها.
ولهذا فان الحفظ على الهوية الفلسطينية وحماية كل ملامح وعلامات هذه الهوية الحقيقية الطبيعية كان أمراً واجباً وضرورياً وجهاداً مقدساً.
وطالما يبقى عالياً صامداً اسم فلسطين وذكر فلسطين والمشعل الوضاء لمقاومة هذا الشعب الشاملة، فلن يكون من الممكن لأركان الكيان المحتل ان تتعزز.
مشكلة مشروع الاستسلام لا تقتصر على انه بتنازله عن حق شعب، يمنح الشرعية للكيان الغاصب، وان كان هذا بحد ذاته خطأ كبيرا لا يغتفر، انما المشكلة في انه لا يتلاءم اطلاقا مع الظروف الحالية لقضية فلسطين، ولا يأخذ بنظر الاعتبار النزاعات التوسعية والقمعية والجشعة للصهاينة. على ان هذا الشعب اغتنم الفرصة واستطاع اثبات خطأ مزاعم دعاة الاستسلام، وبالتالي فقد حصل على نوع من الاجماع الوطني بخصوص الاساليب الصحيحة للكفاح من اجل استعادة الحقوق المشروع لشعب فلسطين.
والآن فان الشعب الفلسطيني قد جرب طوال العقود الثلاثة الماضية نموذجين متباينين وادرك مدى ملاءمة كل منهما لظروفه. فهناك مقابل مشروع الاستسلام نموذج المقاومة البطولية المستمرة للانتفاضة المقدسة الذي أتى بمكتسبات عظيمة لهذا الشعب. وليس من دون سبب ان تقوم جهات مفضوحة اليوم بمهاجمة المقاومة او اثارة الشكوك حول الانتفاضة، اذ لا يتوقع من العدو غير هذا، لانه يعلم علما تاما بصحة هذا الدرب وجدواه.
ولكن نشاهد احياناً بعض التيارات وحتى البلدان التي تدعي في الظاهر مواكبة القضية الفلسطينية ولكنها تريد في الحقيقة حرف المسار الصحيح لهذا الشعب، نشاهدها هي الاخرى تهاجم المقاومة. ذريعة هؤلاء هي ان المقاومة لم تستطع بعد عقود من عمرها تحقيق تحرير فلسطين، وبناء على ذلك فان هذا الاسلوب بحاجة الى اعادة نظر ، وينبغي القول في معرض الرد: صحيح ان المقاومة لم تستطع بعد الوصول الى هدفها الغائي اي تحرير كل فلسطين، بيد ان المقاومة استطاعت ابقاء قضية فلسطين حية.
لنتصور انه لو تكن هناك مقاومة فما كانت الظروف التي كنا نعيشها اليوم؟ أهم مكتسبات المقاومة ايجاد عقبة اساسية امام المشاريع الصهيونية. لقد تمثل نجاح المقاومة في فرض حرب استنزافية علي العدو، بمعنى انها استطاعت افشال الخطة الاصلية للكيان الاسرائيلي وهي السيطرة على كل المنطقة.
وفي هذا السياق ينبغي بحق تكريم مبدأ المقاومة والابطال الذين بادروا الى المقاومة خلال فترات مختلفة ومنذ بداية تطبيق مسرحية تأسيس الكيان الاسرائيلي، ومن خلال تقديم ارواحهم حافظوا على راية المقاومة عالية خفاقة، ونقلوها من جيل الي جيل.
ولا يخفى على احد دور المقاومة خلال الفترات التي اعقبت الاحتلال، ومن المتيقن منه انه لا يمكن تجاهل دور المقاومة حتى في الانتصار الذي تحقق في حربم عام 1973 وان كان انتصاراً بسيطاً.
ومنذ عام 1982 ألقيت اعباء المقاومة عملياً علي عاتق الشعب في داخل فلسطين، الا ان المقاومة الاسلامية في لبنان –حزب الله- ظهرت هي الاخرى لتكون عوناً للفلسطينيين في دربهم الكفاحي. لو لم تكن المقاومة قد شلت الكيان الاسرائيلي لشهدنا اليوم تطاوله مرة اخرى على اراضي المنطقة ابتداء من مصر الى الاردن والعراق والخليج الفارسي وغير ذلك.
نعم، هذا مكسب مهم جداً، بيد انه ليس المكسب الوحيد للمقاومة، فتحرير جنوب لبنان وتحرير غزة يعدان هدفين مرحلتين مهمتين في سياق تحرير فلسطين استطاعا تغيير مسار التوسع الجغرافي للكيان الاسرائيلي الى العكس.
