وكالة مهر للأنباء: أعلن الشيخ "صباح خالد الحمد الصباح" النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الكويتي في تصريح صحفي، أن دولة الكويت أجلت قمة دول الخليج الفارسي المقبلة لتستضيفها خلال ستة أشهر المقبلة حتى عودة العلاقات الطبيعية بين دول الخليج الفارسي.
وحول كيفية تأثير ذلك القرار على طبيعة العلاقات بين دول مجلس تعاون الخليج الفارسي ومفاعيله وتبعاته على مستقبل العلاقات بين دول المنطقة كافة ووالإرهاصات التي قد تشير إلى تشكيل تحالفات جديدة في المنطقة، أجرت وكالة مهر للأنباء حوارا مع الخبير السياسي وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة القطرية الدكتور "علي الهيل". فيما يلي نص الحوار:
س: ما هي اسباب تاجيل قمة دول الخليج الفارسي؟
ج: أحد أهم اسباب تاجيل القمة الخليجية تعنت اعضاء دول الحصار إزاء الدعوات القطرية المتواصلة للحوار والجلوس إلى طاولة المفاوضات. وهذا ما أكده الشيخ "صباح الأحمد الجابر" راعي الوساطة بين دول الخليج (الفارسي)، من واشنطن وايضا من الكويت وايضا أكده وزير الخارجية الأمريكي "ركس تيلرسون" قبل مجيئه الى الرياض والدوحة، عندما ذكر بأن "دول الحصار الأربعة هي المسئولة عن اطالة أمد الأزمة مع قطر، لأنها ترفض الدعوات القطرية المتواصلة للحوار وإجراء المفاوضات المباشرة".
الأمير الكويتي وقبل خمسة ايام وتحت قبة البرلمان الكويتي، نعى بمجلس تعاون الخليج (الفارسي)، إذ قال أن الأجيال القادمة والتاريخ لن تسامح كل جهة ساعدت في تأجيج الخلاف بين دول الخليج (الفارسي)، وهو يومئ دول الحصار الثلاث بالتحديد في المنظومة الخليجية.
ثمة ما يشير إلى أن الأمير الكويتي لمس من السعودية والإمارات رغبتهما في عدم الحضور في القمة الخليجية، في حال إن حضرها أمير دولة قطر الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني". هاتين الدولين تريد تعيين دمية قطرية تسمى "عبدالله على عبدالله آل ثاني" أميرا لدولة قطر، وتريدان منح مقعد قطر الشرعي في مجلس تعاون الخليج الفارسي لهذه الدمية.
تلك تعد من أهم الأسباب التي زجت بأمير الكويت إلى تأجيل القمة إلى ستة اشهر المقبلة في أحسن الأحوال.
س: ما هي مفاعيل وتداعيات تأجيل قمة دول الخليج الفارسي؟
ج: لهذه التأجيلة ثمة تداعيات وردات الفعل، من أهمها التقرب من سناريو إنهيار أو على الأقل تصدع مجلس التعاون والمنظومة الخليجية. وبالتأكيد سيؤثر عدم إنعقاد القمة في موعدها على سمعة وتاريخ قمم مجلس التعاون التي لم تتخلف يوما واحدا عن موعدها منذ عام 1981، كما أن هذه المسألة تزيد من الشروخ الإجتماعية بين شعوب منطقة الخليج (الفارسي).
س: كيف يمكن الربط ما بين زيارة وزير الخارجية الأمريكي "ركس تيلرسون" وتأجيل قمة مجلس التعاون؟
ج: الولايات المتحدة الأمريكية التي تتمثل بوزير خارجيتها السيد "ركس تيلرسون" ليست معنية وليست حريصة على إنهاء الأزمة الدائرة بين دول الخليج (الفارسي) بتاتا وان كانت حريصة بالفعل لكانت أنهت عليها من خلال مجرد مكالمة هاتفية.
من وجهة نظري أن زيارة السيد تيلرسون إلى الرياض ومن ثم الدوحة والتي قد بدت من أجل إنها الأزمة الخليجية، في الحقيقة أجريت من أجل فرض مجلس التنسيق السعودي العراقي. استمرار الأزمة بين دول الخليج (الفارسي) وأيضا فرض مجلس تنسيق عراقي سعودي، كلا الأمرين يخدمان مصالح الولايات المتحدة الأمريكية.
لو أردنا أن نعبر بإيجاز وإختصار فان الولايات المتحدة ليست مهتمة ولا معنية بحل أزمة دول الخليج (الفارسي)، لأنها تستعمل هذه الأزمة كأداة إبتزاز لبيع أسلحتها لهذه الدول بالإضافة إلى العراق الآن.
