وأشار محمد عبد الفضيل عبد الرحيم في حوار خاص لوكالة مهر للأنباء أنّ "مرصد مكافحة التطرّف" في الأزهر يقوم بإعداد ونشر العديد من التقارير والمقالات التحليلية الهادفة إلى تحصين الشباب المسلم من استقطاب الجماعات الإرهابية، ومن أبرز هذه التقارير حتى الآن ما نشره المرصد حول "وسائل داعش في استقطاب الشباب" حيث تناول فيه وسائل الاستقطاب والتجنيد التي تختلف من بلد لآخر حيث تصدرت الإعلام هذه الوسائل، وأضاف:"أعدَّ المرصد في نفس السياق تقريرًا متميّزًا بعنوان "العائدون من داعش" قامت بوابة الأهرام بإعادة نشره على ثلاثة أجزاء، حيث عرض المرصد فيه لقضية العائدين من داعش والذين أدلوا بشهاداتٍ يراها المرصد غاية في الأهمية حيث تساهم بشكل مباشر في التعرف على التنظيم من الداخل".
وأردف أن المرصد أعدّ كذلك تقريراً مفصّلاً على صفحة المرصد على البوابة الإلكترونية للأزهر حول "تهديدات داعش لدول العالم"، كما نشر مقالاً تحليلياً بعنوان: "صناعة الرعب عند تتار العصر" عرض فيه رؤيته لهذه الجماعة الإرهابية وتهديداتها.
واضاف أنّ المرصد نشر أيضاً تقريرًا حول "استراتيجية داعش في ليبيا في ظلّ المعطيات الدولية والإقليمية"، وآخرًا عن "بوكو حرام -التنظيم الأكثر دموية" وعن "حركة الشباب الصومالية"، هذا بجانب المقالات التالية: "هل يبدأ حقًا التطرف من الإنترنت؟"، "اللغة أم وسائل التواصل الاجتماعي: من المتهم في ترويج الخطاب الداعشي؟" "بوكو حرام تجدّد دماءها بمقاتلين من النساء والأطفال"، "مرصد الأزهر يحذر من استخدام داعش لآلاف الأطفال كدروع بشرية في الموصل"، "منصّات التواصل الاجتماعي بين الواقع والتصريحات المعلنة"، "النساء أحدث أسلحة الجماعات الإرهابية"، "صرخة تحذير، أنقذوا المستقبل، أنقذوا الأطفال"، "الشرطة الألمانية تحذّر من هجمات إرهابية محتملة بالمواد الكيميائية"، "الالتزام الديني ومعاداة التطرف الفكري"، " سرابُ الإرهابِ."
وتابع أنّ مرصد الأزهر قام بتتبّع وتحليل وتفنيد الإصدارات المرئية التي صدرت عن الجماعات المتطرفة وفي مقدمتها، الإصدار الذي نشرته حركة حسم الإرهابية، والإصدار الذي نشره داعش عن عملية الكنيسة البطرسية، وقام المرصد بنشر بيانات وتقارير تفنّد هذه الإصدارات واعتبر أنّ حركة حسم تمثل أبشع وجوه الإرهاب، والفيديو محاولة بائسة لتشويه نجاحات أجهزة الأمن المصرية.
وكتب مرصد الأزهر تعليقًا على الإصدار المرئي لتنظيم داعش الإرهابي: "يحاول أن يبعث برسالة مضلّلة أنه لا يزال موجودًا بعد الضربات الموجعة التي تعرض لها، اللعب على وتر الفتنة الطائفية حيلة جديدة للتنظيم بعد أن بات زواله وشيكًا، الشعب المصري يعي جيدًا المخططات الشيطانية التي تقف وراءها الجماعات الإرهابية".
المنسق العام للمرصد أفاد عن نشر إحصائية شهرية عن أنشطة الجماعات الإرهابية في عدد من الدول، وإحصائية لعدد الضحايا والمصابين نتيجة هذه الأعمال الإرهابية، وكذلك الضحايا في صفوف هذه الجماعات.