منذ بدايات عقد الستينيات هجري شمسي المصادف للثمانينيات من القرن العشرين الميلادي فصاعدا لم يعد الكيان الاسرائيلي قادرا على التطاول على ارض جديدة، وليس هذا وحسب بل وبدأ تراجعه بالخروج الذليل من جنوب لبنان، واستمر بخروج ذلك آخر من غزة. ولا احد يستطيع انكار الدور الاساسي والحاسم للمقاومة في الانتفاضة الاولى .
وقد كان دور المقاومة في الانتفاضة الثانية ايضاً اساسيا وبارزا، تلك الانتفاضة التي اجبرت الكيان الاسرائيلي في نهاية على الخروج من غزة.
كما ان حرب الثلاثة وثلاثين يوما في لبنان، وحرب الاثنين وعشرين يوما، وحرب الثمانية ايام، وحرب الواحد وخمسين يوما في غزة، كلها صفحات مشرقة في ملف المقاومة تبعث على فخر واعتزاز كل شعوب المنطقة والعالم الاسلامي وكل انسان تائق الي الحرية في ارجاء المعمورة.
في حرب الثلاثة والثلاثين يوماً تم عملياً اغلاق كل طرق امداد الشعب اللبناني والمقاومة البطلة في حزب الله، ولكن بعون من الله وبالاعتماد على الطاقة الهائل لشعب لبنان المقاوم تكبد الكيان الاسرائيلي وحاميه الاساسي أعني الولايات المتحدة الاميكرية، هزيمة فاضحة بحين لن يتجرأ بعدها بسهولة على الهجوم على تلك الديار.
والمقاومات المتتابعة في غزة التي تحولت الآن الي حصن منيع للمقاومة، اثبتت عبر عدة حروب متلاحقة ان هذا الكيان أضعب من ان يستطيع الصمود أمام ارادة شعب. البطل الاصلي في حروب غزة هو الشعب الباسل المقاوم الذي لا يزال يدافع عن هذا الحصن بالاعتماد على قوة الايمان علي الرغم من تحمله الحصار الاقتصادي لعدة سنين.
ومن الجدير ان يقدر عالياً كل جماعات المقاومة الفلسطينية مثل سرايا القدس من حركة الجهاد الاسلامي، وكتائب عز الدين القسام من حماس، وكتائب شهداء الاقصى من فتح، وكتائب أبي علي مصطفى من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي كان لها جميعاً دور قيم في هذه الحروب.
يها الضيوف الكرام!
ينبغي عدم الغفلة ابداً عن الاخطار الناجمة عن وجود الكيان الاسرائيلي، وذلك يجب ان تتوفر المقاومة على جميع الادوات اللازمة لمواصلة مهامها.
وفي هذا المسار، من واجب كل الشعوب والحكومات في المنطقة وجميع طلاب الحرية في العالم تأمين الاحتياجات الاساسية لهذا الشعب المقاوم، فالارضية الاساسية للمقاومة هي صمود وثبات الشعب الفلسطيني الذي ربى بنفسه ابناءه الغيارى المقاومين. تأمين احتياجات شعب فلسطين والمقاومة الفلسطينية واجب مهم وحيوي ينبغي على الجميع العمل.
وفي هذا السياق يجب عدم الغفلة عن الاحتياجات الاساسية للمقاومة في الضفة الغربية التي تتحمل الان العبء الاصلي للانتفاضة المظلومة. وعلى المقاومة الفلسطينية ان تعتبر من ماضيها، وتنتبه الى نقطة مهمة هي ان المقاومة وفلسطين أسمى واهم من ان تنشغل هذه المقاومة بالخلافات التي تحدث بين البلدان الاسلامية والعربية، او بالخلافات الداخلية للبلدان، او الخلافات الاثنية والطائفية.
على الفلسطينيين وخصوصا الجماعات المقاومة ان تعرف قد مكانتها القيمة ولا تنشغل بهذه الخلافات.
من واجب البلدان الاسلامية والعربية وكل التيارات الاسلامية والوطنية ان تعمل لخدمة القضية الفلسطينية واهدافه. فدعم المقاومة واجبنا جميعا وليس من حق احد ان يتوقع منهم توقعات خاصة مقابل المساعدات.
نعم، الشرط الوحيد للمساعدة هو ان تصب هذه المساعدات باتجاه تعزيز قدرة الشعب الفلسطيني والمقاومة. الالتزام بفكرة الصمود بوجه العدو والمقاومة بكل ابعادها، يضمن استمرار هذه المساعدات.
