وكالة مهر للأنباء-محمد قادري: في حين ترسو الجبهة السياسية والعسكرية للحرب ضد الارهاب التكفيري على شاطئ محور المقاومة المنتصر ويلفظ الإرهاب آخر انفاسه في بحر من الهزائم الثقيلة، تحاول أنظمة الهيمنة إلقاء خشبة نجاة لهذه القوى الارهابية في محاولة ترميمية وجبران الهزائم التي لحقت بهم.
وضمن هذا الإطار يمكن بحث وتقييم زيارة الملك السّعودي إلى شرق آسيا والزيارة المفاجئة لوزير خارجيته عادل الجبير. نظرة إلى الواقع العسكري وأخرى إلى الواقع السياسي تمكننا من استخلاص رؤية أكثر وضوحا عمّا يجري حاليًّا.
فعلى الجبهة الغربية لسورية وبعد تحرير حلب فقد انفكت عصبة الارهاب المتمثلة بجبهة النصرة والمجموعات الأخرى المنضوية زورا تحت عنوان المعارضة، ومكّنت الحكومة السّوريّة ن تحسين موقعيتها في المفاوضات وخصوصا مفاوضات موسكو واستانا.
وعلى المقلب الآخر من الخريطة السورية أي على الجبهة الشرقية، وبالاعتماد على الضربات التي توجهها قوات الجيش السوري والمقاومة في دير الزور والرقة وريف حلب الشرقي والوضع في منبج من جهة وتفكك البنية التنظيمية لداعش بسبب الضربات العراقية للتنظيم في الموصل على الرغم من الدعم الأميركي الخفي لداعش، فإن كفة ميزان هذه الجبهة تميل بشكل واضح لصالح محور المقاومة.
في العراق، فإنه من خلال التنسيق المتكامل بين القوات العسكرية الحكومية والشعبية فإن عمليات الموصل تسير ببطئ لكن بثبات نحو تطهير آخر قاعدة لداعش في هذا البلد وفق البرنامج الدقيق الموضوع من قبل قيادات العراق حتى وصل الأمر إلى أن البغدادي قد اعترف بالهزيمة.
هذه الحوادث المتلاحقة تدفع راعي الإرهاب في المنطقة إلى أن يقوم بحركات سياسية جديدة وذلك لجبرائم الكم الهائل من الهزائم التي يتعرض لها. ما يشاهده البلاط السعودي اليوم هو إقتدار محور المقاومة بقيادة الجمهورية الاسلامية وإمساكه بمفاتيح الميادين وقدرته الفائقة في إطفاء الحرائق التي يزودها السعودي بالوقود وتزيده خسارة وإراقة لماء الوجه.
تحركات آل سعود الأخيرة يمكن النظر إليها من عدة زوايا:
أولًا) فيما يخص زيارة عادل الجبير إلى بغداد، فحسب الأخبار الموثوقة فإنّ ترأس وزير الخارجيّة للوفد الدبلوماسي السعودي إلى الرياض قد تقرر في اللحظات الأخير. ويجب الانتباه إلى أنه خلافا لللتحاليل التي تقول إن البلاط السعودي نادم عل سياسته اتجاه العراق ويعمل إلى تغيير سياسته لجعل العراق عقدة وصل للتواصل مع ايران. شواهدكثيرة تدل على أن العائلة السعوديّة لم تغيّر سياساتها حقيقة، لكن ما لجأت إليه في الحقيقة هو تغيير في التكتيك، حيث لم ترفع يد سطوتها عن المطقة، بل تسعىإلى تشديد الخناق عبر هذه التكتيكات الجديدة وطرق مختلفة.
بشكل أوضح يمكن القول فإن كل الهزائم السياسية والعسكرية والأمنية التي تجرعها السعودي على مدى السنوات الماضية، إلّا أن ذلك لم يوقظه لإيقاف خصومته مع الجمهورية الاسلامية الايرانية، فإنه يعمد اليوم إل حيل خبيثة وماكرة يسوقها في المنطقة.
ثانيًا) بالاستناد الى المباحثات السورية الحالية والتطورات الميدانية ومع الاقتراب من انتهاء عمليات تحرير الموصل. فإن تصميمات وأطروحات خطيرة تطرح للمرحلة ما بعد داعش بمباركة سعودية أميركية قد تشكل زيارة الجبير الحجر الأساس لها.
في الحقيقة فإن البلاط السعودي الذي كان متخوفًا من أن يبهت الدعم الأميركي له في عهد ترامب، قد عمد إلى وضع قسم من طاقته تحت تصرف الواصل الجديد الى البيت الأبيض، وبسبب اعتقاد الرياض بأن الولايات المتحدة سلمت ملف العراق إلى وكالة الإستخبارات المركزيّة، فإنّهتصرّ على أن يتخذ هذا الملف مسيره التنفيذي.
ثالثا) تحكي بعض الأخبار المسربة إلى أن عادل الجبير قد وضع شروط مسبقة قبل زيارته لبغداد تنص على منح أهل السنة في العراق في كل مشروع سياسي 50 بالمئة من أسهمه، وذلك من أجل مواصلة التعاون مع العراق.
كما وتنص الشروط المسبقة إلى أن يعمد العراق إلى الابتعاد عن الحلف الذي يجمعه مع ايران وروسيا، وأن تعمد مجموعات المقاومة العراقية المتواجدة في سوريا الى الانسحاب، وأن تتعهد الحكومة العراقية بأن لا تجري أي تغيير في خارطة محافظة الأنبار، ونصت شروطه في ختامها إلى السماح للمخابرات السعودية بالتعاون مع العراق في التحقيقات التي تجرى مع سعوديين إرهابيين مسجونين في العراق.
آل سعود ومن خلال الطروحات التي قدمت تسعى إلى النفوذ أمنيا بشكل قوي في العراق بعد انتهاء العهد العسكري لها عبر الهزيمة التي تلقاها تنظيم داعش.
رابعا) الى جانب التكتيك الجديد، يعتري السعودي شعور بالحاجة الى أرضية مناسبة لكي يستطيع أن يكمل في وجوده في العراق ويسعى من خلال الحملات الإعلانية أن يؤثر في انتخابات البرلمان والمحافظات المقبلة في العراق، الحملات الإعلامية التي ينويشنّها وبدأت تظهر ملامحها يمكن اختصارها ضمن عناوين أربعة :"بث الخلافات بين التيارات الشيعية"، "استمرا حملة الاتهامات ضد الحشد الشعبي"، "طرح موضوع النفوذ الايراني في العراق والمنطقة"، "السعي جاهدا لتجزئة العراق".
خامسا) فيما خص زيارة الملك السعودي لى جنوب شرق آسيا، فإن ما يمكن استخلاصه هو سعي ملك الرمال إلى ترميم صورته التي تعرضت للهزيمة في مشاريعه في المنطقة في سوريا والعراق والبحرين واليمن.
كما ويسعى الملك سلمان إلى تنفيذ مشروعه الموجه ضد ايران والشيعة عبر إبعاد الدول الاسلامية في جنوب شرق آسيا عن إيران، عبر وعود استثمار لتلك البلاد في شبه الجزيرة العربية، في صورة تظهر عدم التغيير السعودي لسياسته الإقليمية وخصوصا اتجاه ايران.