وتابع عبد الفضيل عبد الرحيم انّ المرصد إلى جانب تلك النماذج من التقارير يقوم ببث رسائل قصيرة على مواقع التواصل الاجتماعي لتصحيح المفاهيم المغلوطة التي تستخدمها الجماعات المتطرّفة، حيث يستخدم أقوالا مشهورة أو مأثورة عن علماء الأزهر وفي مقدمتهم الإمام الأكبر شيخ الأزهر، تدعوا لنشر السلام وترسيخ قيَم الرحمة والتسامح، ونشر الردود الدينية التي تكتبها اللجنة الشرعية العاملة بالمرصد ردًا على مغالطات داعش وآرائها المنحرفة وقراءتها المغلوطة لكثير من تعاليم الدين، وأخيرًا يقوم المرصد بعمل حملات إعلامية على صفحته بثمان لغات، يستهدف من خلالها تحصين الشباب المسلم من خطر الاستقطاب الإرهابي، حيث قام المرصد في هذا السياق بإطلاق حملة "يدعون ونصحّح" وحملة "مفهوم الجهاد"، اللتان لقيتا صدى إعلامي جيد وردود فعل إيجابية.
وشرح الدكتور عبد الفضيل عن جملة "يدعون ونصحّح أنّها تأتي في إطار التصدّي للأفكار المغلوطة عن الإسلام والمسلمين، وللرد على ما ينشره المتربّصون بالإسلام ولمواجهة الآراء المتطرفة؛ "أطلق مرصد الأزهر، حملة إعلامية توعوية تحت عنوان "يدعون ونصحّح" في السادس من يونيو الموافق لأول أيام شهر رمضان الكريم؛ وذلك لتصحيح المفاهيم المغلوطة وتفنيد ما تستند عليه جماعات التطرّف والإرهاب من تفسيرات خاطئة لبعض النصوص، واستهدفت الحملة توعية الشباب المسلم في الداخل والخارج بمخاطر الفكر المتطرف وما يستند عليه من تأويلات بعيدة عن صحيح الدين، كما عملت على نشر الثقافة الإسلامية الصحيحة".
وتابع في شرحه حول مفهوم الجهاد أنّ إطلاق الحملة أتت في إطار جهود المرصد لتصحيح المفاهيم المغلوطة التي قامت على نشرها الجماعات المتطرّفة، حيث قام المرصد من خلال الحملة بتوضيح وبيان المفهوم الصحيح للجهاد في الإسلام وتصحيح الأفكار المغلوطة حوله، ومدة الحملة شهرا كاملا وبثمان لغات.
وأكد أنّ "اللجنة الشرعية" الملحقة بالمرصد تقوم بتصحيح المفاهيم المغلوطة التي تستهدف التشكيك في ثوابت الدين الإسلامي، وقد ناقشت تقارير اللجنة العديد من القضايا الشرعية أهمها: مفاهيم الحاكمية والخلافة والجهاد والولاء والبراء، بالإضافة إلى موقف الإسلام من قضايا المرأة المسلمة، ووجهة نظره في انتهاكات حقوق الإنسان وسفك الدماء بغير حق وغيرها من القضايا والموضوعات التي تهم الإسلام والمسلمين في كافة ربوع العالم، ويقوم المرصد بنشر تلك الردود الشرعية على صفحته الرسمية على بوابة الأزهر الإلكترونية.
وأضاف أنّه إلى جانب ذلك قام الأزهر الشريف بمراجعة جميع المناهج الدراسية خاصّة فيما يتعلق بالتعليم قبل الجامعي حيث تم تجديد جميع المناهج وإعادة صياغتها بما لا يسمح باستغلال أي فهم مغلوط أو خاطئ لأي مسألة فقهية أو أي باب تعليمي في أي كتاب من الكتب الشرعية.
كما وأطلق الأزهر الشريف حوارًا مجتمعيًا مستمر حتى الآن تجتمع الكوادر الجامعية والقيادات الدينية من خلاله بالشباب في مختلف محافظات مصر لبث روح التسامح ولنبذ أفكار التطرّف وللدخول مع الشباب في حوار مفتوح حول أهم القضايا والمشكلات والتساؤلات الدينية التي يبحثون لها عن إجابات، وكان آخر هذه الفعاليات في ذلك الإطار الحوار المجتمعي الذي عقده الأزهر بمكتبة الإسكندرية منذ يوميَن.
وتابع انّه وعلى صعيد الطلاب الأجانب والذين يبلغ عددهم أكثر من 40 ألف طالب يقوم الأزهر بإقامة فعاليات مستمرة في مدينة البعوث الإسلامية لتوعية الشباب المسلم الوافد من أكثر من 100 دولة بتعاليم دينهم السمحة ولوقايتهم من خطر التطرّف الذي يحدق بالأمّة المسلمة، والندوات المستمرة الآن يقيمها الأزهر تحت عنوان "شبهات وردود"، ويستمع فيها عدد من الأساتذة الجامعيين للتساؤلات التي يثيرها الطلاب الأجانب ويقومون بالرد عليها بشكل مباشر، والهدف هو احتواء هؤلاء الشباب وتحصينهم وحمايتهم من الاستقطاب الذي يتعرض له شباب المسلمين من جانب الجماعات المتطرّفة.