ان موقفنا تجاه المقاومة موقف مبدئي ولا علاقة له بجماعة معينة، أي جماعة تصمد في هذا الدرب فنحن نواكبها، واي جماعة تخرج عن هذا المسار ستبتعد عنا. وان عمق علاقتنا بجماعات المقاومة الاسلامية ولا يرتبط الا بدرجة التزامهم بمدأ المقاومة.
النقطة الاخرى التي ينبغي الاشارة لها هو الاختلافات بين الجماعات الفلسطينية المتعددة، فاختلاف التطورات بسبب تنوع الاذواق بين المجاميع حالة طبيعية ويمكن تفهمها، واذا بقيت عند هذه الحدود فقد تؤدي حتى الى التآزر والتكامل واثراء كفاح الشعب الفلسطيني أكثر.
بيد ان المشكلة تبدأ عندما تتحول هذه الاختلافات الى نزاع و –لا سمح الله- الى اشتباك، وفي هذه الحالة سوف تحبط التيارات المتنوعة قدرات بعضها البعض وتسير عملياً في طريق يريده عدوها المشترك.
ان ادارة الخلافات والتباين في التصورات والاذواق فن ينبغي على كل التيارات الاصلية استخدامه، وان تنظم خططها الكفاحية المختلفة بحيث لا تضغط الا على العدو، وتؤدي الى تقوية العمل الكفاحي.
ان الوحدة الوطنية على اساس الخطة الجهادية ضرورة وطنية لفلسطين يتوقع من كل التيارات المختلفة السعي لتحقيقها من اجل العمل وفق ارادة كل الشعب الفلسطيني.
وتواجه المقاومة هذه الايام مؤامرة اخرى تتمثل في مساعي المتلبسين بثياب الاصدقاء الرامية الى حرف مسار المقامة وانتفاضة الشعب الفلسطيني، ليستفيدوا من ذلك في صفقاتهم السرية مع اعداء الشعب الفلسطيني. والمقاومة أذكى من ان تقع في هذا الفخ، خصوصا وان الشعب الفلسطيني هو القائد الحقيقي للكفاح والمقاومة، والتجارب الماضية تدل على ان هذا الشعب بوعيه الدقيق للظروف يحول دون مثل هذه الانحرافات، واذا ما سقط –لا سمح الله- تيار من تيارات المقاومة في هذا الفخ فان هذا الشعب قادر، كما كان في الماضي، على اعادة انتاج مستلزماته.
اذا ألقت جماعة راية المقاومة ارضاً فمن المتيقن منه ان جماعة اخرى ستظهر من صميم الشعب الفلسطيني لترفع هذه الراية عالياً.
لا ريب في انكم ايها الحضور المحترمون سوف تتطرقون في هذا الملتقى لفلسطين فقط، فلسطين التي شهدت في الاعوام الاخيرة للاسف حالات تقصير في الاهتمام اللازم والضروري بها. ولا مراء في ان الازمات القائمة في مواطن مختلفة من المنطقة وداخل الامة الاسلامية جديرة بالاهتمام، بيد ان الباعث على عقد هذا الاجتماع هو قضية فلسطين.
ويمكن لهذا الملتقى ان يكون بحد ذاته نموذجاً يقتدى به ليستطيع كل المسلمين وشعوب المنطقة تدريجياً بالاعتماد على المشتركات فيما بينهم احتواء الخلافات، وان يعملوا –من خلال حل كل تلك الخلافات واحدا واحدا- على تعزيز الامة المحمدية أكثر فاكثر.
وفي النهاية أرى من الضروري ان أتقدم مرة اخرى بالشكر لكم جميعاً ايها الضيوف الاجلاء على مشاركتكم القيمة هذه.
كما أشكر رئيس مجلس الشورى الاسلامي المحترم وزملاءه في الولاية العاشرة للمجلس على الجهود التي بذلوها من اجل اقامة هذا المؤتمر. واسال الله المنان ان يوفقكم جميعا لخدمة قضية فلسطين باعتبارها القضية الاهم في العالم الاسلامي ومحور وحدة كل المسلمين والاحرار في العالم.
سلام الله ورحمته على الارواح الطاهرة لكل شهداء الاسلام، وخصوصا الشهداء العظام الذين قدمتهم المقاومة في مواجهتها للكيان الاسرائيلي، والتحية كذلك لكل الجنود الصادقين في جبهة المقاومة، ونبعث التحية ايضاً الى الروح الطاهرة لمؤسس الجمهورية الاسلامية الذي بذل أكبر الاهتمام بقضية فلسطين. ونتمنى لكم التوفيق والانتصار..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.