اكد المحلل السياسي الاردني ان جملة التغيرات التي يسعى اليها العهد والحكم الجديد في السعودية لتنفيذها "ولو شكلياً وإعلامياً " ،جاءت تحت ضغط المنظمات والمؤسسات الدولية ولارضاء الادارة الأمريكية الجديدة وبعض العواصم الغربية وذلك بهدف تقديم شهادة حسن سلوك لنفسه غربياً.

 وكالة مهر للأنباء-فاطمة صالحي:  ان الإصلاحات التي قام بها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان آل سعود اسئلة كثيرة بشأن مستقبلها وامكانية تحقيقها  حيث اعتبر بعض المراقبين السياسيين  ان هذه الخطوات يمكن أن تنقلب عليه في نهاية المطاف.

ما تشهده المملكة في عهد الملك سلمان وابنه محمد، يتجاوز مسالة التطهير وتعزيز سلطتهما واليوم يعتبر "انقلاب" ليس من قبل الجيش ولكن من قبل الملك وتحت سلطته الخاصة وإذا نجحت فإنها ستغير هوية السعودية ودستورها، بينما النظام الجديد حتى وإن ظهر بمظهر الإصلاحي، إلا أنه أيضا لا يختلف عن القديم لكونه نظاما استبداديا".

في هذا السياق اجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء حوار مع الكاتب والمحلل السياسي الأردني هشام الهبيشان وفيما يلي نص الحوار:

۱. تجري اصلاحات اقتصادية واجتماعية وثقافية‌ في السعودية في إطار رؤية ۲۰۳۰ تحت قيادة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وتحديداً في مجال الخصخصة واعطاء جواز القيادة للنساء وحضورهن في الملاعب والسؤال هو أنه إلی متی تقدر السعودية علی تحقيق الاصلاحات الاقتصادية والثقافية نظرا إلی أهمية تحقيق التطور السياسي والإقتصادي بالتزامن مع بعضهما ؟

بالبداية هنا  علينا تأكيد إن ما تعيشه السعودية اليوم من تطورات ومتغيّرات جديدة في هيكلية الحكم وما تبع ذلك من تغيرات بالمنهجية الثقافية والاقتصادية ، وما يقوم به النظام السعودي  أو عهد الحكم الجديد من حروب جديدة في المنطقة العربية والإقليم ككل، يعيدنا إلى المشروع الذي تقدم به ماكس سينجر مؤسس معهد هدسون منذ سنوات للمسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية حول رؤيته لتقسيم السعودية والتي تمحورت ضمن أهداف عدة، منها إقامة جمهورية إسلامية شرق البلاد تضم حقول البترول فقط، مع الإبقاء على حكومة ملكية في باقي السعودية يحكمها «الأمراء الشباب الذين يحظون بدعم أميركي»، على أن تكون هذه الحكومة الملكية عرضة للسقوط بعد وقف الدعم عنها، والواضح اليوم أنّ فصـول هـذه الخطـة بـدأت تطبـق تدريجيـاً فـي السعودية... فالموضوع هنا لا يتعلق بجملة الاحاديث عن الاصلاحات وتزامنها مع بعضها ومنح مزيد من الحقوق للمرأة .. بقدر ماهو موضوع يتعلق بمشروع  أمريكي  يستهدف استنزاف المال السعودي بالدرجة الأولى وبعد ذلك تركها لمصيرها المجهول ..وهنا عندما نتحدث عن رؤية ۲۰۳۰ فعلينا أن ننظر جيداً لصراع اجنحة الحكم  في الداخل السعودي ،وعلينا كذلك النظر للاقتصاد السعودي في الفترة الحالية وعلى المدى المتوسط ، فالمعطيات الاقتصادية السعودية الحالية تؤكد أن الاحتياطيات المالية للرياض ستنفد بحلول عام۲۰۲۳ ..  علاوة على ذلك هناك انخفاض ملحوظ في الأسهم المالية ، وصاحب ذلك رفع في  أسعار الوقود  ، وهناك احاديث عن وقف دعم الماء والكهرباء ،علاوة على ذلك هناك  عجز  في الموازنة السعودية تجاوز الـ ۱۶% من الناتج المحلي الإجمالي ،ومبيعات النفط لا تغطي سوى نصف تكاليف ما تحتاجه السعودية اليوم ،  فالسعودية وعلى المدى المتوسط ووفق المعطيات الاقتصادية  الحالية مضطرة إلى الدين و اقتراض المال ،ووفق المعطيات الاقتصادية المذكورة أعلاه إضافة إلى جملة عوائق ثقافية – سياسية في الداخل السعودي ،يمكن القول أن رؤية "۲۰۳۰" هو مشروع لا يمكن لأي متابع أن يعطي مؤشرات ايجابية لنجاحه .. فهو مشروع كتب على الورق .. وباعتقادي سيبقى على الورق ولن يرى النور .

