أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد رضوان الله عليها كانت أول امرأة تزوجها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولم يتزوج عليها في حياتها.
وكانت خديجة أول من آمن بالله تعالى وتحملت مع رسول الله (ص) أعباء رسالة الله تعالى، وتشاركه آماله وآلامه، وتتحمل معه شظف العيش بعد غضارته، وتبذل كل ما ملكته طول حياتها؛ لتعطي المثل الأسمى للمرأة المؤمنة، وعلى كل حال فإنَّ خديجة رضوان الله تعالى عليها بعد أن تزوجها رسول الله (ص) كان لها الدور الفعال في مساندة النبي في تحمل أعباء رسالة الله تعالى، حيث كانت تخفف عليه المصاعب والتحديات التي كان يواجهها من قريش، يقول محمد بن إسحاق: (كانت خديجة أول من آمن بالله ورسوله، وصدقت بما جاء من الله، ووازرته على أمره، فخفف الله بذلك عن رسول الله |، وكان لا يسمع شيئاً يكرهه من ردٍ عليه وتكذيبٍ له، فيحزنه ذلك إلا فرَّج الله ذلك عن رسول الله (ص) بها، إذا رجع إليها تثبته، وتخفف عنه، وتهون عليه أمر الناس حتى ماتت رحمها الله) في 10 رمضان سنة 10 للبعثة انبوية الشريفة في شعب اي طالب.
اسمها ونسبها
أُمّ المؤمنين، السيّدة خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العُزّى بن قصي القرشي الأسدي، وكانت تلقّب بالطاهرة.
تاريخ ولادتها
قبل عام الفيل بخمس عشرة سنة،
إسلامها
لا شكّ أنّ أوّل امرأة آمنت بالدين الإسلامي هي خديجة (س).
فقد ورد عن ابن عباس أنّه قال: «أوّل مَن آمن برسول الله(صلى الله عليه وآله) من الرجال علي(عليه السلام)، ومن النساء خديجة (س).
هي أول سيدة تدخل الاسلام كما جاء في الحديث الشريف : أول من آمن بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم من الرجال علي بن أبي طالب عليه السلام ومن النساء خديجة.
وحين كان يذهب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لكي يصلي فقد كان يذهب إلى المسجد الحرام ويستقبل الكعبة وعلي عليه السلام إلى يمينه وخديجة خلفه.. وهي من أنفقت أموالها في دين الاسلام حيث جعلت ثروتها الطائلة تحت تصرف رسول الله ص لينفقها فيما يراه مناسبا.
وشهد لها رسول الله صلوات الله عليه، بحديثه المأثور [ما قام الدين واستقام إلا باثنتين سيف علي وأموال خديجة ]. وهي من سلم عليها رب العزة، بعد عامين من بعثة رسول الله (ص) التي بدأت من بيت خديجة، فجاء أمين وحي الله جبرئيل وقال [حاجتي أن تقرأ على خديجة من الله ومني السلام]، وعندما بلغ الرسول الأكرم خديجة سلام الله تعالى قالت "إن الله هو السلام منه السلام وعليه السلام".
أنجبت ام المؤمنين خديجة اربع بنات وهن فاطمة الزهراء(ع) ورقية وزينب وأم كلثوم، وولدين، القاسم وعبد الله. وكان رسول الله يحبها حبا لم يحبه إلى زوجاته اللاتي تزوجهن بعد وفاتها.
واشتهرت السيدة خديجة بالجمال والكمال والثروة والشرف، وهي السيدة الوحيدة الذي نسل رسول الله ينحدر من رحمها الطاهر، فهي أم الزهراء والأئمة الأطهار من سلالتها، وهي من كان رسول يشاورها في جميع أموره.
وقد قال فيها رسول الله (ص) أحاديث كثيرة منها [أربع نسوة سيدات عالمهن مريم بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم ، وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وأفضلهن فاطمة] .
كما وان السيدة خديجة هي الزوجة التي أحبها رسول الله (ص) وبالغ في مدحها، وقال في حقها لم يرزقني الله زوجة أفضل من خديجة أبدا. وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يحترم صديقاتها إكراما وتقديرا لها، كما جاء عن أنس أن النبي (ص) إذا أتى بهدية قال [اذهبوا إلى بيت فلانة كانت صديقة خديجة إنها كانت تحبها] وروي عنه (ص) أنه إذا ذبح الشاه يقول [أرسلوا إلى صديقات خديجة].
فكانت السيدة خديجة، الزوج الحنون لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث كانت تدافع عن الرسول وتفديه بكل ما تملك أي بروحها ونفسها حتى بلغت صرح المعالي وتدرجت مدارج الكمال بصبرها ومؤازرتها للنبي الأعظم بالشدائد والمحن وهي بوابة الرسالة السماوية والبعثة النبوية حتى أعطت من نفسها المقدسة في عام الأحزان، العاشر من شهر رمضان للسنة العاشرة من البعثة في مكة المكرمة، على اثر المحاصرة الشديدة لرسول الله (ص) ولها وللمسلمين الضغوط والتعذيب لمدة ثلاث سنوات وعمرها في حدود الخامس والستون.
ويقع قبرها في مقبرة الحَجُون في مكّة المكرّمة، حيث نزل رسول الله(صلى الله عليه وآله) في حفرتها، ولم تكن يومئذٍ سُنّة صلاة الجنازة حتّى يصلّي عليها.
وصاياها لرسول الله(صلى الله عليه وآله)
لمّا اشتدّ مرض السيّدة خديجة قالت: يا رسول الله اسمع وصاياي:
أوّلاً: إنّي قاصرة في حقّك فاعفني يا رسول الله. قال(صلى الله عليه وآله): «حاشا وكلاّ، ما رأيت منك تقصيراً، فقد بلغتِ بجهدك، وتعبت في داري غاية التعب، ولقد بذلت أموالكِ وصرفت في سبيل الله مالَكِ».
ثانياً: أوصيك بهذه ـ وأشارت إلى فاطمة ـ فإنّها يتيمة غريبة من بعدي، فلا يؤذينها أحدٌ من نساء قريش ولا يلطمنّ خدّها ولا يصيحنّ في وجهها ولا يرينّها مكروهاً.
ثالثاً: إنّي خائفة من القبر، أُريد منك رداءك الذي تلبسه حين نزول الوحي تكفّنني فيه. فقام النبي(صلى الله عليه وآله) وسلّم الرّداء إليها، فسرّت به سروراً عظيماً، فلمّا توفّيت خديجة أخذ رسول الله(صلى الله عليه وآله) في تجهيزها وغسّلها وحنّطها، فلمّا أراد أن يكفّنها هبطَ الأمين جبرائيل وقال: «يا رسول الله، إنّ الله يقرئك السلام ويخصّك بالتحية والإكرام ويقول لك: يا محمّد إنّ كفن خديجة من عندنا، فإنّها بذلت مالها في سبيلنا». فجاء جبرائيل بكفنٍ، وقال: «يا رسول الله، هذا كفن خديجة، وهو من أكفان الجنّة أهداه الله إليها».
فكفّنها رسول الله(صلى الله عليه وآله) بردائه الشريف أوّلاً، وبما جاء به جبرائيل ثانياً، فكان لها كفنان: كفنٌ من الله، وكفنٌ من رسوله./انتهى/
المصدر : مواقع