وأكّد انّ الأزهر يؤكد دومًا في جميع الفعاليات التي ينظمّها أو يشارك فيها (سواء كانت ندوات او مؤتمرات أو زيارات أو حوارات دينية) على نبذه لفكرة الطائفية وتكفير الآخر وعزلة وكراهيته، ويؤمن الأزهر الشريف بأن الإسلام هو دين المحبة والسلام والتسامح، وأكد شيخ الأزهر غير مرة على أن السنة والشيعة جناحي الأمة، ودعا كثيرًا لتوحيد الصف المسلم، وذلك للحد من تسرب الفكر التكفيري أو الاقصائي إلى المجتمع المسلم خاصة في مصر.
مضيفاً أنّ شيخ الأزهر قد اسّس منذ عامين تقريبًا "مجلس حكماء المسلمين" وهو مجلس مستقل ومن بين أعضائه مرجع شيعي للتأكيد على ضرورة العمل على وحدة المسلمين وقبولهم بعضهم البعض، وعلى الجاني غير المسلم يؤكد الأزهر من خلال منابره الدعوية والعلمية على أن أقباط مصر وغيرهم من المسيحيين إخوة للمسلمين في الإنسانية، وقد أعلن الأزهر منذ عام رفضه القاطع لمصطلح الأقليات، وأكد شيخ الأزهر في كلمته التي ألقاها في المؤتمر العالمي لدار الإفتاء قبل شهور أن هذا المصطلح يجب نبذه، لأن الجميع مواطنون لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات، وأن هذا المصطلح يدعوا إلى التعصب والفرقة والإقصاء.
ولفت إلى أنّ هناك العديد من الأسباب التي تؤدي بالجماعات المتطرفة لاستخدام الدين لممارسة العنف والإرهاب، في مقدمتها الجهل بتعاليم الدين الحقيقية السمحة، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى فهم مغلوط لهذه التعاليم وللمفاهيم الدينية العامة، ولَيّ عنق النصوص واجتزائها من سياقها والوصول بها لأهداف لم تخلق لها في الأصل، ويؤكد ذلك أن كثيرًا من المتطرفين الذين يقومون باستغلال الدين على هذا النحو ليسوا دارسين له ولا عارفين بعلومه ولا متبحرين في فلسفة فقهه، وقلّما نجد من بينهم من تعلم في مؤسسة دينية رسمية معتمدة، وكثير من المستقطبين الشباب الذي وفدوا من بلدان أجنبية هم حديثو العهد بالإسلام، دخلوه على أيدي بعض المتطرفين وتم إغراؤهم بالمال والمسكن والزوجة فضلا عن الوعود بدخول الجنة بعد إقامة ما يسمونه بدولة الخلافة.
وأضاف أنّ ثاني هذه الأسباب هو الفقر والجوع والتهميش الذي تمر به كثير من البلدان والذي تؤدي بكثير من الشباب إلى فراغ كبير وكراهية أكبر على الأوطان ومن ثم يؤدي بهم ذلك إلى شبه شعور بفقدان الهوية الوطنية فيصبح أرضًا خصبة للتطرف وممارسة العنف ضد هذا الوطن وأبنائه وقياداته، فيبدأ بالبحث عن التعاليم والآيات والأحاديث التي يراها ويفسرها أنها تسوغ له ذلك وتدعوه للقتل والتدمير وشن العمليات الانتقامية من هذا المجتمع، ولذلك أؤكد دائمًا أن الحد من خطر الإرهاب يجب أن تتلاقى فيه المؤسسات الدينية مع المؤسسات التعليمية والثقافية الأخرى بل والاقتصادية والأمنية.
وأكمل أنّ آخر الأسباب هو استغلال قِوى خارجية لهؤلاء الشباب وليس بالضرورة أن تكون هذه القوى جهات سياسية، ربما كانت جهات اقتصادية تريد التكسب من بيع سلاحها مثلا الأمر الذي يؤدي بالتطرّف إلى الإرهاب بشكل مباشر، فكل متطرف لا يصبح إرهابيًا إلا إذا مارس العنف، ولن يمارس العنف إلا إذا تم إمداده بالمال والسلاح اللازم لذلك./انتهی/
أجرت الحوار: سمر رضوان