بيّن الخبير في الشؤون السّعودية، الباحث السّياسي اللبّناني علي مراد أنّ هناك أسباباً عديدة دفعت النظام السعودي إلى الشروع بعمليته العسكرية على العوامية، من المعلوم تاريخياً أنّ النظام وكلما تعرض لهزيمة في ملف ما في الإقليم أو حتى واجه أزمات في الداخل وإن كانت اقتصادية قام باستهداف شيعة المنطقة الشرعية.

وأضاف الباحث مراد في حديث خاص لوكالة مهر للأنباء أنّ هدف النظام السعودي الأول وبشكل أساسي من هذا السلوك المدروس هو شحن بيئته الحاضنة بالتحريض المذهبي والايحاء لهذه البيئة بأنهم مستهدفون وهو حاميهم ويحرس وجودهم (وفق ما يصوره لهم طبعاً)، وكل هذا من اجل دفع هذه الحاضنة للإلهاء عن لوم النظام على إخفاقاته وهزائمه وفشله والالتفاف حوله ليجدد شرعيته ويضمن استمرار الاستقرار في الحاضنة التي يرتكز أساس حكمه عليها بالإضافة إلى الدعم الأمريكي.

وأردف مراد أنّ النظام السعودي في هجومه هذه المرة على العوامية قد يكون هناك أسباب غير معلنة مرتبطة برؤية محمد بن سلمان المسمّاة رؤية 2030، نحن نعلم بأن رؤيته قائمة على بيع جزء من أسهم شركة أرامكو وانشاء صندوق استثماري كبير بعوائد عملية البيع هذه، وأصبح معلوماً أن كبرى الشركات الأمريكية سوف يكون لها حصة الأسد في عملية شراء الأسهم، بالتالي هذه الشركات سوف تأتي بمصانعها ومنشآتها الضخمة للإشراف على استثماراتها قرب ميناء رأس تنورة النفطي، وهذا الميناء قريب جداً من بلدة العوامية.

 وأوضح الخبير في الشأن السعودي مراد وبحسب تحليله الشخصي انّ السبب الحقيقي لتدمير أحياء البلدة (وليس فقط حي المسورة) وتهجير سكان البلدة الثلاثين ألفاً يتعلق بتحضير الأرضية للشركات الأمريكية لتأتي عام 2019 إلى المنطقة، وقد يكون هناك أسباب تتعلق بالتنقيب على النفط، فمحمد ابن سلمان يطرح في خطته الاقتصادية ايلاء أهمية للتنقيب عن آبار جديدة للنفط، ونعلم بأن المنطقة الشرقية وخاصة قرب القطيف غنية بالنفط.

وأشار إلى ما يتعلّق بالتعتيم الإعلامي ولا سيما الأمريكي فمردّه إلى حقيقة أن السعوديين تعاقدوا مع حوالي 23 شركة علاقات عامة وجماعة ضغط في الولايات المتحدة ومهمة هذه الشركات والجماعات بالدرجة الأولى تزويد وسائل الإعلام الأمريكية بالرواية الرسمية للنظام السعودي والحؤول دون وصول حقيقة ما يجري إلى الصحافة ووسائل الإعلام الرئيسية وطبعاً تقوم هذه الشركات بالتواصل مع أعضاء الكونغرس والمؤسسات التابعة للإدارة الأمريكية من أجل ترويج رواية نظام الرياض والتعتيم على حقيقة ما يحصل.

وفي معرض سؤالٍ منفصل حول تصريح الجبير ومستقبل الرئيس الأسد قال: إنّ هناك مثل عربي شعبي يقول "الجمل لا يرى حردبته"، النظام السعودي لا يزال يرفض في العام السابع عشر من الالفية الثالثة أن تُناقش حتى نقاش فكرة الانتخابات ووضع دستور حقيقي للدولة السعودية بدل ما يسمونه ب "النظام الأساسي للحكم" الذي يحتوي على اوامر الملوك الشخصية، ومثل هكذا نظام لا يفقه معاني الديمقراطية والانتخابات لا يحق له اساساً أن يتحدث عن مستقبل الرؤساء والانتخابات في أي بلد وليس فقط في سوريا.

وأكمل أنّ  الدور السعودي في سوريا هُزم والرياض المهزومة ليست في موقع يخولها أن تتحدث عن مستقبل الرئيس الاسد، وكل ما يصرح به الجبير ومن ضمنه البيان الأخير لا يساوي الحبر الذي كُتب فيه، إنها سياسة المكابرة السعودية التي عهدناها، فالسعودي في السنوات السبعة الأخيرة بات يفتح جبهة مع جيرانه ويمارس أقصى درجات الفجور في الخصومة والحرب وعندما يُهزَم يحاول أن يصور هزيمته انتصاراً وهذا لا يمكن أن نفسره إلا على أنه مكابرة وكيدية لا تقرَّش في الميدان والسياسة والمجتمع الدولي برؤسائه ووزرائه بات مقتنعاً أن الشعب السوري وحده هو من يقرر مصير رئيسه، ولا أحد يقرر بالنيابة عنه.

وفي موضوع الأزمة الخليجية رأى مراد أنّها مستمرة طالما أن الأمريكيين يريدون لها ان تستمر، وفكرة الاتحاد الخليجي حتى قبل اندلاع الأزمة كانت فكرة مستحيلة وذلك لرفض سلطنة عمان والكويت وقطر وحتى الإمارات مشروع الاتحاد، فهو مشروع سعودي والبحرين ملحقة به نظراً لسيطرة السعوديين على الإرادة البحرينية، معتبراً أنّ الأزمة زادت الشرخ اكثر بين كل من قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين من جهة ولكن تعلم كل من سلطنة عمان والكويت أن دورها سيحين إذا ما استطاعت الرياض وأبوظبي هزيمة قطر وقد شاهدنا حجم الشراسة في الاستهداف لمن كانوا يدّعون أنهم اشقاء وتربطهم علاقات قوية على المستوى الاقتصادي والشعبي أقلّه./انتهى/