وكالة مهر للأنباء - فاطمة صالحي: رأى الكاتب والصحفي اليمني عباس السيد ان الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي شهدتها السعودية مؤخراً على يد ولي العهد السعودي محمد بن سمان تأتي ضمن إطار رؤية " المملكة 2030 " وهي في الحقيقة إحدى الأدوات التي يسوقها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للقفز على منافسيه وفرض نفسه في قمة السلطة.
وأوضح الكاتب اليمني أن بن سلمان بدأ رؤيته وإصلاحاته بإجراءات وقائية لتأمين طريقه إلى العرش ، وذلك من خلال اعتقال منافسيه وخصومه من الأمراء ومراكز القوى والنفوذ الاخرى ، بذريعة مكافحة الفساد ، مع انه لا يعد قدوة في النزاهة والحرص على المال العام . كما أن اجراءاته في محاربة الفساد تفتقد للشفافية وتخضع للصفقات والابتزاز، منوهاً إلى أنه مع غياب الاصلاحات السياسية ، تبدو الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المعلن عنها ، مجرد رشوى للخارج وبعض الداخل لدعم طموح الأمير الشاب في الوصول إلى العرش.
ورأى الكاتب اليمني السيد في تعليق على سؤال مراسلة وكالة مهر للأنباء حول أسباب الاصلاحات حالياً أن بقاء النظام السعودي كحليف سياسي واقتصادي ، يشكل حاجزا للقوى الغربية واسرائيل ولذلك ، ستعمل هذه القوى على مواصلة دعمها لهذا النظام سياسياً وأمنياً. بعض تلك الاصلاحات التي ينفذها محمد بن سلمان ، وخصوصا تلك التي استهدفت المؤسسة الدينية الوهابية ، والأمراء من الاسرة السعودية ، تمت بمباركة الخارج ـوبالتحديد أميركا واسرائيل او بناءاً على نصائح منهم . فالمؤسسة الوهابية انتجت خلال العقود الماضية فائضاً من الإرهابيين يزيد عن حاجة المملكة وحلفائها في الغرب الذين كانوا شركاء في تدريب وتأهيل الميليشيات الإرهابية المتطرفة واستخدامها في الكثير من بقاع العالم .
وتابع الصحفي اليمني أن حزمة اخرى من الإصلاحات تبدو اشبه بمنظومة من المقايضات التي تلبي - بنسب متفاوتة - حاجة الأطراف المختلفة - بن سلمان ، الخارج ، الشعب السعودي - والأخير هو الخاسر الوحيد في تلك المقايضات، ومثلما يستغل بن سلمان حاجات شعبه ، يستغل حلفاؤه حاجته وطموحه الجامح للعرش.
وحول تزعم بن سلمان "الاسلام المعتدل" كما يدعي وردود الرئيس التركي على هذا الادعاء، رفض الصحفي اليمني عباس السيد هذه الرؤية قائلاً: في الحقيقة ليس هناك اسلام معتدل وآخر متطرف أو غير معتدل . الإسلام دين واحد ، مبادئه وغاياته واحدة ، وهو رحمة للعالمين، مردفاً أن" الاسلام المعتدل " مصطلح سياسي ظهر حديثا في إطار سعي قوى الهيمنة والإستعمار لتقسيم العالم الإسلامي إلى محاور او معسكرات وفقاً لمواقفها من الكيان الإسرائيلي . والتنافس التركي السعودي لتزعم هذا المحور ، مما سيؤدي إلى مزيد من الإنقسام والتشظي بين البلدان الإسلامية " المعتدلة " نفسها.
واعتبر السيد أن ما تشهده المنطقة حالياً من خلافات واصطفافات بين دول مجلس تعاون الخليج الفارسي التي تنذر بتفكك المجلس، بالإضافة إلى الخلافات التي برزت مؤخراً بين الإمارات والاردن وتونس ، وبين السعودية والسودان ، وبين الأخيرة ومصر ، يعد دليلاً على عدم قدرة النظام السعودي الحالي على قيادة أي محور او تحالف سياسي استراتيجي .
ونوه الكاتب اليمني إلى أن الإصلاحات التي ينفذها بن سلمان ستعمل على اضعاف الدور السعودي في المنطقة ، وستخلق المزيد من العوائق الإضافية أمام طموحات ولي العهد السعودي لتزعم محور "دول الاسلام المعتدل"، معللاً ذلك بأن الإصلاحات ، تقوض الركائز الأساسية التي تأسست المملكة عليها ، وهي: المؤسسة الدينية الوهابية ، تماسك الأسرة السعودية ، عائدات النفط التي استثمرت كرشوى للداخل والخارج . ولم تستغل لتحقيق تنمية بشرية واقتصادية حقيقية، مضيفاً ان تقويض تلك الركائز سيضعف الدور السعودي في المنطقة ، إن لم يهدد استقرار المملكة ووحدتها السياسية والجغرافية.
وعن انقسام الشارع السعودي بين طيف الشباب المرحب بالاصلاحات وطيف رجال الدين والوهابيين، رأى الكاتب اليمني أن الشعب العربي في نجد والحجاز لم يكن مصدراً للسلطة ، أو مؤثراً فيها منذ تأسيس المملكة، موضحاً أن الإصلاحات الاجتماعية والثقافية قد تستقطب بعض الشرائح في المجتمع السعودي من فئة الشباب والنساء ، لكن هذه الشريحة تعد جزءاً من الشعب المحروم من حقوقه السياسية الأساسية ، الشعب الذي يمنع من التصويت أو الخروج للشارع للتعبير عن رأيه ، مع الملك أو ضده.
وتابع قائلاً أن المؤسسة الدينية الوهابية التي تعتبر إحدى الركائز التي قامت عليها الدولة السعودية منذ تأسيسها، تقوض الآن ، ليس لأن الإصلاحات أحلت بعض ما كان محرماً فحسب ، بل لأنها تدفع بشريحة كبيرة ومؤثرة ، بما كان لها من نفوذ ومصالح ، إلى الهامش، مضيفاً أن صمت رجال الدين الوهابيين ربما يكون مؤقتاً ، بفعل الصدمة والإرباك ، لكن هذا الصمت لن يستمر طويلا . والأمر ذاته ينطبق على بقية الفئات المؤثرة داخل الأسرة السعودية وخارجها، فحين تعيد تلك الفئات تنظيم صفوفها ، سيلتحق بها الشعب ، مهما كانت قبضة النظام الأمنية . /انتهى/