قال الكاتب والمحلل السياسي توفيق شومان أن الناخب الفرنسي يريد لفرنسا ، أن تتخذ طريقا جديدا في سياستها من خلال التصويت لصالح ماكرون وقولهم لا للأحزاب التقليدية يدل على فشلها وفوز لوبن يحتاج الى حصول معجزة.

في سياق الإنتخابات الفرنسية والنتائج التي أعلنت يوم الأحد وأظهرت فوز المرشحين مانويل ماكرون ومارين لوبن بنسبة 23 و21 في المئة للترشح للجولة الثانية للإنتخابات، اجرت وكالة مهر للأنباء حوارا مع الكاتب والمحلل السياسي توفيق شومان حيث اعتبر ان النتائج لم تكن مفاجئة وإختيار الشعب الفرنسي للمرشح الوسطي مانويل ماكرون جاء من أن الفرنسيين يريدون تجديد الفكر السياسي واختيار طريق جديد في العمل السياسي وإدارة السلطة ، انطلاقا من قاعدة ارساها السيد ماكرون وهي أن ياخذ الإيجابيات من اليسار والإيجابيات من اليمين ولكن ضمن الثقافة السياسية العامة لفرنسا سيما بعد دستور 1958.

وقال شومان ، أن احراز السيدة مارين لوبن المرتبة الثانية يعيد الذاكرة بما حصل مع والدها حيث احتل المرتبة الثانية في إنتخابات الرئاسية الفرنسية في عام 2002 وهذه ليست المرة الأولى التي تحتل الجبهة الوطنية المركز الثاني في الجولة الأولى من الإنتخابات الفرنسية ولكن هذه المرة الأجواء اكثر حساسية من عام 2002 ، مشيرا الى نقطتين تحتوي هذا الموضوع.

النقطة الأولى تتعلق بقرار الإدارة الأمريكية في ما يخص الهجرة والمهاجرين وذلك يوازي سياسة مارين لوبن في نفس السياق حيث إنها تتخذ موقفا حاسما من المهاجرين ، معتبرا ذلك اسهم في اخذها المرتبة الثانية في الجولة الأولى.

النقطة الثانية هي تتعلق بموضوع الإرهاب ، سيما أننا شهدنا عملية ارهابية في باريس قبل يومين من الجولة الأولى للإنتخابات.

وقال المحلل السياسي ، حسبما تابعه للخطابات الإنتخابية لماكرون وحملته الإنتخابية بشكل عام ، فإنه يرى ماكرون اقل تطرفا بكثير من مارين لوبن ، مستندا الى نقاط : الأولى ترجع الى بعض من تصريحاته  الإيجابية حول نوع من اللبسة التي تسمى بالإسلامية ، تشير الى انه اقل عنصرية بالنسبة للوبن والنقطة الثانية هي رسالة التهنئة التي ارسلها للمستشارة الألمانية انجيلا مركل أثناء استقبالها للمهاجرين من الدول العربية والنقطة الثالثة هي وعوده بدعم الضواحي الفرنسية التي تحتوي على جاليات مسلمة عربية سيما من المغرب العربي ، وهذا الدعم سيكون على مستوى التربوي والتعليمي وعلى مستوى الإعانات المالية ايضا.   

واستكمل حديثه منوها بتوجهات الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة التي تتزعمها مارين لوبن حيث قال أن هذه الجبهة مواقفها تاريخيا كانت ولازالت ضد المهاجرين وترفع شعار فرنسا للفرنسيين ، مشددا على أن هذه الجبهة هي من بقايا الفكر النازي وإنها من بقايا اليمين الفرنسي المتحالف مع إدولف هيتلر في الحرب العالمية الثانية وهذه الجبهة منفصلة تماما من اليمين الوسطي الذي هو اقرب الى اليسار الوسطي.

وأضاف شومان أن ماكرون منفصل عن الحزب الإشتراكي التقليدي الذي هو حزب يساري وسطي مشيرا أن هذا الحزب يشكل مع الحزب اليميني الوسطي ، ركنا الثقافة العامة الفرنسية ومواقفهما بعيدة تماما عن العنصرية.

وقال توفيق شومان أن هناك ثلاث لوبيات تقف وراء ماكرون تؤيده وتدعم حملته الإنتخابية ، اللوبي الأول هو الإعلان الفرنسي التقليدي بشكل عام ، إن كان وسائل الإعلام المرئية او الصحف المكتوبة واللوبي الثاني هو السلطة المالية الفرنسية والتي تتمثل باكبر الشركات المالية والسطة الثالثةهي سلطة الكنيسة.

وشدد على أن إختيار الشارع الفرنسي لماكرون ينتج عن الفكر التجديدي للفرنسيين حيث أنهم أصيبوا بملل من الأحزاب التقليدية والبرهان هو إنه لأول مرة يحصل مرشحان خارج عن الحزبين التقليديين ، الحزب الجمهوري والحزب الإشتراكي على اعلى نسبة في الأصوات ومنذ الجولة الأولى للإنتخابات الفرنسية.

وأضاف أن الفرنسييين يريدون حياة سياسية جديدة بأفكار جديد وقيادات جديدة. قائلا أن الاحزاب التقليدية استنزفت نفسها وقالت ما لديها من افكار وبرامج عمل ولم تستطع أن تخلق أفكار جديدة وشخصيات سياسية جديدة. مضيفا أنه لأول مرة في تاريخ فرنسا لم يترشح رئيس للولاية الثانية وذلك دليل على ضعف الرئيس وضعف حزبه.

وأكمل حديثه قائلا أن الفرنسيين قالوا لا للأحزاب التقليدية و ذلك يستوجب على تلك الأحزاب أن تعيد هيكلة نفسها ومراجعة برامجها وإعادة النظر بافكارها السياسية ، معتبرا أن هذه الأحزاب منذ مرحلة مابعد الحرب العالمية الثانية حتى 10 او 15 سنة الماضية ، قادت فرنسا بشكل جيد وإيجابي ولكنها الآن هرمت وعجزت في البحث عن البديل ، ولكن البديل من داخل الثقافة الفرنسية التي انتجتها الثورة الفرنسية قبل حوالي 250 عام ، على حد تعبيره.

وفي الختام استبعد شومان تماما أن تحظى مارين لوبن على نسبة أكثر في الأصوات في الجولة الثانية من الإنتخابات واعتبر حصول ذلك اشبه بمعجزة لأن جميع الأحزاب الأخرى التي تشكل في المجموع 50 في المئة من الاصوات ، دعت الى التصويت لماكرون وإنها ستقف ورائه وتدعمه لتمنع مارين لوبن من الوصول الى قصر الرئاسة الفرنسية./انتهى/

اجرت الحوار: مريم معمارزاده