صرح الكاتب والمحلل السياسي "توفيق شومان" بأن ما يجرى في ديرالزور هي حرب عالمية مصغرة، مشيرا الى إستدارة دفة سياسات أردوغان تجاه طهران وموسكو بسبب فشله في سوريا وخسارة جميع حلفائه الأمريكيين والإوربيين.

بعد نجاح خمسة دورات متتالية من إجتماعاتها في تحقيق الهدنة والحد من النزاعات في الأراضي السورية، جاءت مفاوضات آستانة في  مؤتمرها السادس لتمضي خطوة مهمة لتحقيق السلام في محافظة إدلب شرقي سوريا، من خلال الخروج بقرار خفض التصعيد في هذه المحافظة التي تعد من أهم معاقل تنظيم جبهة النصرة.

أكدت كل من إيران وروسيا وتركيا كالأطراف الاساسية في مفاوضات السلام في العاسمة الكازاخية، على وحدة كافة الأراضي السورية وسيادة الحكومة السورية على جميع تلك الأراضي وإستقلالها، من خلال بيان أصدرته ينص على هذه الأصول.

موازاتا مع الطي بمفاوضات السلام في آستانا والخروج بنتائج في غاية الأهمية، تمكنت القوات السورية وحلفائها من تحقيق إنجازات مهة على الصعيد الميداني، من أهمها كسر الحصار عن مدينة ديرالزور الذي طال لمدة ثلاث سنوات، إذ اثار ذلك الدهشة لدى كافة الأطراف الإقليمية والعالمية التي قدمت الدعم لجماعات داعش التي إتخذت هذه المدينة كمعقلا اساسيا لها.

في هذا الإطار أجرت وكالة مهر للأنباء حوارا مع الباحث والمحلل السياسي اللبناني "توفيق شومان"، يأتيكم نص الحوار كالتالي:

س: كيف تقيمون نتائج مفاوضات السلام في آستانا وما رأيكم بالإتفاق حول مناطق خافضة التصعيد في سوريا خاصتا في ادلب؟

ج: اعتقد أن نتائج مؤتمر آستانا تضع حدا لتنظيم جبهة النصرة وإنها تشكل بداية نهاية لهذا التنظيم وتؤدي الى نزع إعطاء شرعية لهذه الجماعات في الأراضي السورية، بما يؤدي الى إستئصال الإرهاب في هذا البلد.

تحويل محافظة ادلب الى منطقة خافضة التصعيد تعد خطوة متقدمة جدا في طريق إنهاء وقف الحرب في سوريا وتشكل بادرة للحل السياسي.

س: بالنسبة للدور التركي، هل برأيكم أن تركيا أدارت دفة سياساتها تجاه الحكومة السورية وأصبحت تلعب دورا إيجابيا، ام لازالت متمسكة بسياساتها السلبية تجاه سوريا كما كان سابقا؟

ج: الدور التركي السابق كان يعمل على خطين؛ الخط الأول دعم الجماعات المسلحة في وجه الدولة السورية  والخط الثاني منع إقامة منطقة نفوذ خاصة للأكراد، أو تحويل بعض المناطق السورية التي يتواجد أو يسيطر عليها الأكراد الى مناطق حكم ذاتي على غرار إاقليم كردستان في العراق.

الأتراك إختلفوا مع الأمريكيين في هاتين النقطتين اللتين عملوا عليها في سوريا.

الأمريكيين اصبحت مواقفهم رمادية الى حد ما بعد إن ذهبوا الى التكيف مع الواقائع الميدانية والسياسية، وإضطروا الى الإعتراف بالحكومة السورية وبتالي لم ينزلوا عند رغبة الأتراك بمنع تسلح القوات الكردية في سوريا. هنا اتجهت تركيا نحو تعزيز علاقاتها مع المحور الآخر الذي تترأسه طهران وموسكو.