س: اللقاء الذي جمع بين الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وضيفه الأمير الكويتي "صباح الاحمد الجابر" إستغرق أقل من نصف ساعة، كما انه لم يحضر المطار لإستقبال ضيفه الكويتي، كيف تفسر ذلك؟ هل يعد ذلك مؤشرا بأن فرص الحوار بين دول الخليج الفارسي باتت معدومة؟
ج: أعتقد أن كل من الكويت وقطر وسلطنة عمان باتت متضررة من تواجدها في مجلس تعاون الخليج (الفارسي)، وأن الملك سلمان لاحظ أن الأمير الكويتي الشيخ "صباح الاحمد الجابر" يدعم الوجهة النظر القطرية التي تتمتع بموضوعية أكثر وأنها تصب في صالح المنطقة وتقيها أي مشاكل عسكرية وإقتصادية طويلة الأمد وهي الدعوة الى الحوار.
الملك سلمان طلب من الشيخ صباح الأحمد، أن يناقش الأزمة مع أبنه الأمير "محمد بن سلمان" ولي العهد، وهذه تعد إهانة للشيخ صباح الأحمد الجابر الذي يحمل على كتفيه سنواته التسعين والذي يحرس على حل الأزمة ولم يألو جهدا لحلها. بادر الشيخ صباح الاحمد الجابر بالذهاب إلى واشنطن وزيارة السعودية والرياض ثلاثة مرات من أجل انهاء الأزمة وللأسف الشديد كان يواجه في كل مرة الإهانة تلوى الإهانة. نحن القطريون نحترم هذا الشيخ ونعتبره بطل هذه الأزمة لأنه يحرص بالفعل على إستتباب الأمن والإستقرار في المنطقة من حيث السياسي والإقتصادي والعسكري والإستراتيجي.
السعودية والإمارات تسعيان في تطبيق أجندات أجنبية بل صهيونية مئة في المئة ومن لايدرك ذلك، فإنه لا يفقه في أبجديات السياسة أي شيء.
س: هل تعتقد ان سياسات دول الحصار ستؤدي الى تغيير سياسات قطر في المستقبل؟
ج: لا اعتقد ذلك، لأن الجبهة الداخلية في قطر متماسكة والدليل على ذلك أن الشيخ "تميم بن محمد آل ثاني" امير دولت قطر غادر الدوحة مرتين، المرة الأولى زار تركيا و المانيا وفرنسا والجمعية العامة للأمم المتحدة وألقى خطابه المعروف فيها، ثم عاد إلى الدوحة وثم خرج من الدوحة ثانية ليزور ماليزيا وسنغافورا وأندونيسيا وعاد إلى قطر. وهناك بعض المعلومات لدى تقول أن هناك جولة ثالثة إلى جمهورية صربيا.
السياسات القطرية لا تتغير لأن المطالب الـ 14 التي تحاول دول الحصار الأربعة فرضها على قطر، هي مطالب غير مقبولة وغير معقولة على لسان تيلرسون، لأنها تمس السيادة القطرية وتمثل فرض وصايا على دولة قطر.
نحن القطريون شعبا وحكومة نرفض أي وصاية ونرفض أي مساس بالسيادة الوطنية القطرية وجثثنا ستكون معبرا لأي شخص يحاول العبث بالسيادة الوطنية القطرية.
القطريون لم يكونوا على رضا من قرارات مجلس تعاون الخليج (الفارسي) حتى قبل الأزمة وذلك بسبب أن المنظومة الخليجية كانت تطلب من قطر أن تخفض رواتب المواطنين القطريين لتتساوى مع رواتب مواطني السعودية وايضا طالبت هذه المنظومة الحكومة في قطر بفرض رسوم الكهرباء والماء وضرائب الدخل وضرائب القيمة المضافة على الشعب القطري، ورفضت ذلك قطر على أساس مطالبة شعبية قطرية.
س: هل تتوقع حل مجلس تعاون الخليج الفارسي؟
ج: ان اضطرت قطر الخروج من مجلس تعاون الخليج (الفارسي) حرصا وتحصينا لأمنها السياسي والإستراتيجي والإقتصادي والإجتماعي، فإنها لن تتأسف لإنسحابها من هذا المجلس الدمية في يد السلطات السعودية والذي ينقاد بعقلية عشائرية وليست بالعقلية الحديثة.
لو إنسحبت دولة قطر وسلطنة عمان والكويت نتيجة التعنت السعودي الإماراتي، فلا أستبعد انهيار المجلس تعاون الخليج (الفارسي) بصورته الحالية.
قد تدخل السعودية والإمارات، العراق واليمن لكن من الجانب الآخر سيوجد كل من قطر وعمان والكويت شكلا تعاونيا آخر./إنتهى/
أجرت الحوار: مريم معمارزاده