وأفادت وكالة مهر للأنباء، في مقابلة اجرتها مع الصحفي والباحث اللبناني توفيق شومان حول قضية احتجاز الحريري وعواقبها ان قضية الحريري قد تعيد لبنان إلى احدى دوائره القديمة بجملة من الصراعات التي قد تبدأ في حال ثبت عدم عودته وستنتهي بمسلسل مكسيكي طويل عنوانه الاضطرابات من جديد تحوم حول لبنان، يتصارع أبطاله على تقسيم مناصب الحكومة، وتحديات القوى المنتاحرة في المنطقة حول شخصية رئيس الحكومة المقبل الذي باستطاعته أن يخدم الصراع الأزلي الدائر.
ورأى شومان ان التوقعات و التكهنات التي ارتبطت باحتجاز سعد الحريري هي توقعات تحولت إلى قناعات والقناعات تحولت إلى يقينيات مضيفاً ان ذهاب سعد الحريري إلى فرنسا حل في منتصف الطريق ولكنه حل لصالح السعودية وليس حلاً لصالح لبنان والآن في حال ذهاب سعد الحريري إلى فرنسا يعني عدم ذهابه إلى بيروت كأنه يعيش في منفى سياسي وهنا بيت القصيد، منوهاً كأن السعوديين اشترطوا على سعد الحريري بألا يعود إلى بلده لبنان بل أن يعيش في الخارج.
ورداً على سؤال حول تقييم الدور الفرنسي وعدم اعتباره تدخلاً، قال شومان أظن أن الفرنسيين يقومون بنوع من الدبلوماسية معتبراً قيامهم بهذا الدور مقبولاً لحل هذه الاشكالية اللبنانية الوطنية من خلال ايجاد حل وسطي بين لبنان والسعودية مُذكراً بأن سعد الحريري يحمل جنسية فرنسية وان الفرنسيين بصورة عامة منذ وصول الرئيس ماكرون إلى الرئاسة الفرنسية يحاولون ان يصيغوا سياسة شرق وسطية شبه أوسيطة وان بعض مواقفهم اتجاه الملف السوري قد تغيرت والان الى حد ما كان هناك مجموعة من التصريحات التي صدرت من كبار المسؤولين الفرنسيين حول ما له علاقة بالرئيس سعد الحريري مردفاُ أن الموقف الفرنسي إزاء هذه القضية كان شبه إدانة لذلك يعتبر الدور الفرنسي شبه مقبول وربما الاحداث او الاقتراحات الاخرى ستخضع لمعادلة لكل حادث حديث.
واعتبر شومان ان عدم عودة سعد الحريري شبه مطلقة وشبه يقينية وخلال الايام القليلة المقبلة سيذهب إلى فرنسا وهذا موقف رسمي من الرئاسة الفرنسية حول هذا الموضوع مؤكداً على ان عودة سعد الحريري امر مشكوك فيه لانه يظن ان هناك صفقة عقدت بين الرياض وباريس تقتضي بعدم عودته إلى لبنان وبالتالي تقريباً العيش في منفى سياسي في العاصمة الفرنسية بانتظار ما يمكن ان يحدث في المستقبل، منوهاً إلى اصداء الاراء التي تدور الأن في لبنان حول رغبة السعوديين أن يتولى شقيق الرئيس سعد الحريري "بهاء الحريري" رئاسة تيار المستقبل وبالتالي يمكن ترشيحه لرئاسة الحكومة اللبنانية المقبلة في حال اجرى الرئيس ميشيل عون الاستشارات النيابية اللازمة.
وردا على سؤال "في حال عدم عودة سعد الحريري إلى لبنان كما هو متوقع كيف ستصبح الصورة في لبنان"، قال توفيق في الحقيقة هناك موقف وطني محترم ورفيع جداً للرئيس ميشال عون الذي اعتبر ان احتجاز الرئيس سعد الحريري يمثل عملاً عدائياً ضد لبنان مشيراً إلى الظروف والمفردات التي تمت بها استقالة سعد الحريري التي كان المراد منها حدوث اضطراب بين المقاومة اللبنانية والدول اللبنانية ولكن الذي جرى خلال ظروف الاحتجاز وظروف الاستقالة أن المعادلة انقلبت واصبحت بين دولة ودولة يعني بين لبنان والمملكة العربية السعودية.
وأضاف شومان ، انه يعتقد بل يكاد يجزم ان هناك خسارة مريعة للملكة العربية السعودية في دفع الرئيس سعد الحريري الى هذا الاتجاه من خلال الطريقة التي تمت بها، مشيراً إلى ان المشكلة الأن ليس بين الدولة اللبنانية وحزب الله وانما بين الدولة اللبنانية والدولة السعودية.
واجاب شومان حول خيار السعودية التالي ازاء لبنان في ظل نهاية العهد الحريري، أنه يجب على الرياض إعادة حساباتها تجاه الشأن اللبناني وتجاه فعلتها الغير مقبولة سواء على المستوى السياسي أو المستوى الاخلاقي أو الدبلوماسي و... مضيفاً ان هناك على كل المقاييس خسارة مريعة وفادحة للسعودية واضحة وان هذه الخسارة ناتجة عن فعل متهور اقدمت عليه الرياض وفي حال استمرارها على الموقف ذاته فأن الامور سوف تتحول إلى نوع من الجفاء الشبه المطلق بين بيروت والرياض وفي حال العكس سوف يعود بالنفع على البلدين.
وأكد أنه لا يبدو أن السعوديين في صدد التراجع عن موقفهم الأن، وانما سعوا أن يتحول لبنان إلى بؤرة توتر ولكن سقط هذا الرهان، منوهاً إلى انه يجب الانتظار لنرى في ما اذا اكان لديهم اوراق اضطراب اخرى مخفية او لا.
وعلق على سؤال "في حال عدم ذهاب الحريري إلى فرنسا ما الاجراء الثاني"، قال شومان ان الرئيس ميشال عون كرر اكثر من مرة في هذا الشأن أنه في حال استمرار السعوديين بحجز الحريري فإن لبنان سوف يتوجه إلى مجلس الأمن الدولي لطرح هذه القضية وخصوصاً هذا الموقف الذي طرحه العماد عون تلاه واعقبه تصريحا لافتاً جداً عندما اعتبر احتجاز سعد الحريري وعائلته أيضاً هو تصرف يرقى إلى عمل عدائي.
وأضاف أن لدى اللبنانيين أكثر من خيار وتحديداً لدى الرئيس ميشيل عون وأولهم الخيار الدبلوماسي وهذا مايقوم به وزير الخارجية جبران باسيل والخيار الثاني طرح قضية الرئيس سعد الحريري في مجلس الأمن الدولي./انتهى/
أجرت الحوار: شيرين سمارة