الأتراك حاليا يمارسون ما يعرف بالسياسة البراغماتية. بعد إن إختلفوا مع الأمريكيين والأروبيين سيما ألمانيا التي كانت على رأس حلفائهم، اضطروا الى التوجه شرقا أي الى ايران وروسيا.

أعتقد أن الدور التركي هو حاليا دور المضطر الذي ثقفت طموحاته وأحلامه ورُغم الى الذهاب نحو الخندق الآخر. بنفس الوقت أعتقد بأنه لابد من إبقاء الحذر في قرائة الموقف التركي. تقلبات السياسة التي يمارسها أردوغان يجب أن تبقى على رأس الأبجدية في قرائة الموقف التركي من القضية السورية لأنه لايمكن قرائة هذا الدور دون أخذ هذين الطموحين الذين ثقفا على الأرض في السوريا بعين الإعتبار.

س: كيف تقرأون الهجمات العسكرية الصهيونية المباشرة ضد سوريا وما هي أهداف الكيان الإسرائيلي من الإعتداء العسكري ضد الجيش السوري؟

ج: سياسة الكيان الإسرائيلي التقليدية في سوريا قائمة على مواجهة الدولة السورية بإعتبارها تتبنى المقاومة وتدعمها، ثم جاءت علاقات الدولة السورية مع إيران لتزيد العداء الإسرائيلي ضد سوريا. في ضل إعادة سيطرة القوات السورية على معظم المناطق التي قد إحتلتها الجماعات المسلحة سابقا، تحاول إسرائيل الدخول على الخط السياسي ليكون لها دورا في هذه القضية.

الروسيون والأمريكيون يرفضون هذا الدور لأن سياساتهم تتطلب ضبط الأزمة في داخل سوريا.

صمود الدولة السورية زائدا الدور الإيراني ودور المقاومة اللبنانية في سوريا يشكل تهديدا وخوفا للصهائنة، لذلك هذا الكيان يحاول أن يستهدف الدور الإيراني ودور المقاومة اللبنانية في سوريا بل يضع ذلك على رأس أهدافه.

أعتقد أن الفترة المقبلة ستشهد تصعيدا إسرائيليا في سوريا، سيما بعد قصف بلدة المصياف في ريف حماة، كان ذلك مأشرا على المزيد من الغارات العدوانية الإسرائيلية في محاولة يائسة لتعطيهم موسكو أو واشنطن دورا ما في سوريا وفي الحل السياسي.

في الواقع الإسرائيليون يعتقدنون أن المقاومة خرجت منتصرة في الحرب في سوريا ولذلك باتت أقوى من قبل، فلذلك يطلبون من العالم أن يحارب المقاومة نيابتا عنهم.

س: كيف يأثير فك الحصار عن منطقة دير الزور في التطورات الميدانية في سوريا سيما في الستقبل؟

ج: الحرب في ديرالزور هي أكبر من معركة وأكبر من مجموعة معارك. مايجري في دير الزورهي حرب عالمية مصغرة تخوضها روسيا وحلفائها والولايات المتحدة وحلفائها.

الحرب في ديرالزور التي تشكل آخر معاقلا أساسيا لتنظيم داعش، يعكس تنافسا دوليا وإقليميا على إستعادة المناطق التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش.

الأمركيون يعتمدون بشكل أساسي على القوات الكردية والجيش السوري وقوات المقاومة إيضا يخوضون معارك شرسة هناك.

الأمريكيون يرسمون مناطق نفوذ لهم في ديرالزور محاولتا لتثبيت مواقعهم في هذه المحافظة من خلال دعم القوات الكردية ومنع الدولة السورية والجيش السوري من السيطرة الكاملة على هذه المحافظة التي تبلغ مساحتها الى 33 الف كم مربع (ما يوازي مساحة لبنان بثلاثة أضعاف ونصف) ومنع القوات السورية من الوصول الى منطقة البوكمال المحاذية للحدود العراقية تصديا من أن يلتقي الجيشان السوري والعراقي على كامل الحدود السورية العراقية./انتهى/.

اجرى الحوار: رامين حسين آبادي