وكالة مهر للأنباء : منذ سيطرة داعش على بعض المناطق في العراق وسوريا إنضمت الكثير من النساء والفتيات المقيمات في الدول الأوربية وغيرها من الدول المتقدمة في العالم الى هذا التنظيم. فتحول هذا الأمر الى لغز أثار الكثير من التساؤلات حول دوافع هذه الفتيات لترك اسرهن ورفاهية بلدانهن والتوجه نحو شقاء العيش في الصحراء وأهوال الحروب ومعاشرة رجال برابرة.
هناك بعض التفسيرات تقول أن الدافع الأساسي وراء الإنجرار في مستنقع داعش لدى هؤلاء الفئة من النساء هو ما يتعرضن له من خدع وغسيل دماغ، خلال التواصل مع عناصر تنظيم داعش عبر مواقعهم على شبكة الإنترنت، ولكن الدراسات التي أجراها خبراء وباحثون بريطانيون على نساء من انكلترا و فرنسا وهولندا، أثبتت أن الخدعة وغسيل الدماغ ليس الدافع الوحيد وراء إنضمام تلك النساء والفتيات المراهقات الى تنظيم داعش.
غسيل الدماغ ليس السبب الوحيد وراء الإنجرار في مستنقع داعش
تشير نتيجة الأبحاث والدراسات الى أن أسباب الإنضمام الى داعش لا تقتصر على الخدعة فقط بل إن الامر أكثر تعقيدا من ذلك، إذ يستخدم هذا التنظيم اسلوبا خاصا لإغراء تلك النساء والفتيات من خلال تقديم وصفة معقدة تعدهن ب"القدرة والتمكين".
وقد صرحت رئيسة الأبحاث التي أجراها المعهد الملكي للخدمات المتحدة في بريطانيا (RUSI) في مجال الأمن والدفاع، "أميلي وينتربوتام" بأن عنوان "العروس الجهادية" التي يطلق على الفتيات الداعشيات، ينقص من واقع الأمر.
وأكدت وينتربوتام لصحيفة "اينديبندنت" البريطانية، أن روايات التطرف الداعشي في تعامله مع النساء أعطت طابعا فكريا خاصا لدى الرأي العام كأن المرأة هي الضحية والرجل هو الجانب السيء الوحيد في القضية، إذ أجابت معظم النساء في معرض سؤالهن حول الاسباب التي تدفع بعضهن للإنضمام الى داعش، أن هذه الفئة من النساء قد وقعن في فخ رجال تنظيم داعش من خلال وسائل التواصل الإجتماعي و الاغراء بالزواج، بينما التطرف الداعشي لايشمل الرجال فقط بل أنه نسائي الهوية لدى نساء تنظيم داعش، والكثير من هؤلاء الفتيات إخترن الإنضمام الى تنظيم داعش عن وعي وليس فقط بالخدعة وغسيل الدماغ.
وإعتبرت أن بعض المسوغات لدى هذه الفئة من النساء هي عبارة عن: "رفض النسوية الغربية (الفمينيسم)، التواصل مع عناصر داعش وعروض الزواج والمغامرة، التأثر بالزوج او الأقرباء او الزملاء، والانجذاب في ايديولوجية داعش، السذاجة الفكرية او التفاؤل الرومانسي والإتاحة بفرصة لأداء دور هام في تشكيلة جديدة من نوعها، روح الشغف والإثارة والتمرد".
يذكر أن الباحثة وينتربوتان قد أجرت هذه الدراسات في خمسة بلدان وهي بريطانية والمانيا وفرنسا وهولندا وكندا.
وتوصل البحث عبر إجراء مقابلات عدة مع رجال ونساء هم على معرفة او صلة بالداعشيات وايضا مع ناشطين ضد التطرف، الى أن بعض النساء والفتيات تنجذبن الى هذا التنظيم بالرغم من الهيمنة الرجالية على النساء وما يمارسه من عنف قسري ضد المرأة بخلفية عقائدية وتكفيرية والإبادة الجماعية للإيزديين وسبي نساء الإيزديات، وذلك من أجل الحصول على مصدر لـ"القدرة والتمكين" حسب ظنهن.
حسب ما صرحه بعض الذين أجريت معهم المقابلة، أن فئة من تلك النساء أردن الخوض في تحد للمعايير الجنسانية التقليدية وأيضا الغربية المفروضة عليهن، من أجل الحصول على هوية جنسانية جديدة.
التهميش المجتمعي وحركات الإسلاموفوبيا هي من دواعي التطرف
وكما تفيد منظمات المجتمع المدني أن هؤلاء النساء قد شعرن بتهميش في المجتمع سيما في بعض البلدان مثل هولندا وفرنسا إذ منعن من إرتداء البرقع وأدى ذلك الى الشعور بعدم حرية التعبير عن إنتمائهن الديني والعقائدي.
الجدير بالذكر أن الدراسات التي أجريت على العناصر الرجالية التابعة لتنظيم داعش بينت أن من أهم الدواعي لدى هؤلاء هي محصلة الحملات الدعائية التي تصب في إطار الرهاب الإسلامي او الإسلاموفوبيا والأزمات الإقتصادية والشعور بالإنعزال الاجتماعي وعدم رغبة الآخرين فيهم.
يعتقد الكثير أن الرغبة في الإنفصال من الأسرة التي قد تعتبرها الفتاة او الإمرأة إنها غير متدنية بقدر مايكفي، هي احدى الحوافز لإنضمام النساء الى تنظيم داعش.
وذكرت وينتربوتام أن الفتايات اللاتي ينتمين الى أسر متشددة هن الأكثر عرضة لإغراءات داعش عبر الإنترنت والتواصل الإجتماعي بسبب قضاء معظم الوقت في الفضاء الإفتراضي، قائلة: بعض النساء والفتيات اللاتي تحدثنا معهن خلال هذه الدراسات، لم ينزلقن بعد الى مستنقع التطرف، لكن بإمكانهن فهم الدواعي والأسباب التي دفعت الداعشيات للإنضمام الى جماعات هذا التنظيم في سوريا والعراق كي يصبحن مسلمات بامتياز حسب زعمهن.
الصدمة عند مواجهة الواقع
وأضافت وينتربوتام أن داعش نجح في تقديم صورة مثالية لتلك الفئة من النساء، فإنهن لم يذهبن هناك فقط كعروس جهادية ومن أجل جهاد النكاح، بل يجدن في داعش قاسم مشترك لإنتمائاتهن الفكرية والسياسية وسبيلا للعيش كما يحلو لهن، حيث يرين "القدرة والتمكن" بمنظار مختلف عن المرأة الغربية لايمكن فهمه الى لمن ينتمي الى ذات الفكر والعقيدة.
وأكملت أن الجانب الهزلي بهذه القضية هو عندما يذهبن تلك النساء الى هناك، يجدن شيئا مختلفا تماما من الصورة التي رسمها داعش لهم، إذ يتم جلد النساء ورجمهن وضربهن أحيانا حتى الموت، كما حصل للفتاة "سمرا كسينويج" النمساوية عندما حاولت الهروب من داعش./انتهى/