۲. البعض يقول أنه تم تحقيق هذه الإصلاحات تحت الضغوط الأجنبية کما أن البعض يقول أنها نتيجة الحاجات الداخلية للسعودية ما هو تعليق حضرتک؟

لا يخفى على أي متابع للملف السعودي ، ان جملة التغيرات التي يسعى اليها العهد والحكم الجديد في السعودية لتنفيذها " ولو شكلياً وإعلامياً " ،جاءت تحت ضغط المنظمات والمؤسسات الدولية ولارضاء الأدارة الأمريكية الجديدة وبعض العواصم الغربية ، فالعهد السعودي والحكم الجديد يحاول من خلال الحديث عن هذه التغييرات تقديم شهادة حسن سلوك لنفسه غربياً ، بعد جملة الانتقادات التي كانت توجه لحكام السعودية على خلفية التعاطي بتشدد مع جملة  مطالب غربية باحداث تغييرات واصلاحات بالداخل السعودي ، فجملة هذه التغييرات والاصلاحات التي يتم الحديث عنها جاءت بالتأكيد تحت الضغوط الغربية ،مع عدم اغفال ان هناك حاجات سعودية داخلية فرضت نفسها وبقوة ودفعت العهد والحكم السعودي الجديد للتعاطي معها وفق نهج مختلف. 

۳. يري بن سلمان نفسه زعيم الاسلام المعتدل کما أبدی الرئيس الترکي رجب طيب اردوغان ردا شديدا علی هذه النظرة مؤخرا ما هو رأيك بشأن المساعدة التي تقدمها الإصلاحات في السعودية علی تحقيق ما يريده بن سلمان حيال العالم الإسلامي؟

علينا هنا  توضيح مسألة هامة ، فعندما نتحدث عن مصطلح  الاسلام المعتدل ،فلايوجد لهذا المصطلح أي تعريف من منظور إسلامي ، فالاسلام هو الاسلام " دين ونهج واضح المنهج والمضمون والسلوك"،فلايوجد هناك  اسلام متشدد أو معتدل ، وليس بعيداً عن الخطاب الغربي ومحاولة تشويه صورة الاسلام ، ومحاولة البعض تصدر زعامة ذلك النهج المعتدل " والمقصود به غربياً النهج المتعاطي والشريك للمشروع الغربي  والصهيوني الساعي لتدمير وتمزيق الأمة الاسلامية " ،وهنا نعود لمضمون وتراتبية السؤال الرئيسي ،لنقول أن المسألة هنا لاتتعلق بصراع بن سلمان  أو اردوغان على زعامة ذلك الاسلام المعتدل "والمرفوض مصطلحاً كما قلنا " ولا تتعلق باصلاحات بن سلمان بالداخل السعودي" والتي ما زالت اصلاحات شكلية وتلقى رفضاً من فئات عدة في الداخل السعودي" ، فموضوع الزعامة الاسلامية  يتعلق بالاساس بموضوع ارتباط هذه الزعامة بهموم وأزمات ومشاكل الأمة ، وباعتقادي ان العهد والحكم الجديد مازال بعيداً كل البعد عن هموم وأزمات ومشاكل الأمة .

۴. يمکن أن تروق الاصلاحات في السعودية للشباب والنساء وبعض المجموعات الإجتماعية لکن من شأنها أن تمس برجال الدين والوهابيين في المملکة والسؤال أنه هل يمکن أن تؤدي الاصلاحات إلي توفير الأرضية‌ للإضطرابات الاجتماعية في البلاد؟

 للآن لا يمكننا الحكم عن طبيعة  تأثير تلك الاصلاحات المتوقع ان يقوم بها العهد والحكم الجديد في السعودية ، فمازالت هناك سطوة وتأثير للمتشددين بالداخل السعودي ، وهذه السطوة من الطبيعي أن تحدث جملة اضطرابات اجتماعية – امنية – ثقافية بحال تنفيذ جملة الاصلاحت التي يتحدث عنها العهد والحكم الجديد في السعودية ،والعهد والحكم الجديد في السعودية مازال يأخذ بالحسبان بالتأكيد سطوة المتشددين في الداخل السعودي ،وبنفس الوقت يأخذ منها حجة لتأخير القيام بجملة اصلاحات يحتاجها الداخل السعودي بالتأكيد .