رأى الخبير العسكري السوري اللواء المتقاعد محمد عبّاس أنّ ما تنشره وسائل الإعلام الأمريكية عن إعلان العمليّات العسكرية في مواجهة تنظيم داعش وطرده من بعض المناطق، يطرح سؤالاً هاماً من أين وإلى أين؟

وأوضح  الخبير العسكري السوري اللواء المتقاعد محمد عبّاس  في حديث لوكالة مهر للأنباء أنّ داعش يتوسّع والناتو يتمدّد أكثر في الجغرافيا السّورية، فأمريكا تشارك في العملية الهجومية الاستراتيجية التي تخّطط لها مع حلف الناتو، وحلف الناتو العربي، المتشكّل من إيعاز ترامب لمعالجة الموقف في سوريا، موضحاً أنّ ترامب يقول ألا علاقة له بالأزمة السّورية، وعلى الدول الإسلامية تولّي هذه المسألة، مستشهداً بقول توماس فريدمان في جريدة نيويورك تايمز منذ أيام، انّ على ترامب دعم داعش لإرغام سوريا على التفاوض، وداعش هو ورقة استراتيجية رابحة غير مباشرة، لاستثمارها من قبل السي آي أيه التي توفّر لها الدعم والغطاء السّياسي، بهدف استمرار الحرب في سوريا، وتعزيز فرص بيع السلاح، ومن هنا أمريكا تعلن تدخّلها في الجغرافيا السّورية.

وبيّن الخبير العسكري السوري أن أمريكا عبر الفبركة الإعلامية التي مارستها القبّعات البيض في خان شيخون والتي قتلت فيها الأطفال بدمٍ بارد وأمام الكاميرات العالمية، كما ذكر موقع فيتراس تودي السويدي، مشيراً إلى أنّ قَتَلَة الأطفال هم القبّعات البيض.

وأوضح اللواء المتقاعد عباس أنّ إعلان أمريكا لقتال داعش يعني التزامها بدعمه، وهذا ما أكّدت عليه المعطيات والوقائع في سوريا، لافتاً إلى أنّ الدعم الأمريكي لأكراد الشمال السّوري هو محاولة للعبث بمشاعر وطموحات الأكراد، لإنشاء كيان كردي مستقل ضمن فيدرالية، أو من الممكن أن يشكّل كياناً متكاملاً مع كردستان العراق، معتبراً أنّ ذلك سيخلق واقعاً سياسيّاً جديداً من خلال الاستثمار الأمريكي في ورقة الأكراد، وسينتهي دورها بانتهاء الاستثمار فيهم.

وتابع الخبير العسكري السوري أنّ هناك استثماراً آخر في الجنوب السّوري مع عشائر الجنوب تحديداً حول إقامة فدرلة أو إمارة إسلامية أو منطقة آمنة تحت رعاية ومظلّة أردنية، حيث من المحتمل أن يتم اقتطاع أجزاء من العراق وضمّها إلى الأردن أو مقدّمة لترانسفير آخر لفلسطينيين ينتقلون فيه من الضّفة الغربية إلى البافر ستيت، حيث يتم التفكير بإنشائه من درعا إلى تدمر ودير الزور والرقة وشمال حلب، حيث سيكون حاجزاً ما بين الدولة السّورية والمقاومة في لبنان والعراق وإيران وروسيا.

وأردف عباس أنّ ذلك سيشكّل خطراً جغرافيّاً في سوريا، فما يحدث في الجنوب السّوري هو حرب بين الجيش السّوري وقوّات الجبهة الجنوبية في منطقة المنشية بهدف إسقاطها والتقدّم نحو خربة غزالة وصولاً إلى إزرع وربما الصنمين التي قد تكون الهدف الاستراتيجي لأمريكا المتواجدة اليوم في الشّمال الأردني، مبيّناً أنّ أمريكا لن تقاتل بشكل مباشر طالما هناك حلف ناتو صهيووهّابي محتشد في قاعدة المفرق اللوجستية في الأردن، والتي هي قاعدة إمداد في المنطقة.

وأضاف الخبير العسكري في حديث له لوكالة مهر للأنباء أنّ الإمداد اتى عبر سفينة ليبرتي ونقل العتاد العسكري من ميناء جنوى وجدّة إلى ميناء العقبة ومنه إلى الشمال الأردني، موضّحاً أنّ غزو الشمال يترافق مع غزو الجنوب والغاية منه فرض أمر واقع على الجغرافيا السّياسية وفي المتغيّر السّياسي والذي يشير إلى أنّ أمريكا باتت واقعاً موجوداً على الأرض السّورية، معتبراً أن ذلك قد يكون لاختبار مستوى الرد وأدوات وطُرُق اتخاذ القرار لدى حلف المقاومة والمستوى الذي يمكن للدبلوماسية الروسية عسكرياً ان تصله في مواجهة الحضور الأمريكي في سوريا.

ورأى اللواء عباس أنّ الحضور الأمريكي غايته الاستيلاء الجيوبولوتيك السّوري وعلى مخزون الغاز والنفط وتأمين المصالح الاستراتيجية لحلفائه في المنطقة، مع الاستمرار في مسألة تغيير النظام، مؤكداً أن الخاسر الأكبر هم المدنيون بالإضافة لتدمير البنية التحتية الوطنية لسوريا، ولنقل تأييد المواطن السّوري لصالح الاحتلال الأمريكي والتنظيمات المسلّحة التي تشكّل الحاضنة الأساسية للتواجد الأمريكي والصهيوني على الأرض السّورية.

واعتبر الخبير العسكري السوري أن الأمن القومي الأردني لن يتأثر بحسب اعتقاده، لانّ الأردن ليس دولة بالمعنى السّيادي، فهو يتلقّى الأوامر من أمريكا وإسرائيل والسعودية، أي الدول المانحة للمساعدات، معتبراً أنّ الأردن جغرافيا لا أكثر ولا قرار له، فعندما يتحدّث الأردن عن التهديد الإيراني على بُعد 70كلم منه، عليه أن يتذكّر أنّ دمشق تبعد ذات المسافة وتشكّل تهديداً للوجود الصهيوني.

واكّد الخبير عباس أنّ سوريا قادرة على حرمان أمريكا من المناطق العازلة والتي تعني تكريس التقسيم لسوريا وتلبية للتطلّعات الصهيونية، مشيراً إلى أنّ أي عمل مستقبلي سيؤدّي للاشتباك مع الجيش السّوري الذي سيتصدّى لأي قوّة تدخل سوريا شمالاً او جنوباً، من خلال الالتزام بالواجب الدستوري والأخلاقي والوطني القانوني. /انتهى/

أجرت الحوار: سمر رضوان